جدل كبير حول مصير القاعدة البحرية الروسية في السودان، فبينما تعلن الخرطوم تجميد الاتفاقية مع موسكو حتى مراجعة بنودها، تؤكد موسكو أن الخرطوم لم تنسحب من الاتفاقية داعية إلى التوصل إلى حل وسط.
الاتفاقية التي تم توقيعها بين روسيا والسودان في نوفمبر عام 2020 تنص على إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، وفي المقابل سيحصل السودان على أسلحة ومعدات عسكرية من روسيا.
القاعدة المقرر بناؤها بالقرب من ميناء بورتسودان، تتسع لاستيعاب 300 عسكري ومدني، وستكون تصميماتها قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، فضلا عن قدرتها على استقبال أربع سفن في وقت واحد.
وتبلغ مدة الاتفاقية 25 عاما مع إمكانية التمديد لعشرة أعوام إضافية بموافقة الطرفين.
وحسب ما جاء في مقدمة الاتفاقية، فإن إقامة القاعدة الروسية تهدف إلى تعزيز السلام والأمن بالمنطقة ولا تستهدف أي أطراف أخرى.
في ذلك السياق، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية بمعهد العلاقات الدولية، اللواء أمين إسماعيل، إن الاتفاقية الموقعة بين السودان وروسيا تم توقيعها إبان النظام السابق في عام 2017، بطريقة لم تراع السيادة الوطنية السودانية، لافتا إلى أن نظام البشير تقدم بطلب للحماية وقدم “شيك على بياض” لروسيا لتفعل ما تريد على الساحة السودانية.
وأضاف إسماعيل، خلال لقاء ببرنامج مدار الغد، أنه عقب الثورة السودانية تمت مراجعة الاتفاقية، ووجد أنه لم يتم المصادقة عليها من المجلس التشريعي وأنها تتضمن مسائل تمس السيادة الوطنية.
ومن بين تلك الأمور التي تمس السيادة، أوضح إسماعيل أن “مدة الاتفاقية التي تصل إلى 25 عاما وهي فترة طويلة جدا في مسائل التعاون العسكرية، إضافة إلى أن الاتفاقية تخلو من أي سيادة قضائية داخل القاعدة”.
كما أشار الخبير السوداني أن تلك القاعدة قادرة على استقبال سفن ذات قدرات نووية وهو أمر غير مقبول في ظل المخاوف من وقوع حوادث.
وتابع قائلا “السودان عاد دولة قوية ذات وضعية في المنطقة، ويحاول أن يخلق لنفسه مصالح وتحالفات تحقق له المصالح الوطنية”.
ولفت إلى أن التعاون من روسيا كان خلال السنوات الماضية كان بسبب العقوبات المفروضة على السودان لكن هناك الآن انفتاح على دول العالم بعد رفع العقوبات.
فيما رأى المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، ريتشارد شمايرر، أن من المتوقع ومن المناسب مراجعة الاتفاقية، ولا يوجد سبب للمضي قدما في هذا الاتفاق.
وأضاف أنه لا يوجد أي سبب للسودان لكي تكون به قاعدة كهذه، مشيرا إلى أنه يمكن للمؤسسة العسكرية السودانية تشجيع دول الغرب لمساعدة الخرطوم في تلبية الاحتياجات الأمنية والقدرات العسكرية.
ولفت شمايرر إلى أنه لا يعتقد أن هناك ضغوطا من واشنطن على الخرطوم في هذا الشأن، متابعاً أن الحكومة السودانية الجديدة تدرك أن البلاد باتت في مسار مختلف عن المسار الذي اتخذه البشير، واتخذ السودان خطوات إيجابية في ظل الحكومة الجديدة.
من جانبه، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط، دينيس ميرجورود، إن روسيا تعي جيداً أن للسودان الفرصة في إعادة تقييم الاتفاقية، وتحديد كيفية الاستفادة منها أكثر على كافة النواحي، مشيرا إلى أن لا أحد ينفي أن منطقة الشرق الأوسط هي موقع صراع سياسي بين القوى من خارج المنطقة.
وأضاف أن في عام 2020 أخرجت واشنطن الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد الاتفاق على بناء القاعدة العسكرية الروسية، ورأى أنه السودان يمكنه استغلال المنافسة الدولية في المنطقة لجني أرباح أكثر.
وأشار إلى أنه في حالة إلغاء الاتفاقية فستتواصل المفاوضات بين روسيا والسودان، لافتا إلى أن هناك العديد من الملفات التي سيتم بحثها خلال اللقاء المرتقب للرئيسين الأمريكي والروسي.
