زلزال سياسي عنيف خلفته الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق، ما زالت تبعاته تتوالى لتعثر مساعي تشكيل الحكومة.
وبفعل ما وصف بالتصويت العقابي، أعلن فوز تحالف “سائرون” بقيادة التيار الصدري بالقسم الأكبر من مقاعد البرلمان، مطيحًا بقائمة “الفتح” التي تضم فصائل الحشد الشعبي.
ويتمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشدة بشعار من ثلاث كلمات تشكيل حكومة أغلبية.
وفي الوقت نفسه، أجرى اتصالات مع أطراف عدة أبرزها “الإطار التنسيقي” بهدف حل الخلافات العالقة بين أكبر مكونين شيعيين، لكن الخلاف بين الجانبين كشف عمق الانقسام في هذا البيت، إذ إن الإطار التنسيقي يتمسك بنصيب في الحكومة المقبلة أكبر من حجمه السياسي، وهو ما يرفضه الصدر، بل يشترط الأخير استبعاد نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون.
من يطلق الصواريخ؟!
في هذا السياق قال الباحث السياسي والقانوني أمير الدعمي، إن العراق جرّب التوافق السياسي على مدار 18 عامًا، تقاسمت فيها الغنيمة، لكن الشعب العراقي كان الضحية.
وأضاف الدعمي، في حديثه ببرنامج مدار الغد، أنه لا توجد في العراق ثقافة المعارضة، محذرا من الفترة التي ستتبع تشكيل الحكومة، والتي تنذر بفشلها.
وأوضح أنّ الإطار التنسيقي يمتلك قاعدة جماهيرية قد تتحرك في أي لحظة.
وشدد الدعمي على وجود فصائل مسلحة ترفض الوجود الأمريكي، كما ترفض نتائج الانتخابات، وفي المقابل يوجد تنظيم داعش وخلايا نائمة أخرى بدأت تنشط.
وتابع: “لا يمكن أن نتهم جهة معينة بالاستهدافات التي حدثت قبل أن تكشف التحقيقات الحكومية هوية من يقف وراء هذه الهجمات.
وقال إن هناك من يراهن على وجود اقتتال شيعي شيعي أو بين الطبقة السياسية بأكملها داخل العراق.
ومع تعثر تشكيل الحكومة، سجل ارتفاع في وتيرة العنف السياسي، حيث هجمت ميليشيات لم تعلن عن نفسها على مكاتب تابعة لأحزاب سياسية سنية وكردية في العاصمة بغداد، واستهدفت بنكين مملوكين للأكراد.
بعدها أجمعت غالبية القراءات على ربط العنف بالواقع السياسي، لاسيما في ظل تمسك الصدر بحكومة أغلبية ستحرم لا محالة ميليشيات بعينها من الغطاء السياسي.
3 سيناريوهات متوقعة للأزمة
من جانبه قال الباحث في العلاقات الدولية خالد هاشم محمد، إن المشهد السياسي العراقي معقد في طبيعته، مشيرا إلى أن العراق أمام 3 سيناريوهات لا يمكن أن نتكهن بنتيجة واحدة منها.
وأوضح أن من ضمن تلك السيناريوهات أن الإطار التنسيقي قد يتفق مع التيار الصدري، حيث يكون هناك فتح للانسداد السياسي الذي حدث منذ الانتخابات وحتى الآن.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية، أنه يمكن أن يذهب جزء من التيار التنسيقي مع مقتدى الصدر، بينما الجزء الآخر يتجه نحو المعارضة، لكني لا أرجح حدوث ذلك الأمر.
وتابع: “أعتقد أنه ربما يذهب جزء من الإطار التنسيقي مع مقتدى الصدر، بينما جزء آخر يتجه نحو مقاطعة العملية السياسية”.
وأشار إلى أنّ التيار الصدري يعرف أنه لا معنى لحكومة أغلبية وطنية في ظل وجود بعض الجماعات المسلحة، لذلك يسعى لاحتواء هذه الجماعات أو تجميدها.
وتكمن المشكلة الكبرى في أن استهداف المقار الحزبية بات نوعا من التفاوض على تشكيل الحكومة باستخدام القوة، ومحاولة لفرض ما لم يتحقق من خلال صناديق الاقتراع.
بيئة غير مستقرة
يقول رئيس مركز ارتقاء للبحوث والدراسات عباس العرداوي، إن هناك استهدافات طالت العديد من الشخصيات على المستوى السياسي في بيئة غير مستقرة.
وأشار إلى أنه ليس من المنطق الربط بين الاستهدافات والأزمات السياسية، مشددا على أن الاختلافات عنيفة على المستوى الداخلي.
وتابع: “القوى الكردية بدأت تنشطر، وهناك أزمة وتقاطعات سياسية داخل القوى السنية والمكون الشيعي”.
وقال إن من يذهب إلى الحديث عن الصراع المسلح هم من يريدون إبقاء القوات الأمريكية التي تتعكز على وجود داعش واستمرار الأزمات الأمنية.
وأشار إلى أن الصدريين ممثلين بالحشد الشعبي، يمتلكون 3 ألوية، وقرابة 6 آلاف جندي داخل الحشد الشعبي.
وأشار العرداوي إلى أنه في حال كانت الحكومة للصدريين أو غيرهم فإن التحرك سيكون على المنظومة الأمنية بشكل كامل.
وقال إن جزءا من برنامج الإطار التنسيقي السياسي يسعى لدعم الحشد الشعبي، ويرى فيه صمام الأمان لأمن الدولة العراقي.
