«العبودية الجنسية».. القضاء اللبناني في مواجهة الاتجار بالسوريات

بعد 3 أسابيع من فضيحة الاتجار بفتيات من سوريا والعراق، وإرغامهن على الدعارة داخل ملهى ليلي في بيروت، أصدر القضاء اللبناني أمس، الأربعاء، قراره الظني في القضية، التي هزت «بلاد الأرز».

وسلطت القضية الضوء على ملف الاتجار بالبشر في لبنان، لتتدحرج عملية قفل الملاهي المشبوهة، وتشمل 13 منها في ساحل كسروان، يشغّل كل منها بين 15 و60 فتاة، حسب ماذكرته صحيفة «الرأي» الكويتية الثلاثاء 19 أبريل/ نيسان.

وطلب القرار الظني اعتبار أفعال 23 مدعى عليهم في قضية ملهي «شي موريس» و«سيلفر ب»، منهم 15 سوريا، جرائم يعاقب عليها القانون المتعلق بالاتجار بالبشر.

وتنص المادة 586 من القانون على عقوبة الاعتقال 5 سنوات والغرامة من 100 ضعف إلى 200 ضعف الحد الأدنى للأجور في حال تمت هذه الأفعال مقابل منح مبالغ مالية.

وحسب الصحيفة، اعتبر القرار قيام طبيب وممرضة بإجهاض بعض الفتيات جناية عقوبتها الحبس من 4 إلى 7 سنوات. 

واستمع التحقيق إلى إفادات 10 فتيات، قلن إنهن استدرجن من سوريا للعمل في مجالات شرعية، قبل أن يقوم المدعى عليه الفار «عماد.ر» باحتجازهن داخل الملهى رغما عن إرادتهن، وحجز أوراقهن الثبوتية وهواتفهن الخلوية، وإرغامهن على العمل في مجال الدعارة دون مقابل.

وذكرت إحدى المدعيات، أن زوجها باعها إلى شخص باعها بدوره إلى «عماد.ر» لقاء 4 آلاف و500 دولار، وأرغمها على ممارسة الرذيلة يوميا دون مقابل.

واعترفت حارسات الملهى بمراقبة الفتيات المحتجزات، كما تبيّن أن الفتيات اللواتي كن يحملن عن طريق الخطأ يتم إجهاضهن في عيادة الطبيب المدعى عليه، لقاء مبالغ تتراوح بين 200 إلى 300 دولار.

specials_extremism-ISIS-and-sexual-slavery-fanack-hollande-hoogte-1200x801

روايات العبودية الجنسية

في غرفة مظلمة طليت نوافذها باللون الأسود، سرير علق فوقه سوط وثياب داخلية نسائية ملقاة على الأرض، في هذا المكان المقزز والأشبه بزنزانة داخل أحد بيوت الدعارة في شمال بيروت، خضعت سهى ولسنوات طويلة مع العشرات غيرها لـ«العبودية الجنسية».

وتقول سهى (27 عاما)، التي تستخدم اسما مستعارا في مقابلة ساببقة مع وكالة فرانس برس، «كان علينا ممارسة الجنس مع 15 إلى 20 رجلا في اليوم، وأحيانا يصل العدد إلى 40».

وتضيف سهى، التي لجأت إلى إحدى مدن جنوب لبنان، «لم نكن نخرج من المحل، كان الحراس يحضرون لنا كل شيء: الثياب والماكياج والطعام».

تعذيب وجلد

تروي سهى، التي تمكنت من الفرار من سجنها، قبل 4 أشهر من الكشف عن الشبكة، كيف كان يجب على الفتيات إرضاء الزبون أيا كانت رغباته، وتقول الشابة السمراء، «إذا رفضت إحدى الفتيات ممارسة الجنس الشرجي أو دون واق ذكري، أو في حال عبّر الزبون عن عدم رضاه، يتم جلدها بعد ربطها على الطاولة في ساعات الصباح الأولى».

وفرّ معذب الفتيات، وهو عنصر سابق في المخابرات الجوية السورية، قدمته السلطات بحرفي اسمه الأولين «ع.ر» إلى سوريا، وفق مصادر أمنية، وكان يدير بيتي الدعارة «شي موريس» و«سيلفر» في منطقة المعاملتين المعروفة بملاهيها الليلية، شمال بيروت.

وتدخن سهى سيجارة تلو أخرى، وتقول «بعد إغلاق المحل في الصباح، كان «ع.ر» يمدد الفتاة بثيابها الداخلية على طاولة، ويضربها بالكرباج أو بواسطة ماسورة، ويرمي عليها مياها باردة،وإذا حاولت الهرب، يلاحقها بالضرب بقدميه على رأسها وبطنها».

