حذر الكاتب الصحفي المصري، مكرم محمد أحمد، المقرب من السلطة، من انتفاضة «الأفواه الجائعة» بعد تصاعد موجات الغلاء .. وقال مكرم، في مقاله المنشور اليوم الإثنين، بصحيفة الأهرام، تحت عنوان «الغلاء.. الغلاء.. الغلاء»، ما لم يضع الحكم في اعتباره أن الغذاء قد أصبح بالفعل مشكلة أمنية تفوق كل المشكلات الأمنية الأخرى، فسوف يكون من العسير سد الأفواه الجائعة إذا خرجت تطالب بالطعام إلى الشوارع.
وأكد الكاتب، أن غلاء الأسعار خاصة ما يتعلق منها بالغذاء، ابتداء من أسعار الدواجن والأسماك، إلى أسعار الخضراوات والأرز والزيت والمكرونة، التي تشكل قوام غذاء غالبية الشعب المصري، هي ما ينغص حياة المصريين، ويشغلهم، ويشكل رؤيتهم لمعايير فشل الحكومة ونجاحها.
وأشار مكرم إلى شراهة الاحتكارات التي تسيطر على تجارة الجملة والقطاعي، وأسواق الخضر والفاكهة، والتي تفرض على المستهلكين أسعارا تحكمية لا علاقة لها بقوانين السوق والعرض، مما يزيد المشكلة سوءا وتعقيدا ويزداد أنين الشعب وشكواه، نتيجة إخفاق محاربة الغلاء في أي من السلع الأساسية على نحو واضح وقاطع.
وأوضح الكاتب، أنه مما يزيد العبء على الناس، فواتير استهلاك الكهرباء التي تتغير بمعدلات تكاد تكون لوغارتمات يصعب على الناس فهمها، لكنها تلزم المستهلك بدفع المئات وليس العشرات من الجنيهات!
نص المقال:
يكاد يكون غلاء الاسعار خاصة ما يتعلق منها بالغذاء، ابتداء من أسعار الدواجن والاسماك إلى اسعار الخضراوات والارز والزيت والمكرونة التي تشكل قوام غذاء غالبية الشعب المصري هي ما ينغص حياة المصريين ويشغلهم ويشكل رؤيتهم لمعايير فشل الحكومة ونجاحها، ومع شراهة الاحتكارات التي تسيطر على تجارة الجملة والقطاعي وأسواق الخضر والفاكهة تفرض على المستهلكين أسعارا تحكمية لا علاقة لها بقوانين السوق والعرض والطلب التي يتم افسادها وتعطيلها، تزداد المشكلة سوءا وتعقيدا ويزداد أنين الشعب وشكواه!.
وبرغم الجهد الذى تبذله وزارة التموين فإنه في الاغلب جهد جد محدود قياسا على حاجات جموع الشعب، لا يعدو ان يكون مجرد عينات لم تنجح حتى الآن في تحسين شروط انتاج سلعة واحدة بما يؤكد امكانية قهر الغلاء أو تخفيف غلوائه، باستثناء منظومة الخبز التي استقرت قواعدها في اطار قبول عام واضح لأنها حفظت انسانية الانسان المصري، وما عدا ذلك فشل كبير نتيجة اخفاق محاربة الغلاء في أي من السلع الأساسية على نحو واضح وقاطع.
وما من شك في أن النجاح الذى تحقق في منظومة الخبز كان يمكن وربما بسهولة أكبر تحقيقه في مجال الاستزراع السمكي وتربية الدواجن اللذين يشكلان أهم حلول مشكلة غذاء المصريين وأيسرها، لكنه التسيب والاهمال وضعف المتابعة والهمة وغياب الهدف الاستراتيجي الواضح!.
ومها تكن الأسباب التي تبرر فشل الجهد المصري وعجزه عن تحقيق الكفاية في هاتين الصناعتين فهي أسباب مرفوضة لأنها تعود في الأغلب لأن التموين في واد والزراعة في واد آخر والبحث العلمي في واد ثالث أكثر بعادا، ولذلك عجز الجميع عن انشاء صناعة أعلاف وطنية تضاعف انتاج مزارع الدواجن كما عجزوا عن ضمان تطبيق الاشتراطات الصحية التي تكفل نظافة مزارع الدواجن وسلامتها.. وأظن أن معدلات نمو المزارع السمكية لا يزال جد متواضع قياسا على الآمال التي عقدت عليها، لم تصنع بعد تأثيرها الواضح في السوق المصرية رغم توافر كل ظروف نجاح هذه المزارع ونموها.
ويزيد العبء على الناس فواتير استهلاك الكهرباء التي تتغير بمعدلات تكاد تكون لوغارتمات يصعب على الناس فهمها لكنها تلزم المستهلك بدفع المئات وليس العشرات من الجنيهات!
وما لم يضع الحكم في اعتباره أن الغذاء قد أصبح بالفعل مشكلة أمنية تفوق كل المشكلات الأمنية الاخرى، فسوف يكون من العسير سد الأفواه الجائعة إذا خرجت تطالب بالطعام إلى الشوارع.
