الكونفيدرالية الفلسطينية الإسرائيلية أم حل الدولتين؟ خبراء يجيبون

مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، يطفو على السطح من جديد ملف السلام الفلسطيني الإسرائيلي وخيار حل الدولتين وبدائله، وهو الملف الذي كان محورَ آخر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في سبتمبر عام 2020 على عينة من الجمهور الفلسطيني والإسرائيلي.

قال مستشار شبكة السياسات الفلسطينية، سام بحور، إن الحل الوحيد حاليا أمام القضية الفلسطينية هو “الكونفيدرالية”، إلا أنه ليس أمراً حتمياً، مشيراً إلى أن الحل الحتمي هو أن يقوم الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال العسكري وأن يعود اللاجئون إلى الوطن.

وأضاف بحور، خلال لقاء ببرنامج مدار الغد، أن فكرة الكونفيدرالية هي محاولة لتحقيق الاستقلالية للفلسطينيين في سياق أن يرى الإسرائيلييون مستقبل القضية الفلسطينية وألا تمثل تهديداً بالنسبة لهم.

ولفت إلى أن الدفع بفكرة الكونفيدرالية جاء بناء على عدة عناصر، لا سيما أن فكرة الدولتين أو الدولة باتت حجة قديمة، كما أن الوضع على أرض الواقع يتدهور أسرع مما يتخيل أي شخص، مؤكداً أن الشؤون الداخلية الفلسطينية تنهار أمام الجميع، ليس فقط على جبهة الانتخابات ولكن الصحة والتعليم وغيرها.

وتابع: “ليس هناك وقت للحديث عن البحث عن حل، يجب أن نجسد الحل وندعمه، ونُقنع الإسرائيليين بأن لديهم مستقبلا مشتركا مع الفلسطينيين وهو مشرق أكثر من الاحتلال إلى الأبد”.

وأضاف بحور أن عنصر الكونفيدرالية مطروح للمناقشات، يتناول الحديث عن دولتين قائمتين، إحداهما محتلة والأخرى تمثل قوة الاحتلال، وأن هاتين الدولتين يمكن أن تستمران بهوية وطنية، ولكن يجب أن تكون هناك أوجه تشابه، حيث يمكن مشاركة عدة ملفات وتوفير الفرصة لدى مواطني الدولتين لمشاركة تلك الأمور.

وأشار إلى أن هذا الحل يتيح الفرصة للاجئين للعودة لأرض الوطن.

ولفت إلى أن الوكالات السياسية الفلسطينية ضعيفة، وتتحدث منذ وقت طويل عن الدولة على أنها صياغة للعزيمة الفلسطينية، ولم تجتمع مع الإستراتيجيين الذين لديهم القدرة على تغيير الواقع.

واستطرد: “المسألة ليست حل الدولة أو الدوتين، الافتراض هو أن يكون هناك واقع لدولتين على المستوى السياسي أولا، وأن تكون هناك أفكار وحراك للدمج بين الجانبين، والسماح لهذا الحل أن يكون طريقا للأمام، ليس من خلال حل الدولة أو الدولتين، ولكن تحديد المستقبل عبر قرارات في هذا الإطار”.

وأوضح أن الاقتصاد الفلسطيني في الأراضي المحتلة يعتمد على واردته، 70%، من إسرائيل، والصادرات 85% لإسرائيل، وفي غزة لا يهتم غالبية الشباب – الذين يشكلون الغالبية – بحل الدولة أو حل الدولتين، بل يهتمون بشأن الخروج من غزة، عدد كبير منهم يتوجهون إلى البحر ويموتون خلال محاولات الخروج.

وأكد بحور: “لن ننتظر للأبد الولايات المتحدة- حليفة إسرائيل- لحل تلك المشكلة، هناك دور أساسي للفلسطينيين ولدول المنطقة، وما تقدمه الكونفيدرالية هي حزمة قرارات محددة للدولة يمكن لإسرائيل رؤيتها على أنها مستقبل مشترك، وأنه ليس هناك ما يخشونه من الدولة الفلسطينية المتحررة من الاحتلال”.

وأضاف: “لا أدعو إلى وقف المقاومة على الأرض، المقاومة يجب أن تستمر، المقاطعة ما إلى ذلك خاصة الاقتصادية حتى يستطيع الناس العيش تحت وطأة الاحتلال”، متابعاً: “الأهم هو مقاومة أي نوع من الاحتيال السياسي لمحاولة السيطرة على عملية صناعة القرار للشعب الفلسطيني”.

وتابع: “القانون الدولي إلى جانبنا، حان الوقت لنتحدث مع الإسرائيليين لأننا لن نذهب إلى أي مكان وهم لن يذهبوا لأي مكان، ومن ثم علينا أن نصل إلى قرار جماعي”، ورأى “أن حل الدولة الواحدة لن يكون مقبولا من قبل الإسرائيليين وقد تحايلوا عليه على مدار سنوات مضت، علينا الوصول إلى رؤية مشتركة دون التخلي عن الحقوق أو الهوية القومية لهذه الدولة”.

