«مدينة المساجد».. هكذا عرفت مدينة الفلوجة العراقية لكثرة مساجدها/ التي تتعدى الـ500 مسجد، فيما تعد معقل أهل السنة في العراق، الذي استولى عليه داعش عام 2014، وتشهد معارك حالية شنتها القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي مساء الإثنين الماضي لتحرير المدينة، بعد حصار دام لأشهر أدى إلى أزمات إنسانية أودت بحياة البعض نتيجة نقص الغذاء والدواء.
الفلوجة، التي تعاني ويلات الحرب في الوقت الحالي، ظلت هكذا على مر تاريخها، فتعد معركتا الفلوجة الأولى والثانية من أبرز المعارك الدامية التي لا يزال يتذكرها أهلها ويحملون اللوم للحكومة العراقية بشأنهما، ففي أعقاب غزو العراق عام 2003، تعرضت لقصف أمريكي بريطاني مكثف وبأسلحة مختلفة بعضها محرم دوليا إثر قيام مسلحين بقتل 4 من عناصر شركة «بلاك ووتر» الأمريكية، وسحل جثثهم وتعليقها.
وفشل الأمريكيون في اقتحام المدينة في تلك السنة، ما جعل المعركة الموالية عام 2004 أشرس، حيث استخدم الأمريكيون فيها أسلحة محرمة، بحسب تقارير دولية، سعيا منهم لإسكات صوت المقاومة.
وتقع مدينة الفلوجة ضمن محافظة الأنبار على بعد نحو 60 كيلومترا شمال غرب العاصمة بغداد، شرقي الرمادي بمسافة 45 كيلومترا.
ومنذ الغزو العراقي، استمرت بين السلطات الحكومية المدعومة أمريكيا، والقوات التي تسيطر على المدينة ومن بينها تنظيم داعش، حيث تعرضت المدينة السنوات الأخيرة لقصف مستمر من طرف القوات الحكومية في معاركها مع تنظيم داعش سقط على إثرها كثير من المدنيين، ما تسبب مجددا في نزوح الأهالي إلى مناطق أخرى.
أهمية المدينة
الفلوجة هي ثاني أكبر المدن في محافظة الأنبار، وتتميز بموقع استراتيجي هام جعلها معبر لـ3 دول هي السعودية والأردن وسوريا، تتحكم الفلوجة بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والأردن، ويتخذ التنظيم الإرهابي منها عمقا استراتيجيا داخل المحافظة وخاصة مع سوريا، بما يعني أن خسارتها تعكس فقدان التنظيم لأهم خطوط إمداداتها.
ويؤكد المراقبون، أن تدمير داعش في الفلوجة سيترك أثرا حاسما على مستوى الحرب، في الوقت الذي يتخذ فيه التنظيم من المدينة رمزا له أكثر من الموصل، لما تمثل من تهديد خطير لبغداد وكربلاء وبابل والثرثار، ولهذا كانت هناك العديد من المطالبات بالإسراع نحو تحريرها.
فرصة للتعبئة الطائفية
وبعد إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، انطلاق عملية تحرير الفلوجة، توالت الأصوات المنددة بمشاركة الحشد الشعبي وسط مخاوف من تكرار ما حدث في تكريت، خاصة أن المدينة جميعها من السنة، وذلك بعد اتهامات للحشد بارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين في المدن العراقية.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه العبادي أن الحشد الشعبي ليس له أي مطامع في عملية تحرير الفلوجة، وأن مهمته «الدفاع عن الشرف والعراقيين بكل مكان»، مشيرا إلى أن ما يثار من اعتراضات لعملية الفلوجة، إنما يهدف إلى إعاقة تحريرها، داعيا المواطنين إلى تأجيل تظاهراتهم غدا الجمعة لانشغال القوات الأمنية بمعركة تحرير الفلوجة.
وحذر رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، من محاولات الترويج لتحويل معركة الفلوجة إلى فرصة للتعبئة الطائفية «المقيتة».
من جانبه، أكد المتحدث باسم التحالف الدولي، ستيف وارن، اليوم الخميس، أن أكثر من 4000 مقاتل من العشائر يشاركون بمعركة تحرير الفلوجة، مشيرا إلى انه لا يوجد مدة معينه لتحريرها.
الخروج الآمن للمدنيين
في أعقاب اشتداد الحصار على الفلوجة قبيل انطلاق عملية تحريرها، أعلنت السلطات العراقية عن توفير ممرات آمنة لخروجهم من المدينة المحاصرة، كما وجهت دعوات لهم بالخروج قبل انطلاقها وهو ما لم يسمح به التنظيم الإرهابي الذي يتخذ من المدنيين دروعا بشرية لحمايتهم.
وتستمر الممرات الآمنة في عملها، حيث وصل اليوم الخميس كل من رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ورئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم، ووزير التخطيط سلمان الجميلي، إلى مقر عمليات تحرير الفلوجة لمتابعة أوضاع المدنيين والعمليات العسكرية.
