العراق على عتبة «التغيير المرتقب».. الانتخابات تفتح نافذة لإعادة تشكيل المشهد السياسي
يشهد العراق، اليوم الأحد، انتخابات الدورة البرلمانية الخامسة، التي تُعدّ أول انتخابات مبكرة منذ إقرار الدستور عام 2005. والتي تمثل تكريساً وترسيخاً للمسار الديمقراطي، فقد تم عقد الانتخابات مبكرا ـ قبل سبعة أشهر من موعدها ـ نزولا عند مطلب الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في شهر أكتوبر تشرين الأول عام 2019.. وهي المرة الأولى التي تعقد فيها انتخابات بسبب مطالب محتجين نزلوا إلى الشوارع.. فضلا عن أن الانتخابات تجري وفقا لقانون انتخابات جديد يقسم العراق لدوائر انتخابية أصغر ويفسح المجال لمزيد من المرشحين المستقلين، وهو مطلب آخر للناشطين من الشباب.
- وللمرة الأولى في هذه الانتخابات يصدر العراق بطاقات بايومترية للناخبين. ولمنع سوء استخدام بطاقات الناخب الالكترونية وتفادي استخدامها للتصويت مرتين فإنه سيبطل مفعولها بعد 72 ساعة من تصويت كل ناخب.
قانون الانتخابات الجديد يمثل بوابة جيدة للعراقيين
ويؤكد المحلل السياسي العراقي، مهند عدنان، أن قانون الانتخابات الجديد يمثل بوابة جيدة للعراقيين للمشاركة في المشهد السياسي، وهو أفضل من القوانين الانتخابية السابقة التي كانت تقسّم البلاد إلى 18 دائرة انتخابية فقط، فضلاً عن تقليصه الحد الأدنى لأعمار المرشحين إلى 28 عاما..ولكنه يعتقد مع ذلك أن هذه الانتخابات لن تثمر أي تغيير حقيقي؛ وأن شخصيات بعينها ستظل تقبض على زمام السلطة التشريعية في العراق.
ويقسّم قانون الانتخابات الجديد العراق إلى 83 دائرة انتخابية ويحول بين الأحزاب والقوائم الموحدة..ويرى خبراء أن هذا القانون وإن كان لا يخلو من مثالب، لكنه كفيل بإرخاء قبضة الأحزاب السياسية الكبرى على المجلس التشريعي.
- ويتوقع كثيرون انتصارات كاسحة للحركة الصدرية على غرار ما حدث في انتخابات 2018. وقال مرشحو الحركة، إنهم يطمعون في مضاعفة مقاعدهم في البرلمان.
الشارع العراقي يترقب «تغييرا» في المشهد السياسي
وبينما تجري الانتخابات التشريعية العراقية، وسط تحديات ضخمة، على مختلف الصعد الاقتصادية والعسكرية والأمنية، ومع تضرر اقتصاد العراق عبر سنوات من حروب وفساد مستشري، وفصائل مسلحة متنفذة تهدد سلطة الدولة على نحو متزايد، بحسب صحيفة المدى العراقية، فإن الشارع العراقي يترقب «تغييرا» في المشهد السياسي ينعكس إيجابا على المشهد الاقتصادي ـ الاجتماعي، باعتبار أن الانتخابات البرلمانية سترسم التوجه الذي ستسلكه سياسة العراق داخليا وإقليميا ودوليا، في وقت مهم جدا يعيشه الشرق الأوسط.
نتائج الانتخابات تؤثر على ميزان القوى داخل العراق
وترى باحثة أمريكية عراقية لدى مركز بيلفير كندي للبحوث بجامعة هارفارد، مارسين الشمري، أن حصيلة هذه الانتخابات سيكون لها تأثير على علاقات العراق الخارجية في المنطقة على مدى سنوات قادمة، وأن انتخابات العراق سيراقبها الجميع في المنطقة لكونها ستحدد مدى تأثير القيادة المستقبلية للبلد على ميزان القوى على المستوى الإقليمي..الأمر الذي أكد عليه المرجع الديني الأعلى في العراق، علي السيستاني، بان «التصويت سيبقى الأسلوب الأفضل بالنسبة للعراقيين بأن يساهموا في صياغة مستقبل بلدهم.»
- ووفقا للقانون العراقي، فان الفائز في انتخابات يوم الاحد هو من سيقوم باختيار رئيس الوزراء القادم، ولكنه من غير المحتمل ان تحرز أي من الكتل العدد الكافي من المقاعد يؤهلها لتحقيق الأغلبية. سيتطلب ذلك وقتا طويلا من مباحثات ومفاوضات ما وراء الكواليس بين أحزاب وكتل لاختيار رئيس وزراء توافقي ومن ثم الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية.
الرغبة في حرمان الطبقة السياسية من الشرعية الشعبية
الواضح أنه لأول مرة تصطف كامل طبقة الساسة العراقيين وراء الانتخابات، برغم جولات انسحابهم منها ثم عودتهم إليها لاحقاً ، بحسب تعبير المحلل السياسي العراقي، د. عقيل عباس، فيما ينقسم المجتمع على نحو حاد بخصوص جدوى هذه الانتخابات بين داعين للمشاركة فيها وآخرين يدعمون مقاطعتها، ويكمن الاختلاف بين المشاركين والمقاطعين في الوسائل فقط، وليس في الهدف، ففيما يحاول دعاة المشاركة استخدام صناديق الاقتراع لإخراج هذه الطبقة السياسية من مواقع الحكم والهيمنة، وإن على نحو تدريجي، يطالب الفريق الآخر بمقاطعة الانتخابات لحرمان أحزاب هذه الطبقة من الشرعية الشعبية، من دون توضيح ماهية الخطوات المقبلة لإنهاء هيمنة هذه الطبقة على الدولة.
- العامل الحاسم في هذه الانتخابات هو نسبة المشاركة، فارتفاع كبير في نسبة المشاركين، في إطار جمهور غاضب، سيضعف فرص الطبقة السياسية الحاكمة في السيطرة على البرلمان المقبل، فيما تؤدي نسبة مشاركة منخفضة إلى زيادة فرص هذه الطبقة في الحصول على شرعية انتخابية جديدة.
هل يرى العراقيون طبقة سياسية جديدة بعد الانتخابات؟
وبقيت التساؤلات الحائرة خارج صناديق الاقتراع اليوم الأحد: هل يرى العراقيون طبقة جديدة بعد الانتخابات؟ وهل ينهي القانون الجديد نظام المحاصصة؟ ويقول أستاذ العلوم السياسية، د. لطيف ذياب، إن تقسيم الكعكة عند التحالفات السياسية الحالية ماض على ما كان عليه في الدورات الانتخابية السابقة، إلا أنها قد تشهد مزيدا من التناحر إثر التحالفات التي ستعقب ظهور نتائج الانتخابات.
.
