على الرغم من تعقيدات الأجواء السياسية في العراق خلال العقود الأخيرة، ما بين أزمات الطائفية والتدخلات الخارجية وملف الإرهاب، ومواصلة حرب ضد تنظيمات عنيفة كالقاعدة وداعش، لكن يظل ذلك التداخل بين سطوة الميليشيات المسلحة الموالية لإيران ذات بعد خاص، لصلتها بعالم السياسة، وهو التحدي الذي أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أنه يسعى للتعامل معه بحلول مختلفة.
إصلاح «رجل المخابرات»
الكاظمي رجل المخابرات، والذي كان يعمل صحفيا منفيا في الخارج في عهد نظام الرئيس الراحل صدام حسين، لا يخشى الدخول في الملفات الصعبة، فالأمر ليس فقط مواجهة الإرهاب والتدخلات الخارجية، ولكن هناك الظروف الاقتصادية، والعمل على توازن علاقات بلاده مع محيطه العربي.
ويعمل الكاظمي على مسار للإصلاح داخل بعض الأجهزة الأمنية بالدولة، التي لها تجاوزات بحق مواطنين وخاصة مع المتظاهرين، وكان آخرها إقالة قائد قوات حفظ القانون بالبلاد، بعد إصدار توجيهات بإعادة النظر بهذا التشكيل، على خلفية اعتداء مجموعة لمنسوبي قيادة قوات حفظ القانون على أحد المواطنين، وسط تساؤلات حول استطاعة “الكاظمي” بحل هذا الجهاز.
مجابهة الميليشيات
وفي هذا السياق ، يقول الخبير الأمني العراقي العميد عياد الطوفان، إن رئيس الوزراء قادر على حل هذا الجهاز، وأيضا قادر على مجابهة كل الميليشيات وتغيير كافة القيادات الأمنية التابعة لها، وذلك من خلال الاستفادة من الزخم الشعبي الرافض لهذه الأجواء، ووجود تأييد دولي لـ”الكاظمي” في هذا الشأن.
وأوضح الطوفان في تصريحات لـ”الغد”، أن قيادة قوات حفظ القانون عند تشكيلها كان حولها العديد من علامات الاستفهام، لا سيما أنها شكلت من موارد وزارة الداخلية في حكومة عادل عبد المهدي عند انطلاق التظاهرات، وهذه القوات تشكلت وفق ما ذكره الخبير الأمني من الفصائل الولائية بالوزارة، ولم يكن العراق في حاجة إليها، مع وجود جهاز مكافحة الشغب، صاحب الكفاءة والخبرة الكبيرة
وأشار إلى أن جهاز قوات حفظ القانون، متهم بأن عناصره قتلوا متظاهرين قبل 3 أيام ، وأضاف “ما نحتاجه ليس فقط في إحالة قائد الجهاز إلى التقاعد، فالمطلوب إلغاء هذا الجهاز ونقل كافة منتسبيه إلى الشرطة الاتحادية”.
إصلاح الأجهزة الأمنية
من جانيه، أكد المحلل الامني الدكتور أمير الساعدي، أن هناك مشروعا بإعادة هيكلة القوات العسكرية والأمنية منذ عامين بعد مواجهة تنظيم “داعش”، وهذا المشروع أصبح قيد الدراسة أمام الكاظمي الذي يعمل على إعادة النظر بكامل الملف الأمني وقياداته ، لوجود كثير من الأهواء السياسية لدى بعض الأفراد والضباط، ما يستوجب تقنين العلاقة بين الفصائل والأجهزة الأمنية.
وقال الساعدي إن الكاظمي يحاول تجنب المواجهة بالقوة مع تلك الفصائل ، خاصة مع وجود ظهير سياسي يؤيدها، مستدركا أن إجراءات رئيس الوزراء لها صدى طيب في الشارع العراقي.
كما أشار إلى أهمية أن تكون عملية عملية الإصلاح والتغيير في ضوء المنهج الذي وافق عليه مجلس النواب بضبط السلاح الخارج عن منظومة الدولة.