قبل أسبوع من اختتام فعاليات قمة المناخ في باريس، وبعد أسبوع من المناقشات قبل أن يضع المفاوضون اللمسات الأخيرة على مسودة مشروع الاتفاق العالمي لوقف ارتفاع درجات الحرارة، لا تزال نقاط خلاف قائمة أمام وزراء الطاقة والبيئة الممثلين لـ 195 دولة سوف يبحثون اعتبارا من يوم الإثنين المقبل في ضاحية “لوبورجيه” قرب باريس، مسودة مشروع الاتفاق العالمي المقرر صدوره عن الدورة الـ 21لمؤتمر باريس حول التغيرات المناخية.
وكشفت لجنة المناخ والبيئة بالأمم المتحدة، اليوم السبت، عن نقاط الخلاف داخل الوثيقة التي تقع في 38 صفحة وتضمنت نحو 1400 نقطة تمت بشأنها مقرحات تسوية، وبقيت نقطة الخلاف البارزة، حول مساعدة دول الجنوب لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، وتقاسم الجهود لمكافحة الاحتباس الحراري، بين الدول النامية والمتقدمة، بين الدول الفقيرة في الجنوب، ودول الثراء في الشمال، وحذر تقرير اللجنة من أن الوقت المتبقي أمام القمة قد لا يسمح بالتوصل إلى إتفاق حول مساعدة الجنوب أو المشاركة في تحمل المسؤولية بين الدول الفقيرة والغنية، وربما يتم التوصل فقط إلى اتفاق ينص على الحد من ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين، وتحديد نسبة المشاركة في تمويل مشروعات الحد من الاحتباس الحراري بين الدول المتقدمة اقتصاديا، والدول النامية.
وأكد التقرير الأممي الصادر اليوم، أن نقاط الخلاف العالقة لا تراعي مخاطر أن أي ارتفاع في الحرارة أكبر من درجتين سيكون له تأثير لا يمكن معالجته من موجات جفاف وفيضانات متزايدة وتراجع المحاصيل الزراعية وتآكل السواحل.
وأوضح خبير المناخ العالمي سكوت بوينتون، رئيس منظمة صندوق الغابات، أنه بعد مشاورات مكثفة تم إدراج مسألة إزالة الغابات في الاتفاق الختامي لقمة المناخ في باريس، ولكنها بقيت نقطة خلاف عالقة رغم أن الغابات هي الآلية الطبيعية لامتصاص الكربون، وتوفير الأكسجين ومقاومة تغير المناخ على كوكب الأرض، وبدا واضحا أن اتخاذ إجراءات فعّالة قد يكون صعبا ما لم تبدأ المؤسسات المالية إعادة النظر بشكل أوثق في مشاركتها في تمويل مشروعات إزالة الغابات لإفساح المجال أمام إنتاج المزيد من المحاصيل التجارية المدرة للنقود، و قيام المصارف ومؤسسات الخدمات المالية بالدور المنوط بها بشكل مؤثر.
وحذر “بوينتون” من أن عملية إزالة الغابات الناتجة عن الإخلاء الزراعي بغية تحويلها إلى أرض زراعية، تمثل ثاني أكبر مسبب لانبعاثات غازات الدفيئة بعد الطاقة، أو نحو 25-30% من الانبعاثات العالمية. وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، ومع احتواء الأشجار على 50% من الكربون، فإن قطعها يؤدي إلى تحرير غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الهواء.
وأكد خبير المناخ العالمي، لوكالة الأنباء الفرنسية، أن نقطة الخلاف يشان الغابات تعد من أخطر المسائل الحيوية أمام العالم إذا لم يتم الاتفاق الدولي بشأنها، وقد طرح الخبراء خلال مناقشات قمة المناخ على مستوى وزراء البيئة والطاقة، تقريرا أصدره معهد التنمية الخارجية البريطاني مؤخرا، يعرض ما أنفقته كلا من أندونيسيا والبرازيل، بنحو 40 مليار دولار كإعانات لقطاعات زيت النخيل وفول الصويا ولحم البقر والأخشاب والوقود الحيوي، في الفترة الممتدة بين عامي 2009 و2012. ويفوق هذا ما أنفقته الدولتان للحفاظ على الغابات المطيرة كجزءٍ من برنامج الأمم المتحدة التعاوني بشأن خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها بأكثر من 100 مرة.
وكما يرى أندرس نوردهايم، من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن المصارف والمؤسسات المالية تحتاج إلى تقرير موقف حاسم تجاه القروض والمساعدات لمشروعات قطع الغابات من أجل مشروعات صناعية وتجارية تضر بالبئية، ودون ذلك تظل قضية الغابات عالقة رغم خطورتها.
