لم تعد أفغانستان بعد التدخل الأمريكي في 2001 تعد كما كانت في فترة حكم طالبان الأولى، سيما فيما يتعلق بالنساء، فخلال العقدين الماضيين، شغلت ملايين الأفغانيات وظائف في قطاعات مهمة مثل الأمن والعدل، وذهبت الفتيات إلى المدارس، بل بدأن المشاركة في البطولات الرياضية.
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ركز على التقدم في ملف المرأة خلال الوجود الأمريكي، مشيرا أنه عند الإطاحة بـ “حركة طالبان” كانت أفغانستان بدون مدارس للفتيات، وبعد عقدين من الزمن، أضحت 5 ملايين و300 ألف فتاة في المدارس.
وفي عام 2004 أقر دستور أفغانستان المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، كما أن القانون الأفغاني في 2009 أقر تجريم العنف ضد المرأة للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وعلى الصعيد السياسي، وصل الأمر إلى أن نسبة مقاعد النساء في البرلمان الأفغاني تخطت نسبة النساء في الكونجرس الأمريكي.
لكن كل هذه التغيرات ذهبت هباء مع عودة الحركة، فأول قرارات طالبان كان استبدال وزارة شؤون المرأة، بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تشتهر بتسلّطها.
فضلا عن قرارات أخرى تقيّد بشكل أكبر حقوق المرأة مثل المنع من الظهور في الدراما التليفزيونية، وإغلاق المدارس الثانوية الخاصة بالفتيات.
ومن هنا يتبين أن حركة طالبان بقيت على ما هي عليه، إلا أن شيئاً آخر قد تغيّر وهو المجتمع.
في السياق، يرى الدكتور فهيم سادات- رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة كردان الأفغانية، أن هناك الكثير من التغيرات حدثت في المجتمع الأفغاني مثل مستوى التعليم ومشاركة المرأة في الحياة العامة والتكنولوحيا المتطورة وتطوير الروابط بين المجتمع الأفغاني و الدولي وتطلعات الأفغانيين وكلها تغيرات جذرية وقعت في المجتمع الأفغاني.
وأوضح أن الدستور الذي تمت صياغته أعطى مساحة كبيرة لحقوق المرأة مع منهجية المساواة مع الرجل وقد حظيت المرأة بدعم من قبل الحكومات السابقة.
ولفت إلى أن المرأة حصلت على مناصب عليا والمشاركة لم تكن رمزية بل كان لها تأثير في كل شئ، كما ذهب البعض لدول أجنبية بمنح خارجية وعدن لبلدهن ولديهن مهارات حديثة متطورة في تكنولوجيا المعلومات وغيرها وقدمن مساهمات لمجتمعاتهن.
بدوره قال حسن أبو هنية – باحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إن تغيرا حدث في المجتمع الأفغاني غير أن هذا التغير حدث في مراكز المدن وخصوصا كابول أما الأحياء المهمشة والأرياف فكانت تغيرا طفيفا.
وتابع أن طالبان تجد حاضنة اجتماعية من قبائل الباشتون وفي مناطق أخرى تتسم بأنها محافظة والنساء في مناطق الأرياف تعاني مما تعاني منه أفغانستان قبل 2001.
ولم تستطع حركة طالبان حتى الآن إقناع الغرب بالاعتراف بحكمها أو التجاوب معها كسلطة جديدة في أفغانستان.. وفي المقابل، تواصل واشنطن وحلفاؤها في أوروبا، حجب الدعم المطلوب لأفغانستان، لممارسة مزيد من الضغط على الحركة الحاكمة.
ورغم ذلك لا يزال خط الاتصال مفتوحا بين الجانبين، أملا من الغرب في إرغام طالبان على تعديل ممارساتها، وأملا من الحركة في إسعافها ودعمها لمواجهة التحديات والأزمات الداخلية.
قال إيفالد كونيج باحث في العلاقات الدولية، إن هناك حالة عدم يقين بين الدول التي تحاول أن تتخذ قرارا بشأن طالبان، ما الذي عليها أن تفعل لتحصل على الاعتراف الدولي، فنحن نرى أن طالبان ليست مجموعه متناسقة فمنها جزء متطرف وآخر محدث يسعى للتفاوض.
وتابع: “لقد تنبأنا ماذا سيحدث من قبل طالبان حال وصولها للحكم وممارسات معظم الأفغان الذي حاولوا مغادرة كابول ربما تفسر ذلك هذا من ناحية، لكن من ناحية أخرى لدينا أزمة إنسانية في أفغانستان، فالكثير من الناس يواجهون سوء التغذية والوفاة ومزيد من العقوبات وتجميد الأصول.
وأكد ضرورة الوصول إلى النسبة الأقل من الأصول المجمدة والإفراج عنها وتحويل الأموال لسداد الفواتير و تجنب كارثة إنسانية حقيقة في أفغانستان.
ومنذ 2002 قدم البنك الدولي لأفغانستان 5.3 مليار دولار، القسم الأكبر منها على شكل منح كان من المقرر أن يسدد صندوق النقد دفعة ثالثة وأخيرة من المساعدات لأفغانستان في إطار برنامج تمت المصادقة عليه.
