العلاقات الروسية الإسرائيلية تترنح وسط توترات حرب أوكرانيا
تشهد العلاقات الروسية الإسرائيلية توترا حادا بسبب الخلافات التي ظهرت على السطح بين الطرفين مع بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، وذلك بعد 30 عاما من الدفء، وهو ما يعيد إلى الأذهان حقبة التقلبات الحادة التي شابت العلاقات بينهما إبان الاتحاد السوفيتي.
وتغيرت اللهجة بين مسئولي البلدين بعد دعم إسرائيل سيادة أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، لترد موسكو سريعا بعدم اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان المحتلة.
أزمات مستمرة
يقول حسين عمر الباحث في العلاقات الدولية، إن العلاقة الحالية بين روسيا وإسرائيل طبيعية، مشيرا إلى بعض الرواسب القديمة منذ فترة الاتحاد السوفيتي، حيث لم يكن هناك وئاما بينهما، كما لم تكن هناك علاقات قوية بين الجانبين.
وأضاف في حديثه لبرنامج مدار الغد، أن العالم يعيش مرحلة “فرز” في العلاقات، وذلك ليس فقط بين إسرائيل وروسيا، بل على مستوى جميع دول العالم، في ظل تفجر توترات في عدد من المناطق مؤخرا.
وأوضح، أن سياسة القطب الواحد، والإرادة الأمريكية التي كانت تسيّر السياسة العالمية لم تعد مناسبة الآن، كما أن روسيا تريد إظهار ما تتمتع به من قوة كبيرة.
وتابع: “إسرائيل انخدعت بالوعود الأمريكية في بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وانزلقت حتى وقفت في وجه روسيا”.
ووصل التوتر بين الجانبين إلى أوجه في أبريل الماضي، مع تأييد إسرائيل لتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان الأممي.
وفي الشهر نفسه، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد روسيا بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وبعدها قامت تل أبيب بتقديم خوذات وسترات واقية لكييف لتستدعي الخارجية الروسية السفير الإسرائيلي لدى موسكو، وتصرح بأن إسرائيل تحاول صرف الانتباه عن احتلالها لفلسطين.
ولم تكتف موسكو بذلك، بل أعلنت أن قطاع غزة بات سجنا في الهواء الطلق، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو الأطول في التاريخ، وأنه يستمر بتواطئ أمريكي غربي.
لابيد والخلافات الروسية
ويرى نظير مجلي الخبير في الشئون الإسرائيلية، إنه بمجرد اختيار يائير لابيد رئيسا للحكومة الإسرائيلية بدأت القيادة الروسية تنظر بشكل سلبي في علاقاتها مع إسرائيل، وانعكس ذلك في بعض إجراءات موسكو تجاه تل أبيب.
وأضاف في حديثه لمدار الغد، أن العلاقات الجيدة بين الدولتين بنيت في فترة نتنياهو، الذي نجح في الحفاظ على علاقات جيدة مع بوتين.
وشدد على أن هناك ازدهارا في العلاقات بين إسرائيل وروسيا خلال السنوات الخمس الأخيرة بالمقارنة بما قبل ذلك، مشيرا إلى أن العلاقات بين الجانبين مثالية.
وقال “على الرغم من أن روسيا تعتبر الخصم الأساسي للولايات المتحدة، نجحت إسرائيل أن تحافظ على علاقات جيدة مع موسكو”.
وفيما يخص الخلافات سارع الرئيس الروسي بإدانة التصعيد الإسرائيلي خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني أثناء اقتحامات المستوطنين لباحات الأقصى المبارك.
وفي الثاني من مايو الماضي، صرح وزير الخارجية الروسي قائلا: إن هتلر لديه أصول يهودية. وتلك التصريحات وصفتها الخارجية الإسرائيلي حينها بالفاضحة واعتبرتها خطأ تاريخيا مروعا لا يغتفر.
وبعدها بـ24 ساعة فقط، اتهمت موسكو الحكومة الإسرائيلية بدعم النازيين الجدد في أوكرانيا.. أما آخر حلقات التوتر، فهو اعتزام موسكو إغلاق الوكالة اليهودية للهجرة لأنها تخالف القانون الروسي.
الحياد هو الحل
وعلى الجانب الأخر، يقول الكاتب والباحث في العلاقات الدولية ستانيسلاف ميتراخوفيتش، إن إسرائيل تحاول أن تكون مستقلة فيما يخص قراراتها في العقوبات، وأزمة أوكرانيا.
وأشار إلى أن أوكرانيا طلبت من إسرائيل عدة مرات أن ترسل أسلحة معقدة، لكن إسرائيل رفضت ذلك العرض.
وقال، إن إسرائيل تدعم الكتلة الغربية، لكنها ظلت فيما يخص العقوبات والتجارة العسكرية والأسلحة محايدة، مشيرا إلى أن إسرائيل ستضطر إلى التعامل بحياد ولن تدخل في مواجهة كاملة مع موسكو لأن ذلك يمثل مخاطرة كبيرة.
وأضاف في حديثه لمدار الغد، أن إسرائيل تعتمد على العلاقات مع روسيا بسبب القضيتين السورية والفلسطينية، مؤكدا أن روسيا لديها أدوات إذا استخدمتها ضد المصلحة الإسرائيلية سيتأزم الموقف، ما يجعل من الضروري الحفاظ على نوع من التوازن.
وأشار إلى أنه في حال وحدت روسيا وإيران الجهود سيمثل ذلك مشكلة كبيرة لإسرائيل.