تمثل العملية العسكرية التركية المرتقبة في الشمال السوري أزمة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لأن طرفي الصراع في هذه الأزمة هما حليفان لواشنطن، فتركيا باتت لواشنطن بمثابة الوسيط مع روسيا منذ اندلاع حرب أوكرانيا، أما الفصائل الكردية فهي يد لواشنطن في محاربة داعش.
وسبب الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، هو دعم واشنطن للأكراد لاسيما قوات سوريا الديمقراطية، حليفتها في قتال داعش.
علما بأن تركيا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني.
وشنَّت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا في أعوام 2016،و 2018 و 2019.
كما أن تركيا أطلقت في العشرين من نوفمبر الماضي، عملية “المخلب-السيف” ضد الوحدات الكردية، بعد اتهامها بالتورط في تفجير اسطنبول الأخير، وهو ما ينفيه الأكراد.
أما وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن فقال لنظيره التركي، إن واشنطن تعارض أي عملية عسكرية جديدة في سوريا، وإن الضربات التركية الأخيرة هددت سلامة الجنود الأميركيين هناك.
كما وجهت قوات سوريا الديمقراطية استغاثة للولايات المتحدة، حيث طالب قائدها مظلوم عبدي بتدخل أمريكي لوقف الهجوم التركي.
وسرعان ما أكد البنتاجون أنه يستعد لاستئناف العمليات البرية إلى جانب الشركاء الأكراد في شمال سوريا ، فهل تضحي واشنطن بتحالفها مع أنقرة لحماية الأكراد، أم تتخلى عن الأكراد للحفاظ على مصالح أهم مع أنقرة؟.
العمليات التركية في شمال سوريا
درع الفرات
أول عملية وانطلقت في 24 أغسطس 2016 واستمرت نحو 7 شهور
هدفها دعم فصائل المعارضة السورية لطرد مقاتلي داعش من ريفي حلب الشمالي والشرقي
غصن الزيتون
انطلقت في 20 يناير 2018 واستمرت نحو 4 شهور
الهدف هو السيطرة على مدينة عفرين السورية وتخليصها من المسلحين الأكراد
نبع السلام
انطلقت في أكتوبر 2019
الهدف هو طرد القوات الكردية وإنشاء منطقة آمنة للاجئين السوريين المتواجدين في أراضيها
الموقف الروسي
حتى الآن تتجنب موسكو الإعلان عن موقفها الرسمي إزاء العملية التركية المرتقبة في شمال سوريا.
لكن ثمة من يقول إن موقف روسيا واضح وجلي، سيما بعدما تناقش الرئيسان بوتين و اردوغان في اتصال هاتفي أكد بعده الجانب التركي سعيه لإقامة منطقة آمنة بالشمال السوري، دون أي حديث إعلامي عن وجود معارضة روسية. فالصمت عادة ما يعني الموافقة بقليل من الخجل.
نشرت صحف روسية، بعض السيناريوهات لتصرف روسيا المحتمل في حال نفذ إردوغان وعيده وأطلقت المعركة المنتظرة. وانطلقت التوقعات، من أن خيارات روسيا صعبة في مواجهة عملية عسكرية تركية مرتقبة في سوريا، ورأت أن روسيا وتركيا أصبحتا في وضع غير متكافئ هناك. وأن إردوغان عزز مواقفه بفضل الحرب الأوكرانية.
السيناريو الأول:
رفض التصعيد التركي والسعي للتوصل لاتفاق مع أنقرة
فقد تطالب تركيا بمميزات تجارية واقتصادية ومميزات تتعلق بالوضع الميداني في سوريا
السيناريو الثاني:
السعي لوقف التصعيد ويمكن أن يقوم على تبادل للأراضي.
منح تركيا السيطرة على جبل الزاوية في إدلب مقابل عدم الهجوم على المواقع الكردية.
السيناريو الثالث:
التعامل بشكل هادئ وعدم القيام برد فعل وترك العملية التركية دون رد، في المقابل سيتقلص دور تركيا في المفاوضات بشأن أوكرانيا.
السيناريو الرابع:
تشجيع دمشق على شن عملية مقابلة في إدلب ردا على العملية التركية دون تدخل روسي
الموقف الأمريكي
من واشنطن، أكد نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، مايكل مولروي، أن الهجمات التركية على شمال سوريا خطيرة على المنطقة.
وأوضح مولروي، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن الولايات المتحدة سوف ترفض الحرب التركية ضد شمال سوريا.
وشدد على أن الرفض الأمريكي للهجمات التركية لا يعني قدرة أمريكا على إيقاف تلك الهجمات.
موقف حرج
من القامشلي، أكد الكاتب والباحث السياسي، د. فريد سعدون، أن الولايات المتحدة في موقف حرج بين تركيا وأكراد سوريا.
وأوضح سعدون، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن تركيا تصر على شن هجمات عسكرية ضد شمال سوريا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ليست في صالحها أن تشن تركيا تلك الهجمات لأن ذلك يساعد على انتشار الإرهاب.
موقف متناقض
أكد د. سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة اسطنبول، أن الموقف الأمريكي من العملية التركية في سوريا متناقض.
وأوضح صالحة، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن تركيا تراهن على تغيير الموقف الأمريكي وتفهمها لأهمية موقف أنقرة.
وأشار إلى أن تركيا أعلنت رفضها بشدة الموقف الأمريكي الداعم لقوات سوريا الديمقراطية والذي لم يراعي الأمن القومي التركي.
الموقف الروسي
أكد أستاذ العلاقات الدولية بمعهد موسكو الحكومي د. فلاديمير ستونيكوف، أن روسيا لن تصمت تجاه الهجمات التركية ضد شمال سوريا.
وأوضح ستونيكوف، خلال تصريحات له مع برنامج “مدار الغد”، أن روسيا ستحاول حل الأزمة عن طريق الدبلوماسية والمفاوضات بين الأكراد والأتراك.
وأشار إلى أن روسيا تترقب بشدة التحركات التركية ضد شمال سوريا، مؤكدا أن موسكو تخشى من تأثير تلك الهجمات على انتشار الإرهاب في سوريا.
