العراق على أبواب «انسداد سياسي»
في خطوة وصفتها الدوائر السياسية في بغداد بأنها «مؤشر للفشل السياسي»، وأن من شأنها «أن تزيد المشهد السياسي العراقي تعقيدا»، قبل رئيس البرلمان العراقين محمد الحلبوسي، أمس الأحد، الاستقالة التي قدمها نواب التيار الصدري، الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان. وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قد دعا النواب للاستقالة.
- وقال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر – وهو معارض قوي لكل من إيران والولايات المتحدة – في بيان مكتوب بخط اليد، «إن هذه الخطوة تضحية مني للبلاد والشعب لتخليصهم من المصير المجهول».
وتضم الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي 74 نائبا، حيث كان الزعيم الشيعي، قد بذل محاولات عديدة، على مدى 8 أشهر، عقب إعلان نتائج الإنتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في العراق في العاشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021 لتشكيل حكومة أغلبية وطنية تضم كبار الفائزين من تحالف السيادة بزعامة محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني. لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب إصرار الكتل الشيعية الأخرى في تكتل الإطار التنسيقي الشيعي على تشكيل تحالف الثلث المعطل في البرلمان لمنع إتمام تسمية رئيس جديد للبلاد أو تشكيل حكومة أغلبية.
- وكان رئيس البرلمان العراقي، أعلن مساء أمس الأحد، قبول استقالة نواب الكتلة الصدرية بالبرلمان. وقال «قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب».
ويترقب الشارع السياسي العراقي، التبعات الدستورية لهذه الخطوة.. بينما يؤكد المحلل السياسي العراقي، حمزة حداد ، أنه رغم قبول رئيس البرلمان للاستقالات، لا يزال على البرلمان التصويت بغالبية مطلقة على ذلك بعد تحقيق النصاب، في حين أن البرلمان في عطلة لشهرين منذ التاسع من يونيو/ حزيران.
العملية السياسية ضُربت في مقتل
ومن جهة اخرى، دخل الإطار التنسيقي بعد قرار الصدر في اجتماع عاجل في منزل هادي العامري..و رحب القيادي في الإطار التنسيقي، علي الفتلاويـ بقرار الاستقالة.. وقال ان اختيار رئيس الحكومة المقبل سيكون من حصة الاطار. !!
- وبينما أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ حليف الصدر ـ ان العملية السياسية ضُربت في مقتل باستقالة الكتلة الصدرية من مجلس النواب..وقال النائب عن الحزب ماجد شنكالي، إن العملية السياسية ضُربت في مقتل باستقالة الكتلة الصدرية، وان الكتل التي ستبقى في البرلمان ستعاني الامرين امام المعارضة الشعبية».
توقعات بتقدم الإطار التنسيقي بمبادرة لتشكيل الحكومة !!
ورأى المراقبون في هذا تطوراً جديداً بعد الخطاب الغاضب الذي القاه الصدر وأصرّ فيه على سلامة موقفه في التمسك بحكومة اغلبية او الانسحاب..وقال النائب البلداوي عن العصائب، إنه يتوقع أن يتقدم الإطار التنسيقي بمبادرة لتشكيل الحكومة.. فيما بدا الموقف معقدا، والتصريحات شبه مشلولة من الأطراف المناوئة لحكومة الأغلبية التي اجهضت قبل الولادة.
ويرى المحلل السياسي العراقي، فاتح عبد السلام، رئيس تحرير الطبعة الدولية لصحيفة الزمان العراقية، أن هناك نوعين من الانسحابات السياسية، الانسحاب الأول يكون من مجلس النواب، والانسحاب الثاني يكون من العملية السياسية برمتها، وهذا الخيار الأكبر والأخطر والذي يمكن ان يحيل الفرح الوقتي لخصوم التيار الصدري المنسحب الى أيام سود.
مخاوف من الانسحاب النهائي من العملية السياسية
يبدو من الوهلة الأولى، انّ قرار زعيم التيار الصدري في استقالة نوّابه من البرلمان، هو شطب على خيار المعارضة السياسية داخل المجلس النيابي والمضي الى خيار سياسي آخر، لم يتبلور على الفور، وسيكون لا محالة من خارج التشكيل السياسي الرسمي المتداول، و مصدرالخطورة هنا يأتي من احتمال أن يجري تثبيت الانسحاب النهائي من العملية السياسية، التي كان قد التحق بها التيار في اعقاب اول انتخابات نيابية، حين كان البلد لا يزال محتلا من الجيش الامريكي.
- ويؤكد فاتح عبد السلام، أن التيار الصدري لا يزال يتحكم بمفاصل أساسية في الشارع العراقي الشيعي، وانّ الأطراف السياسية الشيعية الأخرى لن تجد ذلك الشارع خالياً لها، كما خلت امامها مقاعد النواب الصدريين في البرلمان. كما انّ التيار الصدري له قوة عسكرية هي سرايا السلام ممثلة بشكل حيوي في هيئة الحشد الشعبي وتمسك بواجبات عسكرية ميدانية أساسية في محيط بغداد الاستراتيجي، وانّ تجميد عملها، فيما لو حدث، سيكون عبئاً كبيراً على أطراف في المعسكر المناوئ، واية حكومة مقبلة.
علامات الفشل السياسي العام
وأضاف «عبد السلام»: لا يمكن أن تخفى على أي مراقب علامات الفشل السياسي العام في البلد، التي افضت الى نتيجة قرار زعيم التيار الصدري، وهذا الفشل له نتائج في الواقع لا تمحوها الاستقالة الجماعية في البرلمان.
إنَّ التخلي عن خيار المعارضة من داخل البرلمان له تبعات، برغم من انه غير مجد وغير مؤثر عملياً، إلا انه يخضع لشارات تفاهم، باتت غائبة عند تحول التيار الى دور سياسي ورقابي داخل الشارع ومن مواقع خارج العملية السياسية.
- الآن بدأ التعقيد في المشهد، وكان واقع الانسداد أرحم لأنه معلوم الأطراف!!!.