فيلم “القليوبي صديق الحياة” هو حياة اغتنت بالصراع والمستقبل

رياض أبو عواد يكتب عن فيلم يجسد رحلة المخرج محمد كامل القليوبي

 

 

عرض مساء أمس الاربعاء فيلم “القليوبي صديق الحياة” للمخرج سامي محمد علي وسيناريو أستاذ السيناريو في المعهد العالي للسينما ثناء هاشم في مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية وسط حضور امتلأت به قاعة العرض، وقوبل بترحاب شديد لانحيازه تجاه المستقبل مستفيدا من الماضي.

يتعرض الفيلم لحياة المخرج المصري الراحل محمد كامل القليوبي والذي رحل عن عالمنا قبل ثلاث سنوات نتيجة خطء طبي بعد أن ترك أثرا لا يمحى في الحياة الثقافية والسينمائية المصرية، فهو المثقف الشامل قبل أن يكون مخرجا واعتبره غالبية المتحدثين في الفيلم بأنه المثقف أكثر منه مخرج لموسوعية معرفته وغزارة ثقافته في مواضع مختلفة وارتباطها بالموقف الوطني ومستقبل الوطن.

افتتاحية الفيلم تعبر من خلال اقتطاع أجزاء من لقاءات مصورة للقليوبي يقدم فيها رؤيته عن الحرية والرقابة وطبيعة الحياة الانسانية الحرة وارتباطها بقيمة وتطور قيمة الانسان المصري تاريخا وحاضرا ومستقبلا.

ينطلق الفيلم بعدها ليصور محطات حياة القليوبي منذ طفولته  حتى رحيله عن عالمنا من خلال رفاق هذه الحياة بداية بشقيقته ليلى التي تصغره بعامين والتي روت وشقيقها  محطات من مرحلة الطفولة لديه والتي تميزت بقراءات متعددة وكتابة مبكرة في المدرسة الى رسومه الكاريكاتيرية والتصويرية العادية  وصولا لمشاركته مع أصدقاء عائلة لهم في مسرح خيال الظل في مصيفهم بالإسكندرية وتحريك العرايس.

وصولا الى مرحلة المراهقة والشباب التي يدخل على خطها مثقفون من أبناء جيله الذين يختزنون الكثير من تجارب الحياة في صدورهم ومنهم المهندس الاستشاري منير عياد شريكه في دارسة الهندسة وكيفية تعرفهم على بعضهم البعض في أواخر السيتنيات من القرن الماضي وكيف انتقلت العلاقة من حيز الشك في ظل الحكم الأمني الذي كان يسيطر على البلاد حينها ضد الشيوعيين في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر الى موقع الصداقة المتينة التي لم تنتهى رغم رحيل القليوبي متحدثا أيضا عن مقالات القليوبي في المجلة الجامعية حينها عن الفلسفة الوجودية وعن السينما العالمية.

وتحدث الشاعر زين العابدين فؤاد عن مرحلة اعتقالات المثقفين في مصر ف أواسط السبيعنيات من القرن الماضي في عصر الرئيس أنور السادات وقد كان القليوبي من ضمن المعتقليين، حيث اكتشف القليوبى فى داخل المعتقل أثناء عقدهم ندوة البطانية داخل السجن من خلال المناضل سعد الساعى لأول مرة وجود محمد بيومى والذى تحول بعدها لكشفا تتبعه القليوبى ليغير تاريخ السينما المصرية

في حين تحدث أستاذ الإخراج في المعهد العالي للسينما يحيى عزمي عن فترة دراسته والقليوبي في موسكو وعن مواقف القليوبي المختلفة تجاه الحياة الفنية والثقافية وانحيازه إلى اليسار في مواقفه المختلفة مترافقة بعرض بعض الصور له هناك الى جانب حديث زوجته الكاتبة الروسية أولجا وكيف تعرفا على بعض وتزوجا وأنجبا ابنهما رامي الذي تحدث بدوره عن مساندة والده له ثقافيا ودعم اختياراته في الحياة.

وتحدث في الفيلم مجموعة من الذين عملوا معه في افلامه من بينهم مدير التصوير سمير فرج الذي اعتبر فيلم “ثلاثة على الطريق” أول افلام القليوبي الروائية تغريد خارج سرب السينما المصرية لفرادته وطريقته المغايرة في التصوير واستناده الى الحركة المستمرة في شاحنة ،ومن خلال هذه الرحلة  تعرض الفيلم لواقع المجتمع المصري السياسى والإجتماعى في المسافة الممتدة من مدينة الأقصر الى القاهرة، وحسب الناقد ومدير وحدة التراث في دار الهلال اشرف غريب، لدى القليوبى عينا تسجيلية خاصة حتى فى أفلامه الروائية وهو ما ظهر مثلا فى فيلمه أحلام مسروقة والذى صور العشوائيات من قبل اتساع تناول أوضاعها فيما بعد.

والموسيقار راجح داود الذي شارك في وضع الموسيقى التصويرية لافلام القليوبي الروائية الثلاثة “ثلاثة على الطريق” و”خريف ادم” و”البحر بيضحك ليه” متحدثا عن عمق معرفة القليوبي في الموسيقى وإصراره على موسيقى محددة وغريبة تلعب فى الربابة المصرية ألحانا سيموفونية في فيلم “خريف آدم” الذي اخذه القليوبي عن مجموعة قصص لصديقه الروائي الراحل محمد البساطي أكثر أبناء جيل الستينيات موهبة.

