ناقش مجلس الوزراء المصري، اليوم الأحد، الاستعدادات النهائية لزيارة الرئيس الصيني تشي جين بينج، لمصر الأربعاء المقبل 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، وهي أول زيارة لرئيس صيني منذ 12 عاما، تتزامن مع الذكرى الستين للعلاقات المصرية ـ الصينية، وتتصدر اهتمامات الإدارة المصرية، لإحياء تاريخ من العلاقات الثنائية التي شهدت تميزا وتفردا منذ عام 1956 ثم تراجعت لأسباب محلية وإقليمية ودولية، بحسب تعبير الدكتور محمد نعمان جلال، الخبير في الشئون الصينية، وسفير مصر السابق في الصين.
وقال نعمان لـ«الغد» إن العلاقات المصرية ـ الصينية تعد نموذجا لدراسات النجاح والفشل المتتاليين في كل من الدولتين بوجه خاص، وفي السياسة الدولية بوجه عام ، وبكل أسف لم تحقق مصر تقدما تراكميا في علاقاتها مع الصين ، والتي بدأت قبل 60 عاما، وكانت مصر تحتل صدارة العلاقات الصينية الخارجية، في المرتبة الأولى تقريبا، ثم تراجعت مصر إلى المركز السادس أو السابع، والواضح أن هناك مشكلة كبيرة في العلاقات المصرية الصينية وهى عدم فهم كل طرف لمصالح الطرف الآخر وثقافته وأهدافه من التعاون الاقتصادى وأساليب التعامل معه، مما يستدعى وضع استراتيجية واضحة وأساليب سليمة ومتابعة دقيقة والاستعانة بالخبراء والمتخصصين.
ويشير الدكتور نعمان جلال، إلى بدايات تطور العلاقات المصرية الصينية بفضل زعيمين لكل منهما منطلقاته، وهما: الزعيم جمال عبدالناصر، والزعيم الصيني “شوان لاي” وهو رجل الدولة تحت زعامة “ماوتسي تونج” وقامت علاقات مصر والصين بفضل هذا “الثلاثي المصري الصيني” عبد الناصر، ماوتسي تونج، شوان لاي، وتعززت حينا نتيجة أخطاء إقليمية ودولية، كما تراجعت حينا آخر نتيجة المحددات الوطنية لكل من الدولتين ، والتدخلات والتحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية.
ويضيف الخبير في الشئون الصينية، وعضو منتدى شنغهاي للدراسات الصينية، وعضو مجلس إدارة مؤسسة كونفوشيوس الدولية، لـ”الغد” أن عبدالناصر توّج العلاقات المصرية الصينية برؤية استراتيجية ثاقبة عندما أعلن اعتراف مصر بدولة الصين، وأقام معها أول علاقات دبلوماسية في شهر مايو/ آيار 1956 وبذلك كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين الشعبية بدلا من حكومة “تايوان” التي تؤيدها الولايات المتحدة الأمريكية، فكانت مصر المفتاح للدول العربية والأفريقية في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين الشعبية، وكان الاعتراف المصري بالصين الشعبية “لطمة” قوية للسياسة الأمريكية، ولذلك كان التحرك الصيني لدى الاتحاد السوفييتي لصالح مصر، لإتمام صفقة الأسلحة التشيكية الشهيرة تاريخيا لمصر وكانت هذه الخطوة أيضا لطمة عنيفة للسياسة الأمريكية التي رفضت طلب عبدالناصر تزويد مصر بالسلاح لبناء جيش قوي.
واحتلت مصر لدى الصين، مكانة كبيرة لثلاثة اعتبارات: أولها التاريخ الحضاري للدولتين، وثانيها حالة العزلة التي فرضت على الصين ما بين 1949 إلى 1978 معظم فترة الزعيم الصيني ماوتسي تونج، ولعبت مصر في عهد عبدالناصر دورا كبيرا داعما للصين على الصعيدين الإقليمي والدولي، وثالثها أن مصر فتحت العالم العربي وأفريقيا للصين ، وبناء على ذلك كان أي مسئول صيني كبير قبل أن يزور أي دولة أفريقية أو عربية، يزور مصر أولا للتعرف على وجهة نظرها.
وأوضح “نعمان” في حديثه للغد، ان العلاقات المصرية ـ الصينية، لم تتطور وسارت ببطء بخلاف علاقات الصين مع بعض الدول الأفريقية ويعض الدول العربية، ويرجع ذلك لثلاثة أسباب، وهي أن أساس تطور علاقات الصين مع أي دولة هو الاقتصاد وليس السياسة، وثانيا اهتمام الصين بالحصول على المواد الخام اللازمة للصناعة، وهو ما دفعها لتطوير علاقاتها بالدول التي لديها مواد أولية وبنية تحتية وقانونية مناسبة ، وثالثا أن الصين ترى مصر تفتقر للجدية المطلوبة والبنية القانونية ودراسات الجدوى، وهذه هي شكوى الصين حتى هذه اللحظة.
