أزمة تلو الأخرى تضرب لبنان، بدءًا بسلسلة احتجاجات عمت البلاد منذ أكتوبر 2019 مرورا بانهيار العملة المحلية، وصولا إلى انفجار مرفأ بيروت، ما أدى في الأخير إلى تكليف الرئيس اللبناني ميشال عون 22 أكتوبر الماضي سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة، فهل يغير المخاض العسير للحكومة التوازنات السياسية بعد خلافات شركاء الحكم؟
هذه الأحداث أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، واليوم الانهيار السياسي يقترب من قوى 8 آذار الذي كان ثمرة من ثمار اتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر في فبراير/ شباط 2006.
واقع سياسي جديد
واقع سياسي جديد يؤكد أن فن الممكن في لبنان قادر دائما على خلق التحالفات ليس فقط المتناقضة بل القريبة من المستحيل، الاتفاق الذي جمع بين ميشال عون الرافض لمخرجات اتفاق الطائف لأكثر من عقدين وحسن نصر الله المقرب من القيادة السورية، ظل صامدا لـ15 عاما في إطار قوى 8 آذار مقابل قوى 14 آذار التي انفرط عقدها.
قوى 8 آذار
اليوم قوى 8 آذار هي الأخرى على حافة الانفجار بعدما وصلت التناقضات بين الرجلين العنيدين رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس عون إلى استحالة التعايش وأصبح (حزب الله) غير قادر على احتوائها كما فعل على مدار سنوات.
ويعد العنوان الأبرز للخلاف بين بري وعون في هذه المرحلة هو تعثر تشكيل الحكومة، ففي الوقت التي يصطف فيه رئيس البرلمان خلف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يدعم الرئيس اللبناني شروط رئيس التيار الوطني الحر وصهره جبران باسيل.
وعون متهم بالسماح لصهره بتعطيل تشكيل الحكومة خدمة لأجندته الخاصة بخلافة الرئيس عون في قصر بعبدا وهو ما يعتبره الحلفاء والخصوم جريمة في حق لبنان الذي يعيش واحدة من أسوأ أزماته الاقتصادية.
وهذه الاتهامات يرفضها عون لكنها تضع حليف 2006 حزب الله في موقف أكثر حرجا بعد أن أصبحت 8 آذار تعيش حالة من التململ وتطالب الحزب باتخاذ موقف متشدد تجاه جبران باسيل الذي بات يثير غضب قيادات حزب الله بتعرضه لسلاحه
فهل يستطيع حزب الله لاستمرار في الإمساك بالعصا من المنتصف مع الحليف المسيحي التيار الوطني الحر، أو يتخلى عنه حتى لا ينفجر التحالف الشيعي حزب الله حركة أمل والصامد منذ عقود؟.
دور نبيه بري
وقال عضو المجلس السياسي للتيار الوطني الحر، وليد الأشقر، إن نبيه بري رئيس النواب اللبناني ورئيس حزب حركة أمل له دور أساسي في دعم سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة، مؤكدا أنه يساعده في سقف المطالب لتعطيل تشكيل الحكومة.
وأضاف الأشقر خلال مشاركته في برنامج (مدار الغد) الذي يعرض عبر شاشتنا، أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله يستطيع أن يلعب دورا إيجابيا في هذ الإطار وذلك من خلال علاقاته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن خلال علاقاته مع التيار الوطني الحر.
كما أشار الأشقر إلى أن المشكلة تكمن في أن رئيس النواب نبيه بري يعتبر أن ما يطالب به التيار الوطني الحر أو رئيس الجمهورية مطالب غير محقة”.
وردا على سؤال حول تخلي حزب الله عن التيار الحر، قال الأشقر إنه تم توقيع اتفاق مع حزب الله منذ 2006 ونعتبر أن التفاهم صامد حتى اليوم ، وأن حزب الله لن يجاري التيار الوطني الحر في معركته في بناء الدولة ومجابهة الفساد.
قرارات حزب الله
من جانبه قال، الكاتب والباحث السياسي، عباس ضاهر، إن حزب الله اتخذ قرارا على أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو من يتحدث باسم الثنائي الشيعي فيما يخص الحكومة وهو الذي يجري النقاش ويبت الأمر.
وأضاف ضاهر: “التيار الوطني الحر كان عبر النائب جبران باسيل، يريد أن يقول للحزب عليك أن تختار إما أنا وإما حليفك نبيه بري أو حتى حكومة سعد الحريري.. وهو قالها بطريقة أو بأخرى لجبران باسيل في المؤتمر الأخير الذي ظهر فيه ورمى الكرة في حزب الله.
وأوضح ضاهر أن البعض قرأ في أن هذه الخطوة تهدف لإحراج حزب الله، لأن حزب الله لن يستطيع أن يخرج من تحالفه مع نبيه بري، ولا أن ينفض يده من الحريري.. حزب الله يريد أن يحافظ على كل علاقاته السياسية وعلى كل التحالفات.
جدير بالذكر أن وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل ناشد حزب الله التدخل، لحسم المسألة.
وأكد رئيس التيار الوطني الحر أنه لا يزال يريد أن يشكل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري حكومة جديدة، وحمّل خصومه السياسيين مسؤولية الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ شهور.
وقال صهر الرئيس ميشال عون، إن تكتله قدم تنازلات لكن خصومه يعملون على منع الرئيس من تسمية أي وزير.
