القطيعة قائمة بين «القصر» و«السراي» بلبنان.. والانفجار على الأبواب
يخيم التشاؤم على المشهد السياسي اللبناني، مع استبعاد تشكيل الحكومة الجديدة، خاصة وأن القطيعة لا تزال قائمة بين «قصر بعبدا» الرئاسي، و«السراي الكبير» مقر الحكومة، وأن أياً من الفريقين لم يتراجع عن موقفه بما خص عملية تشكيل الحكومة، فضلا عن أن الأطراف السياسية تبدو غير مستعجلة لإنجاز هذا الاستحقاق، وأن ما يشغل بالها هذه الفترة هو الاستحقاق الرئاسي الذي على ما يبدو بدأت المعركة بشأنه تحتل المشهد السياسي وتتقدم على ما عداه من ملفات، ولا سيما ملف تشكيل الحكومة.
لا تشكيل حكومة في المدى المنظور
وهناك مؤشران حصلا بالأمس كانا أبلغ دليل على أن لا تشكيل حكومة في المدى المنظور، وربما لا حكومة على الإطلاق حتى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، بحسب تقديرات المحلل السياسي اللبناني، حسين زلغوط، وأن المؤشر الأول يتمثل بعدم زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، نجيب ميقاتي العائد من زيارته الخاصة في الخارج إلى قصر بعبدا الرئاسي.. والمؤشر الثاني هو عدم دعوة رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة المكلف للقاء به، أو على الأقل تحديد موعد للزيارة، وهذا يعني بشكل واضح أن القطيعة لا تزال قائمة بين «القصر» و«السراي».
- وما يعزز المعطيات بأن لا حكومة جديدة، وأن حكومة تصريف الأعمال ستتصرف على انها حكومة مكتملة الأوصاف، هو عدم بروز أي مؤشر يوحي بإمكانية تدخل طرف سياسي داخلي لتقريب وجهات النظر، أو إمكانية إيفاد أي دولة معنية بالملف اللبناني موفداً لها يحمل افكاراً او صيغاً من شأنها ردم الهوة الموجودة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.
الخلافات قائمة بين «عون وميقاتي»
إذا كان البعض من المطَّلعين على المسار اليومي للحراك السياسي، ما زال لديهم الانطباع بأن الوقت المحدد لتشكيل الحكومة لم يأفل بعد، وأن الوقت ما زال متاحاً لتأشكيل الحكومة الجديدة، فإن الخلاف الموجود بين «عون وميقاتي» يعكس مناخات معاكسة، بحسب تعبير المحلل السياسي، خصوصاً وأن الرئيس المكلف ما زال يصر على أن يسمع من رئيس الجمهورية أجوبة عما حمله اليه في الزيارة الأولى التي أعقبت الاستشارات النيابية، حيث إن الرئيس عون لم يرسل إليه أية ملاحظات على التوليفة الحكومية التي أودعه إياها في ذاك اليوم.
- وهذا السلوك الرئاسي ما زال يستفز رئيس الحكومة المكبف، ميقاتي، الذي اخذ خياره بأن يرأس اجتماعات مجلس الوزراء بالمفرق، أي انه يجتمع بالوزراء المعنيين بأي ملف مطروح او ملح ويأخذ القرار بشأنه على غرار ما حصل بالأمس في ما خص القطاع العام، وهذا الأمر حكماً سيتكرر ما دامت خطوط التواصل باردة او مقطوعة مع رئيس الجمهورية.
الانفجار الاجتماعي على الأبواب
عدم تشكيل الحكومة الجديدة، يطرح السؤال ما اذا كان لبنان قادرا على مواجهة التحديات التي تواجهه على أكثر من صعيد، ويرى حسين زلغوط، أن بقاء لبنان في مدار الاشتباكات السياسية اليومية يضعف موقفه تجاه الملفات ذات الصلة بالخارج، مثل مسألة ترسيم الحدود البحرية، وكذلك يجعله عاجزاً بالكامل عن مواجهة التحديات والازمات في الداخل، بشكل يجعل الخوف من الانفجار الاجتماعي الواسع مبرراً، خصوصاً وأن المؤشرات الاولية لمثل هكذا انفجار بدأت بالظهور يومياً من خلال فقدان بعض المواد وانتشار ظاهرة النشل والسلب بقوة السلاح، وكذلك القتل من دون أي رادع.
- وبات واضحا، أن القطيعة الموجودة بين «بعبدا والسراي الحكومي» تضع لبنان واللبنانيين، في وضع لا يحسدان عليه، ولا سيما أن الملفات المفتوحة تتطلب وجود مناخات سياسية هادئة لمقاربتها، وفي حال استمر الوضع على هذا المنوال فان الأزمات الموجودة ستزداد تعقيداً.
الاهتمام بالملف اللبناني تراجع خارجيا
ويرى «حسن زلغوط» إذا كان الأفق الداخلي المسدود بات يتطلب دخولاً خارجياً على خط المعالجات، تسارع الأوساط السياسية إلى التأكيد بأن لا معطيات جدية تؤكد إمكانية دخول اي طرف خارجي على خط الأزمة السياسية الموجودة، وأن عدداً من السفراء الذين تم الاستفسار منهم حول هذا الأمر جاءت إجاباتهم غير مشجعة، وأن هناك شبه إجماع على ضرورة أن يعالج اهل لبنان أزماتهم بأنفسهم باعتبار ان الملف اللبناني، اقله في الوقت الراهن، ليس اولوية امام ما تعج به المنطقة من ملفات ضاغطة ومشاكل، مستبعدين وصول اي موفد دولي إلى لبنان للعمل على المساعدة في تشكيل الحكومة، وانه وإن حصل أن جاء أي موفد دولي فان عمله سيقتصر على الشأن الاقتصادي والاجتماعي بعيداً عن الواقع السياسي الموجود
- ومن جانبه يأسف الوزير السابق فارس بويز، لعدم قيام الدولة اللبنانية بأي مبادرة إيجابية من أجل تخفيف حدّة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية عن الشعب اللبناني لا سيما أن الحوار مع صندوق النقد الدولي لم يسير بشكل طبيعي والإصلاحات لا تزال معلقة في ظل غياب الدولة التام ومنذ سنتين عن القيام بما هو مطلوب منها وبالتالي فإن الأزمة المعيشية والمالية تتفاقم، علما انها مترابطة مع الاستحقاق الرئاسي المتعثر.