من جانب آخر، قال الأكاديمي والقانوني الفلسطيني ومؤلف كتاب “القضية الفلسطينية حل الدول.. الدولتين”، الدكتور رائف زريق، إن هناك شيئا مغريا بالاقتراح الكونفيدرالي باعتبار واقع الاستيطان وحالة التشابك المستمرة بين الشعبين، وإذا كانت الكونفيدرالية هي الحل فإن المشكلة بالأساس هي أن الفلسطينيين اليوم ضعفاء ولا يستيطعون فرض حل الدولة أو الدولتين أو بالضغط على إسرائيل ليصبحوا مواطنين متساوين في كل شيء أو فك الاستيطان.

وأضاف: “اعتقد أن السؤال الأساسي الذي يواجه الفلسطينيين الآن ليس مسألة الحلول بقدر ما هو كيف نستطيع أن نناضل أو نغير موازين القوى؟ الآن هناك إغراء بحل الكونفيدرالية لأنه يأخذ بعين الاعتبار الاختلاف في المشهد الديموغرافي، رغم وجود مئات الآلاف من المستوطنين”.

وتساءل زريق: “لماذا يوافق الإسرائيلييون على الكونفيدرالية؟”، متابعاً أن الواقع لا يقتصر على حل الدولة أو الدولتين، بل الواقع يحتمل أيضا عدم وجود حل، وأن الذي يُعجل بالحل ويفرضه هو بالأساس موازين القوى، ما يطرح سؤالا آخر حول استطاعة تغيير موازين القوى بالنسبة للفلسطينيين؟

وأكد: “إذا استطعنا تغيير موازين القوى، واستطاع الفلسطينييون أن يفرضوا على إسرائيل التفاوض قد تكون الكونفيدرالية مخرجا”، مؤكدا أن الكونفيدرالية ليست تجاوزا لقدرة الفلسطينيين على إنشاء دولة أو سيادة، ولا تعويض عن الخلل في موازين القوى، ولكنه حل بين الفلسطينين والإسرائيليين، ويفترض التوازن بين الجانبين.

وأشار زريق إلى أن حل الدولتين أصبح صعباً مع انتشار الاستيطان في الضفة، وبات الفلسطينيون في تلك المرحلة أمام تساؤل “كيف يمكن أن يناضلوا؟”، خاصة في ظل اختفاء مشهدية الاحتلال، وأصبح احتلالا عبر سجن كبير ويوظف السلطة الفلسطينية كي تحافظ على الأمن.

ولفت إلى أنه في ظل عدم إمكانية نضال عسكري يبقي الحل هو أن يتحول الفلسطينيون من مطلب الدولة المستقلة، لطلب تقاسم السيادة، لافتا إلى أنه لا يوجد لإسرائيل أي سبب للموافقة على هذا الطرح، لكن على الأقل هذا الطرح قد يحوي لغة ليبرالية ديمقراطية قد تكون قادرة على استيعاب العالم لها، وقد تتيح إمكانية النضال القائمة على المناداة بحقوق المواطن والإنسان وحركات احتجاجية تستطيع أن تحييد فائض القوى الإسرائيلية.

وأضاف: “إذا قررت إسرائيل أن تواجه الفلسطينيين كشعب وكحركة تحرر فهي تجيد قصف المدنيين والعسكريين، لكن ماذا إذا قال الفلسطينيون إن كل ما نريده أن نعيش في دولة واحدة متساويين في الحقوق، وهناك شرعية دولية لمثل هذه الحقوق”.

ولفت: “حل الدولة الواحدة لا أعتقد أنه ممكن، لكنه قد يتيح نوعا معينا من الحراك السياسي أكثر من الموجود”، متابعاً: “حل الدولة الواحدة قد يكون به نوع من الخيال السياسي الجديد الذي يستدعي أدوات عمل سياسية جديدة”.

وأضاف “الأمر الآخر في أهميته، هو أنه يشير إلى أنه لا يمكن ابتزازنا، وإذا لم يوجد حل الدولتين فهذا ليست نهاية المطاف، ونقول للإسرائيليين أننا أصحاب نفس طويل، ونستطيع التعايش مع حل الدولة”.

وشدد زريق على أن إسرائيل معنية باستمرار “الأمر الواقع”، كما أن الفلسطينيين ليسوا في حالة حرب مع إسرائيل حتي يكون الحل هو السلام، الفلسطينيون في حالة احتلال والحل هو الاستقلال الحرية.

وأكد أن الكونفيدرالية تفترض وجود كيانين سياسيين مستقلين، تحدث بينهم الكونفيدرالية، وفي حال عدم المساواة لن تحل الكونفيدرالية تلك المشكلة، إنما ستعطي غطاء لهذا الوضع.