«كان التعذيب يحصل أمام جميع الفتيات ليكون درسا لهن في حال عدم خضوعهن، وفي إحدى المرات، اضطرت شابة للبقاء شهرا كاملا في السرير، نتيجة الضرب المبرح»، حسب سهى.

وتؤكد سهى أنه لم يكن يسمح للفتيات بالخروج إلا في حالة واحدة، إذا أثارت إعجاب «ع.ر»، فيأخذها معه «ليمارس الجنس معها، فتقضي الليل لديه، وبذلك يختبر كيف تقوم بعملها، وكأنها مجرد سلعة يجربها ويعيدها إلى المحل».

وتم استدراج سهى من جنوب سوريا حين كانت في الـ18 من العمر إلى لبنان، مثلها مثل غالبية الفتيات من ضحايا الاتجار بالبشر في العام 2008، إذ وعدها أحد معارف «ع.ر» بالعمل كنادلة في مطعم، وفور وصولها، صدمت بما كان ينتظرها، وتقول «حين رفضت العمل، ضربني وقال لي: دفعت 3 آلاف دولار لأحصل عليك، تأخذين حقك وتعطيني حقي».

أجنة مدفونة

ويقول المقدم جوزف مسلم، رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، إن التحقيقات كشفت أن «الفتيات كن يحتجزن فور وصولهنّ إلى لبنان، وتتم مصادرة أوراقهنّ الثبوتية، وهواتفهنّ الخلوية، وكان يمارس عليهم رق واستعباد حقيقي».

وأوضح مسلم، أن القوادين يختارون في سوريا (الفتيات) من عائلات هشة أو اللواتي فقدنّ والدهن ووالدتهن، ليحولوا دون أي ملاحقة جدية في لبنان، ويشير إلى أن عدد المومسات وضحايا الاتجار بالنساء ارتفع مع بدء الحرب السورية قبل 5 سنوات.

«كان بعض القوادين يعرضون العمل على الفتيات، وآخرون يعدونهن بالزواج، قبل إحضارهن إلى لبنان»، وفق ما تقول مايا عمار، منسقة التواصل في جمعية «كفى» المدافعة عن حقوق المرأة، والتي أخذت على عاتقها، مع جمعيات أخرى، حماية بعضًا من الضحايا بعد تحريرهنّ، وتضيف «تم اغتصاب عددًا من النساء في اليوم الأول لوصولهن، بغية اخضاعهنّ».

وحسب سهى، كان يتم شراء بعض الشابات، وبالتالي تبقين سجينات إلى وقت غير محدد، واستئجار أخريات لبضعة أشهر، قبل نقلهنّ للعمل مع شبكة أخرى، وتقول «طوال هذه السنوات، شعرت أنني مجرد قمامة، لم أكن أشعر بجسدي، فهو ملك لأناس يستعبدوني، هو ملك للزبائن».

وبالإضافة إلى «العبودية الجنسية» والضرب والتعذيب، كانت الفتيات يجبرن أحيانا على الإجهاض القسري «إن كان لدى طبيب أو عن طريق أدوية»، وبعد الإجهاض، كان الجنين يؤخذ ويدفن في الحديقة الخلفية لشي موريس».

ونتيجة الإجهاض القسري هذا، كانت غالبية الفتيات تصاب بالتهابات وأمراض داخلية.

ويقول مسلم، إن فتيات كثيرات فكرنّ بالانتحار بسبب «رعب حقيقي» كن يشعرن به، خصوصا وأن القوادين «أقنعوهن أنهم قادرون على القيام بما يشاؤون وأنهم يتمتعون بنفوذ قوي في لبنان».

ويقول سكان المنازل المحيطة بشي موريس، لفرانس برس، إنهم كانوا يسمعون صراخ الفتيات، لكن فور أن يقوم أحدهم بإبلاغ الشرطة، يتوارى «ع.ر» عن الأنظار.

قوانين متناقضة

وتقول سهى، إن الفتيات لم يكن يتجرأنّ على الحديث مع الزبائن، لكن وبعد معاناة طويلة، نجح عدد منهنّ بالفرار في بداية نيسان/ أبريل بمساعدة بعض الزبائن.

وتتراوح عقوبة المتورطين في الاتجار بالبشر، بين 5 إلى 15 عامًا في السجن، وفق قانون جديد دخل حيز التنفيذ في العام 2012، لكن بحسب عمار، هناك قانونان متناقضان الأول يعاقب الفتاة التي تمارس الدعارة والثاني المتعلق بالإتجار بالبشر والذي يعتبرها ضحية، وتنتقد عمار «الازدواجية» في المجتمع اللبناني، مشيرة إلى أن بيوت الدعارة المنتشرة في المعاملتين ليست سرًا على أحد.

