العمل الإنساني طريق نساء غزة للاندماج في الحياة
وراء كل امرأة في قطاع غزة حكاية دفعتها لتغير نهج حياتها و أن تبدأ من جديد للبحث عن ذاتها، والخوض في تجارب جديدة تستطيع من خلالها أن تندمج في المجتمع و تقدم له خدمات كبيرة.
ففي الوقت الذى يحيي به العالم ويكرم النساء المشاركات في العمل الإنساني، تجد نساء غزة أنفسهن في طليعة العمل التطوعي الإنساني، إذ قدمن نماذج مشرفة في خدمة قضيتهن الإنسانية.
تقول المتطوعة صابرين النجار، وهي مسعِفة متطوعة تبلغ من العمر 44 عامًا، “لقد شكّلت وفاة ابنتي الحبيبة، رزان (21 عامًا) نقطة تحول في حياتي.”.
وتعيش صابرين، وهي أم فلسطينية لستة أطفال، في مدينة خانيونس بقطاع غزة، وفقدت صابرين قبل عام ابنتها الكبرى التي كانت تعمل كمسعفة متطوعة، بينما كانت تقوم بواجبها الإنساني مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأصيبَت رزان بالذخيرة الحية التي أطلقتها القوات الإسرائيلية عليها، بينما كانت تحاول الوصول مع مسعفين آخرين إلى المصابين خلال مظاهرات “مسيرة العودة الكبرى” بالقرب من السياج الحدودي الإسرائيلي المحيط بقطاع غزة.
وتقول صابرين: “لقد صدمني موتها بالفعل، فلم أكن أتوقعه على الإطلاق.” وقررت الأم الثكلى، بعد أن فقدت فلذة كبدها، أن تستأنف مسيرة ابنتها، فانضمت إلى الطواقم الطبية وباتت تكرس حياتها لمساعدة المتظاهرين المصابين، الذين يدعون إلى حق الفلسطينيين في العودة وإنهاء الحصار الإسرائيلي، وهي متخصصة في تقديم المساعدة والدعم والإسناد المطلوب للمسعفين والطواقم الطبية، وتشعر صابرين بالسعادة والفخر والدافعية والرضا عندما تساعد المتظاهرين المصابين.
مساعدة النساء الثكلى
بينما قالت زينات حميدية، التي تعيش في حي الشجاعية، شرق غزة مع خمس بنات وثلاثة أبناء، إن ابنها يوسف توفى أثناء الصراع بين إسرائيل وغزة في عام 2014، وبعد وفاة ابنها عزلت زينات نفسها عن كل شيء، و شعرت وكأن حياتها قد توقفت.
ولكنْ هناك شيء ما تغير تقول زينات :”رغم ما حدث قررت أخيرًا أن أطلب المساعدة من منظمة نسائية مقرها في غزة تقدم الدعم للنساء الثكالى”.
تقول: “شاركت في شبكة المساعدة الذاتية حيث كانت مجموعة من النساء الثكالى تدعم بعضها البعض، ما ساعدني على العودة ببطء إلى الحياة، وشعرت بأهمية وجودي في هذه الجلسات حيث تمكّنت من التعبير عن نفسي ومساعدة الآخرين على فعل الشيء نفسه”.
وتضيف زينات: “أصبحت الآن امرأة أقوى وبعد أن تحسنت حالتي، تلقّيت تدريبا على كيفية تقديم الدعم إلى النساء الثكالى اللواتي يكافحن الحزن والاكتئاب، وأصبحتُ معروفة في مجتمعي، وتأتي النساء للتحدث معي، كما أصبحت صديقةً لكثير من النساء، وأصبح لدي شعور خاص بأنه لدي الخبرة والمعرفة لمساعدتهم”.
دعم النساء
وكان منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك، كرم اليوم في قطاع غزة النساء العاملات في المجال الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة في اليوم العالمي للعمل الإنساني.
وقال ماكغولدريك، الذي ترأس الاحتفال بهذا الحدث: “تقود النساء في جميع أنحاء فلسطين العمل الإنساني الحيوي، لكنهم لا يزالون يعانون نقص التمثيل ويواجهون عقبات مستمرة في القيام بعملهم بسبب نوعهم الاجتماعي. لذلك اليوم نحن لا نفتخر فقط بمساهمتهم، بل نلتزم ببذل المزيد لدعم عملهم”.
يذكر أن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو حدث سنوي لإحياء ذكرى العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا وجرحوا أثناء عملهم، واحترام لأولئك الذين يعملون بلا كلل لإنقاذ الأرواح.
وتظهر الأبحاث أن إشراك النساء في العمل الإنساني يزيد من وصول ونوعية عمليات الإغاثة ويضمن أن تكون الاستجابة أكثر شمولية.