كما تحدث تلامذته عن تجربتهم الدراسية على أيدي المعلم القليوبي المتعدد المواهب من بين أستاذة السيناريو وكاتبة سيناريو هذا الفيلم ثناء هاشم وكيف ساعدها في التغلب على مواقف  والدها المعارضة في الدراسة بالمعهد العالي للسينما مساندا لها فى حرية الاختيار كما اعترف لها بعد معرفته لها.

وتلميذه خالد عبد الجليل الذي أصبح مستشارا سينمائيا لعدة وزراء ثقافة متعاقبين على الوزارة إلى جانب رئاسته للمركز القومي للسينما أكثر من مرة وهيئة الرقابة والذي تحدث عن دعم القليوبي لتلاميذه إلى جانب قدرته على نقل التجارب والخبرات لطلابه وادخاله مواد جديدة للتدريس في معهد السينما مثل مادة التكوين الفيلمي.

وأكد الفيلم على مجموعة من القضايا من خلال حديث المشاركين في الفيلم وفي الندوة التي أعقبت عرض الفيلم  والتي أدارها الناقد نادر عدلي بشفافية واجتهاد عاليين المستوى حول أفلامه التسجيلية التي أسست لرؤى جديدة فى السينما مثل فيلم “محمد بيومي” الذي كشف من خلاله عن شخصية رائد السينما المصرية المصري بعد أن كانت صناعة يحتكرها الأجانب الذين كانوا يعيشون في مصر آنذاك، وكذلك فيلم “اسمى مصطفى خميس” والذي اعاد ذكرى الجريمة الأولى لثورة 23 يوليو ضد الحركة العمالية والتي انتهت بمحاكمة العمال  المضربين في كفر الدوار وإعدام محمد البقري ومصطفى خميس.

وهذه المحطات الفنية لها قيمتها الأساسية في السينما عند إعادة اكتشاف مؤسس وأب السينما المصرية محمد بيومى بما توضحه من تاريخ وبما تحمله ايضا من رؤية مستقبلية لكيفية تطوير السينما المحلية.

وكذلك اعادة مراجعة التاريخ المصري من ثورة 23 يوليو عام 1952 التي غيرت تاريخ مصر طوال فترة حكم جمال عبد الناصر وجعلت منها بلدا يسعى الى التجديد واصبح لها دورا رياديا عالميا الا انها وقعت في خطيئة محاربة الطبقة العاملة ومطالبها العادلة وحرمتها من ممارسة دورها في السلطة.

وهو ما تسبب في الانحدار الذي تلا المرحلة الناصرية مع تولى السادات الحكم واخراجه القوى الاسلامية من القمقم لمحاربة اليسار والناصريين والاندفاع نحو سياسة الانفتاح والعزلة عن دور مصر القومي والوطني في مصر و المنطقة العربية.

وتعبر أيضا أفلامه التسجيلية الأخرى ومن بينها فيلم “نجيب الريحاني فى ستين ألف سلامة” عن استعادة الدور التاريخي للمبدعين في مصر ارتباطا بالتاريخ الوطني المصري وكذلك وفيلم “الأهرام.. قرن من الفن” والذى  صور فيه عمق اهتمامه وعرفته شخصيا بالفن التشكيلي فضلا عن مقتنياته هو أيضا الخاصة التي صور الفيلم بعضها.

ومن أبرز محطات الفيلم الموقف التاريخي الذي وقفه القليوبي أثناء رئاسته للمركز القومي للسينما في وجه بيع النسخة السالبة للأفلام المصرية للشركات العربية للإنتاج الفني التي كان يملكها رجال أعمال مصريين وعرب من بينهم من نجيب ساويرس من مصر وأبناء محمد حسين هيكل وآخرين من العرب من بينهم رجل الأعمال الأردني علاء الخواجة وزوجته الفنانة إسعاد يونس أصحاب الشركة العربية للإنتاج والتوزيع

باعتبار أن هذا يؤدي إلى الإحتكار والى التفريط في تراث معرفي سينمائي وطني مصري سينتهي وجوده في إيدي الوهابيين ومنهم لأيدي الصهاينة، وخاض معركته على جميع الأصعدة ضد الشركة العربية وضد وزارة الثقافة ووزيرها في حينه فاروق حسني وضد وزارة الاعلام وضد بعض المبدعين الذين أغرتهم فكرة إنتاج أفلام لهم من قبل شركة تملك رأسمالا كبيرا ولم ينتبهوا الى ما كان يحذر منه القليوبي.

حيث صدقت نبوءته عندما تخلى كل رجال الأعمال المصريين عن الشركة وتركوها في يد مديرتها إسعاد يونس وزوجها علاء الخواجة الذين قاموا ببيع أصول السينما كلها لشبكة روتانا التي يملكها الأمير السعودي الوليد بن طلال والذي أصبح شريكا للصهيوني مردوخ فأصبح كل هؤلاء ورثة وعي أجيال من المبدعين المصريين حارمين المصريين من أعز ما يملكون.

ولكنه لم يتوقع أبدا ولم تكن من ضمن  نبؤاته أن يؤسس مهرجانا سينمائيا وهو مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية والذي نقل بعد ذلك إلى مدينة شرم الشيخ والذي أصبح اسمه مهرجان شرم الشيخ للسينما المصرية والآسيوية، أن يتم تكريم من حاربها لبيعها تراثنا السينمائي “إسعاد يونس”  بتقلدها الرئاسة الفخرية لمهرجان قام هو بتأسيسه.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]