لم يمر الحكم القضائي الصادر في إسرائيل أمس، الأحد، بتمديد إغلاق باب الرحمة، المؤدي إلى المسجد الأقصى، مرور الكرام، حيث أثار هذا الحكم ردود فعل دولية وعربية غاضبة.

وشهد المسجد الأقصى، الإثنين، محاولة اقتحام من قبل 38 مستوطنا، من جهة باب المغاربة بحراسة معززة من عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال الإسرائيلى.

في الوقت الذي انتشرت دعوات منظمات إسرائيلية لمستوطنين للمشاركة الواسعة في اقتحامات الأقصى الخميس المقبل، تزامنا مع ما يسمى بـ(عيد البوريم أو المساخر) العبري.

الكويت تتحرك

في تحرك عربي سريع على ممارسات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى، أعلنت الكويت رفضها المطالبة باقتسام الإشراف على المسجد المبارك وفرض سيطرة الاحتلال عليه وتقسيمه مكانيا.

وقال مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، السفير جمال الغنيم، خلال مناقشة التقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن اقتسام الإشراف على المسجد “يهدد بإشعال شرارة التوترات الدينية، لاسيما مع استمرار الاستفزازات الإسرائيلية المتعمدة وغير المسبوقة حين سمحت أخيرا باقتحام ساحة المسجد الأقصى”.

وأضاف الغنيم، أن “الكويت تنظر باستغراب للصمت الدولي حيال سياسات إسرائيل في توفير الحوافز السياسية والاقتصادية من أجل تشجيع سكانها على الاستيطان غير القانوني في الأراضي المحتلة، سعيا منها إلى تعزيز الاحتلال وتغيير صفتها الجغرافية والديمغرافية”.

وأكد السفير الكويتي، أن “استمرار إسرائيل في تهويد مدينة القدس وتغيير معالمها الدينية والتاريخية واستمرار أعمال الحفريات والتنقيب أسفل المسجد الأقصى هو خرق واضح وصريح لاتفاقية جنيف الرابعة، كما يقوض الجهود الدولية الرامية إلى وضع نهاية للاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة”.

وأعرب عن استنكار الكويت للاعتداءات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل الجيش الإسرائيلي، لاسيما عمليات القتل ومصادرة الأراضي وتدمير المنازل وغيرها من الانتهاكات”.

وأكد الغنيم حرص الكويت على منح المواطن الفلسطيني حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه الأساسي في الحياة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية بموجب القرارات ذات الصلة الصادرة عن الأمم المتحدة.

ولفت إلى حرص الكويت أيضا على ضرورة الاستمرار في مناقشة تدهور حالة حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة في إطار البند السابع من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان نظرا لخطورة هذه الانتهاكات وجسامتها.

واعتبر السفير الكويتي،  أن “هذه الانتهاكات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستدعي المطالبة بمحاسبة مرتكبيها”.

البرلمان الأردني يرفض

شهد مجلس النواب الأردني، الإثنين،  جلسة صاخبة خصصت لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة.

وانتهت الجلسة بمطالبة مجلس النواب الحكومة بسحب السفير الأردني من إسرائيل، وطرد السفير الإسرائيلي من عمان، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المقدسات في مدينة القدس المحتلة“.

ولم تقتصر المواقف الغاضبة من الاحتلال داخل البرلمان الأردني فقط، بل امتدت إلى مسؤولين رسميين في الحكومة الأردنية، حيث قال وزير الخارجية  الأردني، أيمن الصفدي، إن “القدس فوق السيادة وفوق الخلافات، ولا تهاون أو قبول لأي فعل يحاول المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم“.

كما أكد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، عبد الناصر أبو البصل، أن “المسجد الأقصى حق مقدس للمسلمين، وغير قابل للتقسيم المكاني والزماني”.

الخارجية الفلسطينية تحتج

لم تصمت  وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية على محاولات الاحتلال بانتهاك المسجد الأقصى، حيث أصدرت الوزارة بيانا أمس الأحد تدين فيه  بأشد العبارات قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي القاضي بتمديد إغلاق باب الرحمة ومحيطه في المسجد الأقصى المبارك.

واعتبرت الخارجية الفلسطينية، أن”ما يحدث يعد محاولة احتلالية مكشوفة ومفضوحة لوضع مستقبل السيادة على المسجد الأقصى ومحيطه على طاولة محاكم الاحتلال وأذرعه المختلفة، وإمعانا في محاولات الاحتلال الهادفة إلى تكريس السيطرة الإسرائيلية ليس فقط على باب الرحمة، وإنما على كامل المسجد الأقصى وباحاته”.

وذكرت الوزارة، أن ما تُصرح به الجمعيات اليهودية المتطرفة من إطلاق دعوات لحشد أوسع في اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، تؤكد أن حربهم المفتوحة ضد المسجد الأقصى هي (حرب استنزاف في جبل الهيكل)، وأن المرحلة الراهنة هي ذروة الحرب من أجل فرض السيادة على جبل الهيكل).

وأكدت “أنها تنظر بخطورة بالغة لما يتعرض له المسجد الأقصى من مخاطر ومؤامرات الهدف منها تكريس تقسيمه الزماني والبدء بتنفيذ تدابير احتلالية تصب في تقسيمه المكاني، وللأبعاد الخطيرة لارتفاع ضجيج الدعوات العلنية التي تطلقها ما تسمى بـ (منظمات المعبد) لهدم المسجد الأقصى وإقامة (الهيكل) المزعوم مكانه.

وشددت الوزارة من جديد على رفضها المطلق لتدخلات الاحتلال وأذرعه المختلفة في شؤون المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية.

التحركات المطلوبة

يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن “القرار الإسرائيلي بإغلاق باب الرحمة المؤدي للمسجد الأقصى غير قانوني ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية”.

ويضيف فهمي، خلال تصريحات خاصة لموقع (الغد)، أن “مواقف الكويت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية مهمة للغاية باعتبارها عضو في مجلس الأمن، فالموقف الكويتي معبر عن المجموعة العربية والإسلامية”.

ويكمل فهمي ، “وبيان مندوب الكويت لدى الأمم  السفير جمال الغنيم رسالة تنبيهية، لكن نحن في حاجة إلى إجراء على أرض الواقع “.

ويوضح فهمي، “لا بد أن تحشد الكويت أكبر قدر من الدول الأعضاء في مجلس الأمن لعقد جلسة رسمية لمناقشة الانتهاكات الإسرائيلية وتجريم محاولة اقتسام الإشراف على المسجد الأقصى”.

ويكمل فهمي ،”قد تنجح الكويت من خلال استغلال قوتها الدبلوماسية في حشد الأصوات المطالبة بجلسة رسمية إذا لم تستغل الدول الخمس وعلى رأسها أمريكا في إيقاف تلك الجهود”.