«الفوضى العبثية» التي تقود العاصمة الليبية طرابلس
طرابلس تحت منافسة ثلاثة حكومات وعشرات الميليشيات والخطف والاغتيال حادث اعتيادي
يقول الخبر: «رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الليبية في طرابلس خليفة الغويل، يجري اتصال برئيس حكومة الموقتة الليبية عبد الله الثني»، الخبر ليس مزحة، لكنه حقيقة، يعبر عنها الواقع الحالي في العاصمة الليبية طرابلس، التي تتنازع السلطة فيها حكومتين معلنتين الأول برئاسة «الغويل» والثانية برئاسة «الثني، بينما تنتظر حكومة ثالثة أن تنشأ تحت رئاسة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بقيادة فايز السراج.
المشهد الملتبس يعبر عن الواقع الذي تعيشه العاصمة الليبية طرابلس، والتي زادت التقارير الصادرة منها بشأن ارتفاع حالات الخطف والاغتيالات على مدار الأيام الماضية.
كما تشهد العاصمة طرابلس، اليوم الأحد، تحركات للمجموعات المسلحة المسيطرة عليها في مشهد لم تتضح معالمه؛ ما زاد من الغموض السياسي المسيطر على العاصمة منذ إعلان المؤتمر الوطني العام وحكومة «الإنقاذ» التابعة له بقيادة «الغويل»، مساء الجمعة، عن عودتهما للمشهد السياسي من جديد، وقيامها باقتحام مجلس الدولة المنبثق عن اتفاق «الصخيرات»، وسيطرتها على القصور الرئاسية، ثم تلى ذلك إعلان قوات الرئاسة انشقاقها عن السراج وسيطرتها على مجلس الدولة، مما يزيد التباس الموقف في ليبيا.
ورغم مرور يومين على إعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عن إصدار أوامرها لوزارة الداخلية التابعة لها مباشرة إجراءات «القبض على من خطط ونفذ حادثة اقتحام مقر مجلس الدولة من السياسيين»، إلا أن حكومة الإنقاذ لا تزال داخل مقرها بقصور الضيافة.
عشرات الميليشيات
ومن اللافت أن المجموعات المسلحة المنطوية تحت لواء وزارة داخلية حكومة الوفاق تشهد انقساما كبيرا فيما بينهما، حيث نشرت «كتيبة ثوار طرابلس» التي تعمل تحت مسمى «الأمن المركزي» قواتها على طول الشط المار بجانب قاعدة «بوستة» البحرية، وأقدمت منذ مساء أمس على إغلاق ساحة الشهداء والأسواق المتاخمة لها ومنعت المارة من دخولها.
فيما نشرت «كتيبة البوني» التي تعمل تحت مسمى «الحرس الرئاسي» الخاصة بقصور الضيافة والتابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق أيضا قواتها الممثلة في سيارات مسلحة وعناصر بشكل كثيف حول مجمع قصور الضيافة، وأقفلت الطرقات المؤدية له، وأقفلت المحال المجاورة له.
كما تشهد المقرات العسكرية شرقي العاصمة، والتي تسيطر عليها مجموعات تنتمي لمدينة «مصراته»، وهي مولية لحكومة الوفاق، تحركات عسكرية مماثلة أمام بواباتها وفي محيطها.
انشقاق آخر الليل
ولم تشهد العاصمة طرابلس التي تعيش على وقع غموض يكتنف مصيرها خلال الساعات القادمة أي صدام مسلح، نهار الأحد، باستثناء سقوط قذائف عشوائية (لم يُعرف مصدرها) على مخيم لاجئين بمنطقة الفلاح غرب طرابلس؛ الأمر الذي أودى بحياة امرأة وجرح طفلين، غير أن في مساء اليوم أمن الرئاسي الخاص في بيان مباشر عبر القنوات المحلية الليبية من قصور الضيافة وسط العاصمة طرابلس، استعادته لما وصفها بالشرعية الدستورية و انشقاقه عن مجلس الدولة بكامل عدته و أفراده.
وأعلن خليفة الغويل، رئيس الحكومة الليبية المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، الجمعة، عودة حكومته لمباشرة أعمالها من العاصمة طرابلس، بعد غيابها عن المشهد السياسي في البلاد، منذ مارس/آذار الماضي.
وبررت حكومة الغويل أسباب رجوعها للمشهد السياسي بالبلاد بــ”فشل المجلس الرئاسي في تقديم حكومة وحدة وطنية رغم أنه أعطي الفرصة تلو الأخرى”، واتهمته بأنه “يمارس السلطات التنفيذية بشكل غير شرعي واغتصب الوزارات والميزانيات وأصبح يحركها من خارج الوطن”، على حد ما جاء في بيان صادر عنها الجمعة.
واختفت حكومة «الغويل» عن المشهد في ليبيا منذ أن تمكن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من الوصول إلى قاعدة «بوستة» البحرية بطرابلس نهاية مارس/ آذار الماضي.
وفي فبراير/شباط الماضي، تشكل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وفق الاتفاق السياسي بين أطراف الصراع في البلاد الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر/كانون الأول 2015، بموجب خطة تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء حالة الفوضى والصراع التي تعاني منها ليبيا، وبخاصة عاصمتها طرابلس منذ ثورة 2011.