أم كلثوم والعلي وفيروز.. كيف يدعم الفن أزمات الأوطان؟
الفن لغة التواصل الحية بين الشعوب، استطاع أن ينسج خيوطه المليئة بالتمرد والحب والسلام لتقريب المسافات. تمر الشعوب دائمًا بأزمات قد تكسرها لكن بالفن وأشياء أخرى استطاعت أن تقف من جديد.
دعنا نلقى الضوء قليلاً على الوطن العربي، ونكتشف معا كيف كان ولايزال الفن طوق النجاة في اللحظات الحرجة. بدايةً ببيرم التونسي وسيد درويش، وكيف أن سحر الموسيقى الممزوجة بكلمات بديعة، جعلتهما سلاحا فتاكا في وجه الأزمات، وليس انتهاءً بالشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، وامتدادهما في وجدان الأجيال التالية.
ولا يمكن تجاهل أغاني أم كلثوم بعد نكسة 67، التي أعادت ملء النفوس بالهمة من جديد، بعدما تخلت عن العائد من حفلاتها في هذه الفترة لدعم الإنتاج الحربي، لتضاف ضمن الأسباب الرئيسية في تخطي الأزمة.
ويأتي قرار يوسف شاهين بإخراج فيلم “جميلة” الذي كتبه كل من عبدالرحمن الشرقاوي، وعلي الزرقاني، ونجيب محفوظ، بعد صدور حكم الإعدام على المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر. ليشكل حاجزًا بين جميلة والإعدام، إذ قررت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بوقف الحكم بعد وصول ملايين الرسائل المستنكرة والغاضبة.
وامتد تأثير رسومات ناجي العلي، التي وصلت إلى 40 ألف رسمة، وصعدت القضية الفلسطينية عبر كشفه الفساد والدفاع عن حق شعبه ووطنه العربي. لدرجة وصلت إلى اغتياله في لندن سنة 1987، لتبقى شخصية “حنظلة” خالدة ومحفورة داخل وجدان أجيال جاءت من بعده.
وإذا توقفنا عند أزمة الحرب الأهلية في لبنان، نجد صوت فيروز وأغاني الأخوين رحباني، الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الشعب اللبناني؛ ليكون بداية طريق السلام والإخاء الذي سارت عليه لبنان.
ونقل الفنانون الفلسطينيون في السينما المستقلة الواقع الفلسطيني المرير للشعوب الغربية، إلى جانب وصولها لمهرجانات عالمية على سبيل المثال “الأوسكار”، من خلال فيلم “عمر” إخراج هاني أبو أسعد. وبالطبع فن الكاريكاتير الذي حصل فيه الفنان الفلسطيني هاني عباس، على أرفع جائزة كاريكاتير في العالم، كانت السبب الرئيسي في ضغط الشعوب الغربية على حكوماتها، كي تحصل فلسطين سنة 2012، على صفة “دولة” داخل الأمم المتحدة بعد أن كانت “كيانا”، وتعد هذه خطوة في طريق طويل.
وإذا رصدنا أزمات الوطن العربي القريبة والمتعاقبة، نجد الفن في مقدمة الحلول المطروحة، بل في كثير من الأحيان هو الحل الأمثل لتخطي تلك الأزمات. مؤخرًا على سبيل المثال لا الحصر، بادر الفنانون التونسيون، لدعم السياحة داخل مصر بعد حادثة استشهاد 12 جنديا في سيناء، في أعقاب الظروف المضطربة التي تعيشها مصر. وحاليًا مبادرة محمد منير لإقامة حفل كبير في شرم الشيخ بعد أزمة سقوط الطائرة الروسية، وغيرها من المبادرات التي لا حصر لها. لتثبت التجارب على مر السنين أن الفن جزء كبير من الحل.
https://www.youtube.com/watch?v=WJfMWdBoqGM