يحاول الرئيس التركي، رجب أردوغان، إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد العقوبات الأمريكية والأوروبية، التي تحاصر بلاده، وسط توقعات لانهيار آخر يصيب الليرة التركية بسبب سياسة أنقرة الخارجية.
صفحة جديدة
أعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، عن أمله في فتح “صفحة جديدة” بين بلاده والاتحاد الأوروبي، في أول اتصال بين الجانبين منذ فرضت بروكسل عقوبات على أنقرة الأسبوع الماضي.
وقالت الرئاسة التركية، في بيان، إنّه “في الوقت الذي تريد فيه تركيا فتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، يبذل البعض جهودا حثيثة لإثارة أزمات”.
وإذ دعا أردوغان إلى “إنقاذ” العلاقات التركية-الأوروبية من “هذه الحلقة المفرغة”، أعرب عن رغبته في “إعادة إطلاق” الحوار مع الاتّحاد الأوروبي من خلال “النظر إلى الوضع برمّته” و”على أساس المصالح المتبادلة”.
ونقل البيان عن الرئيس التركي قوله، إنّ اتفاقية الهجرة التي أبرمتها تركيا والاتحاد الأوروبي في 2016 يمكن أن تشكّل نقطة انطلاق لخلق مناخ أكثر “إيجابية” بين الجانبين.
عقوبات عديدة
تحاصر العقوبات تركيا من كافة الاتجاهات، حيث قرر قادة الاتّحاد الأوروبي خلال قمة في بروكسل الخميس الماضي فرض عقوبات على تركيا بسبب تصرّفاتها غير القانونيّة والعدوانيّة في البحر المتوسّط ضدّ اليونان وقبرص، ولا سيّما عمليات التنقيب عن الغاز التي قامت بها أنقرة في الأشهر الأخيرة في شرق البحر المتوسط في مناطق بحرية تتنازع السيادة عليها مع هذين البلدين.
وعقب قرار الاتحاد الأوروبي فأجت الولايات المتحدة تركيا الإثنين الماضي بعقوبات بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس-400”.
وفور إعلان العقوبات الأوروبية أعربت أنقرة عن رفضها لعقوبات على شخصيات تركية ردا على أنشطة التنقيب التي تقوم بها في شرق المتوسط لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قلل من شأنها ساعيا في الوقت نفسه إلى التهدئة.
وبالرغم من عدم إعلان حجم العقوبات الأوروبية، والأمريكية بعد لكنها يمكن أن تغرق الاقتصاد التركي المنهك أساسا، وأن تضعف الليرة التركية بشكل إضافي بعدما سجلت خسائر جديدة الجمعة.
وأفاد مراسلنا من إسطنبول بأن وزارة الخارجية التركية أدانت العقوبات الأمريكية وأكدت بأنها سترد بالمثل في الوقت المناسب.
وأضاف أن الخارجية التركية اقترحت تشكيل لجنة من عدة الأطراف منها حلفاء في الناتو لدراسة أزمة منظومة إس 400 الروسية لكن واشنطن رفضت ذلك المقترح.
وأكمل أن تركيا أكدت أن العقوبات تضر بالعلاقات مع واشنطن، مؤكدا أن المسؤولين الأتراك أكدوا إصرارهم على استمرار العمل للحصول على منظومة إس 400 الروسية.
استمرار الاستفزازات
بالرغم من محاولات أردوغان لتحسين العلاقات مع أوروبا إلا أنه مازال يواصل استفزازه في المتوسط، حيث أطلقت تركيا 3 تدريبات عسكرية بالذخيرة الحيّة، في البحر الأبيض المتوسط، وذلك كأول تدريبات تجريها عقب اجتماع القادة الأوروبيين، الذي لم يفرض عقوبات مشدّدة على أنقرة، وتتم التدريبات على مدارِ يومين، وفي 3 مواقع مختلفة.
وقال خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي “كما تصرّفنا سابقاً في البحر الأبيض المتوسط سنواصل التصرّف، ونحن مصمّمون على حماية حقوق ومصالح تركيا وقبرص الشمالية هناك، واليونان تحاول استفزاز تركيا من خلال خطواتها، وتسعى للحصول على دعم الاتحاد الأوروبي للإضرار بتركيا، وتصرّ على الابتعاد عن الحوار والدبلوماسية”، حسب زعمه.
الخطوة الأولى
قال الدكتور عبد المسيح الشامي، منسق العلاقات العربية الألمانية في البرلمان الألماني، إن الاتحاد الأوروبي قرر عدم الانجراف وراء تركيا إلى ساحة التوتر التي تتجه إليها.
وأضاف أن العقوبات الأوروبية على أنقرة تعتبر الخطوة الأولى نحو كبح جماح النفوذ التركي وتغيير خريطة المصالح في شرق المتوسط.
وأشار إلى أن أردوغان لا يكترث إلى مصالح الشعب التركي ومستقبل بلاده، وقال “إنه يسعى إلى الوصول إلى إنجازات وهمية لكسب ثقة الجموع الإسلامية والعربية وليظهر بصورة المدافع الأول عن القضية الفلسطينية، لكنه يفعل هذا بطريقة بهلوانية”.