وفي ذات السياق، قال زميل معهد بروكينجز الدوحة للدراسات وصاحب دراسة عن الحل الكونفيدرالي لإسرائلي وفلسطين، عمر حسن عبد الرحمن، إن حل الكونفيدرالية متمثلة في أطر حل الدولة أو الدولتين، وإن الواقع يشير إلى أن إسرائيل تسيطر على الوضع وليس لديها أي اهتمام لتغيير الوضع الحالي، لأن ذلك لا يخدم مصلحتها وبه مخاطرة لها.

وأضاف: “أن نجد مزيجاً بين حل الدولة وحل الدولتين قد يكون فعالا للدمج والتخلي عن الجوانب السلبية لأي منهما، والكونفيدرالية تسمح للتغلب على عدد من القضايا مثل القدس واللاجئين”.

ورأى أن العالم ممكن أن يقبل بالكونفيدرالية، قائلاً: “ليست هناك كونفيدرالية يرفضها العالم، أعتقد أن الإسرائيليين سيقبلون ذلك بشكل طوعي لأنها فكرة جيدة، وهم يمسكون بزمام القوى، ولا بد من الضغط على إسرائيل في هذا الأمر”.

وتابع: “لابد أن نقدم للفلسطينيين حلاً مقبولاً، لأن حل الدولتين ربما يكون مقبولا ولكن من الناحية العملية عند تنفيذه ربما لا يستطيعون إعادة اللاجئين إلى أوطانهم، أيضا حدود 1967 لا تزال محل تفاوض بشكل قوي والمستوطنات أيضا، هي من بين الملفات الأساسية في حل الدولتين، وربما لا تخدم الفلسطينيين في بعض النواحي، لذلك علينا أن نظهر للشعبين شيئا ملموسا”.

وشدد على أن الكونفيدرالية يمكن أن تكون مخرجاً لذلك، معربا عن اعتقاده بأن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وقيادته مهتمون بالعودة إلى المفاوضات مرة أخرى، مؤكداً أنه لن تكون هناك نتائج مختلفة من التفاوض مع نتنياهو.

وتابع: “الاهتمام بالمفاوضات لن يؤتي ثمارا، عباس مهتم لأنه ليس لديه أي بديل آخر بشأن المضي قدما نحو هدف الفلسطينيين، وهي نفس الإستراتيحية المستخدمة مرارا وتكرارا، والإسرائيليون يسعدون لأنهم يستفيدون من الواقع على الأرض وليس هناك أي تغيير يحدث على المدى الطويل”.

أيضا قال مدير مركز تقدم للدراسات، الدكتور محمد مشارقة، إن الإشكالية ليست في نوعية الخيارات التي يمكن أن تعرض على الفلسطينيين والإسرائيليين، بل هي قضية معقدة للغاية، وقد تبدو الكونفيدرالية هي الحل المثالي أمام فشل حل الدولتين وكذلك طروحات الدولة الواحدة.

ورأى أن المشكلة للوضع الفلسطيني أنه عمليا جرى الانفصال بين القيادات، ونشأت جملة من المصالح في السلطة الفلسطينية تجعلها لا تفتح الباب للتفكير الجدي في حلول أخرى غير المطروحة.

وأكد مشارقة أن السلطة الفلسطينية باتت أشبه بالوكالة الأمنية التي تديم الاحتلال المريح، ولا تفرض عليه التفكير في خيارات أخرى، مضيفا أن هناك عقما سياسيا لم تمر به الساحة الفلسطينية منذ 20 عاما، ويدور الفلسطينيون في حلقة مفرغة لا تنتج أفكارا جديدة للخروج من هذا المأزق مع انتهاء اتفاقات أوسلو.

وتابع: “القيادة الفلسطينية غارقة منذ سنوات في الانقسام وفي إشكاليات داخلية، وهي قيادة معزولة عن شعبها واختصرت قرارها وتفكيرها في قلة قليلة، وضافت قاعدتها الاجتماعية، وتردد الكلام نفسه منذ سنوات، فهناك دعوات من أطراف عدة للإعلان عن دولة تحت الاحتلال، وهو ما لا يُسمع”.

وقال إن طرح حل الدولة هو للمناورة السياسية والضغط السياسي، لافتا إلى أن هناك حلولا عملية تقدمت بها كل الدراسات، خاصة بالأمن واللاجئين والملف الاقتصادي والقدس والسيادة وغيرها، للأطراف المهتمة أمام انسداد آفاق حل الدولتين، وبدا عمليا أن يكون هناك زخم لمن يردد حلولا كحل الدولة أو الكونفيدرالية.

وأضاف: “المهم الآن أن نحول فكرة الكونفيدرالية إلى آليات عمل فعلية، خاصة أنه لا يوجد لدى الإسرائيليين أو الفلسطينيين حامل سياسي لتلك الأفكار ، فهي أفكار نخب وأكاديمية “.

وأكد أن الساحة الفلسطينية ما زالت  محكومة منذ 50 عاما بثلاثة مصادر فكرية تعطل التفكير بحلول، التيار الإسلامي والتيار القومي والتيار اليساري، وما زال العقل السياسي الفلسطيني محكومةا بهذه الأفكار البراجماتية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]