وتشير عمار إلى حالات «أقل تطرفًا إنما يتم تجاهلها»، مثل الفتيات القادمات من روسيا وأوروبا الشرقية واللواتي يحملنّ «تأشيرة فنانات» يمنحها لهنّ الأمن العام اللبناني، لكنهن في الواقع يمارسنّ الدعارة.

وتوفر الجمعيات حاليا الرعاية الطبية والنفسية والمساعدة القانونية لضحايا شبكة الاتجار بالنساء، ما يتيح لهن بدء حياتهن من جديد، واختار البعض منهنّ رفع دعاوى قضائية لتحصيل حقوقهن، بينما عادت أخريات إلى سوريا، ويلاحق سهى شعور بالغضب إذ تقول «لقد دمروا حياتنا».

«الدعارة» مقابل «الحياة»

4201618172034871380367-01-02

داخل هذه الغرفة التى يحفها الظلام من كل مكان، قررت أن تبقى بعد أن اختارت الهرب حلا كي تنجو بجسدها وبنفسها من نيران الاستغلال الجنسي، التي لاحقتها بمجرد أن وطأت قدميها أرض لبنان، بعد هروبها من الحرب المشتعلة في بلادها سوريا.

ظنت أنها ستنجو أخيرا من نيران الحرب، ولكنها لم تعرف أنها ستتذوق ألما ووجعا لا يقارن بهذا الألم الذى عاشته من قبل فى بلدها سوريا، التى دمرتها الحرب، ونخر بها الخراب، فحظها في لبنان لم يكن أفضل بكثير من حظها في بلادها.

قررت أن تخفي وجهها، قررت كذلك أن تحجب اسمها عن الجميع، فما تذوقته من ألم على مدار رحلتها في الهرب من سوريا إلى لبنان كان كافيا، فلم ترغب في أن تكون عُرضة للسب أو الفضيحة أكثر من ذلك.

الصور التي نقلتها الوكالة الفرنسية توضح لقطات خاصة من حياة هذه الفتاة اليومية، والتي تعكس من خلالها كيف أصبحت الحياة قاسية عليها ولم يعد لها أي رفاق في هذه الدنيا سوى لاب توب صغير وعلبة سجائرها، التي تصنع لها من الدخان شريكا في هذه الوحدة القاتلة.

4201618172034871380372-01-02 4201618172034871380376-01-02 4201618172034871380377-01-02

هذه الفتاة التي تم القبض عليها ضمن شبكة دعارة كانت تعمل بها أكثر من 75 امرأة سورية، تم إجبارهم على العمل بالدعارة مقابل السماح بالعيش، هذه الضريبة التي دفعت هذه الفتاة ثمنها غالي، ولكنها قررت أن تغيير شكل هذه الحياة التي كانت الحرب سببا فيها، فهربت إلى هذا البيت وابتعدت عن حياتها السابقة، وقررت أن تبقى وحيدة تعيش على الشموع بعد أن زهدت الحياة التي ألمتها.

يذكر أن السلطات الأمنية اللبنانية كانت قد أعلنت في الأول من أبريل/ نيسان الجاري، توقيف شبكة للاتجار بالبشر خلال عملية نوعية، حررت على إثرها 75 فتاة معظمهن سوريات، واصفة الشبكة بالأخطر من نوعها.

وأكدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، أنها تمكنت من كشف هوية مجموعة أشخاص يشكلون أخطر شبكة للاتجار بالبشر في لبنان، وأوقفتهم في محلة جونيه شمالي بيروت.

وأضاف بيان للسلطات الأمنية، أن الفتيات تعرضن للضرب والتعذيب النفسي والجسدي، وأجبرن على ممارسة البغاء تحت تأثير التهديد بنشر صورهن عاريات.

ولفت البيان إلى أن الفتيات سلمن إلى عدد من الجمعيات بناء على طلب القضاء المختص، فيما زال التحقيق مستمرا لتوقيف باقي أفراد العصابة والمشاركين في هذه الجريمة.

وزاد من وقع الصدمة، توجيه سياسيين اتهامات لمسؤولين في شرطة الآداب بالتواطؤ مع القائمين على شبكة الاتجار هذه، فضلا عن إقفال عيادة طبيب نسائي اعترف -حسب الأمن الداخلي اللبناني- بإجراء 200 عملية إجهاض للفتيات.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]