يختلف واقع نساء العالم اللواتي يحتفلن بيومهن العالمي، عن ما تواجهه نساء فلسطين، بفعل القيود الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أبرزها حالة الانقسام الفلسطيني والحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ منتصف العام 2007.
وتشير إحصائية أصدرها مركز الإحصاء الفلسطيني أمس الثلاثاء، إلى أن عدد السكان المقدر في نهاية عام 2016 في فلسطين حوالي 4.88 مليون فرد؛ منهم 2.48 مليون ذكر بنسبة 50.8% و2.40 مليون أنثى بنسبة 49.2%.
وبحسب الإحصائية، فإن حوالي 11.0% من الاسر الفلسطينية ترأسها نساء عام 2016، بواقع 12.1% في الضفة الغربية و9.0% في قطاع غزة.
تحديات تواجه المرأة
وتقول وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية هيفاء الآغا، إن أكثر ظلم تتعرض له المرأة الفلسطينية هي جرائم وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي.
أما على الصعيد الداخلي تقول الآغا، إن أبرز التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية هي في المجتمع الذكوري والصورة النمطية المرسومة لدور المرأة من عشرات السنين والتي تحتاج لجهد كبير حتى نستطيع ان ننهض بواقعها.
وتؤكد الآغا أن تغيير هذا الواقع يتطلب التمكين للمرأة اجتماعيا، وسياسيا، واقتصاديا، عبر استراتيجيات وبرامج تعكف وزارة شؤون المرأة وبالتعاون مع كافة الاطراف ذات العلاقة، ومنذ سنوات طويلة على العمل بها.
الانقسام الداخلي التحدي الأكبر
وتشير آمال حمد مسئولة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية (اطار تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية)، إلى أن الانقسام الداخلي الفلسطيني يعد التحدي الأكبر أمام المرأة الفلسطينية، إضافة إلى تحديات أخرى من بينها الاحتلال الإسرائيلي، والموروث والعادات والتقاليد الاجتماعية.
وتضيف في حديث خاصة مع “الغد”، ان “الانقسام الداخلي أدى لانقسام قضائي وقانوني وتفتت في النسيج الاجتماعي الأسرى وتزايد في نسبة القتل على خلفية الشرف والعنف ضد النساء”.
وبحسب حمد فإن الحماية الحقيقية للمرأة تتطلب “وحدة الصف الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام، وما تبعه من انقسام قانوني وقضائي”، مطالبة بتوحيد التشريعات والقوانين الفلسطينية المتعلقة بالمرأة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبينت حمد أن “العمل يجري في أكثر من اتجاه لتعزيز مكانة المرأة ومواجهة التحديات التي تعترضها طريقها، على صعيد مواجهة الاحتلال، وتعزيز صمود الاسيرات وعائلات الشهداء، والثقافة المجتمعية”.
وتقول مسئولة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية :”نناضل منذ فترة طويلة لإصدار تشريعات وقوانين لحماية المرأة الفلسطينية، والحصول على كوته في الانتخابات. هناك عمل جدي من أجل تحقق العدالة الاجتماعية”.
ظروف اجتماعية صعبة
وتصف الناشطة النسوية ومديرة طاقم شؤون المرأة في قطاع غزة نادية أبو نحلة، واقع المرأة الفلسطينية بأنه “مأساوي”.
وتقول أبو نحلة في حديث خاص مع “الغد”، “ان هناك تحديات وصعوبات كثيرة تواجه المرأة الفلسطينية في قطاع غزة، من بينها ارتفاع حالة الفقر والبطالة والعنف ضد النساء والاحتلال، واستمرار تشرد العائلات المهدمة بيوتهم جراء العدوان، وانتشار مرض السرطان لدى النساء، وعدم تمكنهن من الوصول للخدمات الصحة الجيدة والأمنة”.
وتوضح أبو نحلة، أن المرأة في قطاع غزة تجد صعوبة في الحركة والتنقل جراء الحصار الإسرائيلي واغلاق المعابر (..) نسبة البطالة بين النساء تصل إلى 80%، وأكثر من 170 الف جامعية لم تتكن من الحصول على فرصة عمل”.
وتشير إلى مزيد من الصعوبات التي تواجه المرأة من بينها “بإلغاء التأمين الصحي للعاطلين عن العمل واغلبهم من النساء. 11% من العائلات يرأسها النساء هي الاكثر فقراُ في المجتمع الفلسطيني”.
وتتابع “نحن نتحدث عن أوضاع مأساوية تتزامن مع مرور 10 سنوات صعبة جدا، وفي ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الوصول للمياه الصالحة للشرب”.
كما تشير إلى بروز ظواهر دخيلة على المجتمع الفلسطيني، وتقول: “هناك اشكالية تبرز بشكل جلي كالعنف ضد النساء والقتل على خلفية الشرف، والطلاق والزواج المبكر والمتأخر، الانتحار، والامراض النفسية”.
وتتابع “هناك مشاكل كبيرة وتحديات ومخاطر أكبر تواجه المجتمع الفلسطيني وتحديداً النساء، الأمر الذي يتطلب تدخل سريع من قبل الحكومة الفلسطينية والمنظمات النسوية لمواجهتها”.
اعتقال 295 فلسطينية في سجون الاحتلال
في سياق متصل، قال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن سلطات الاحتلال اعتقلت منذ اندلاع “الهبة الشعبية” مطلع أكتوبر عام 2015 وحتى فبراير الماضي نحو (295) فتاة وامرأة فلسطينية بينهن (33).
وبيّن فروانة، أن الاحتلال لم يستثنِ يوماً المرأة الفلسطينية من اعتقالاته، وسُجل منذ عام 1967 اعتقال أكثر من (15000) فلسطينية، بينهن قاصرات وأمهات وكبيرات السن.
وأشار الى أن الاحتلال لا يزال يحتجز في سجني هشارون والدامون (56) أسيرة فلسطينية، بينهن (16) أسيرة قاصر (أقل من 18 سنة)، بالإضافة الى (18) اسيرة متزوجة، و(11) أسيرة مصابة وجريحة واللواتي يعانين من مشاكل صحية.
وأوضح فروانة بأن المرأة الفلسطينية وأثناء اعتقالها والتحقيق معها تتعرض لما يتعرض له الرجل من التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي، ويُزج بها في غرف وزنازين تفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية، وتتعرض لمعاملة قاسية وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.
وتحتفل دول العالم في الثامن من شهر مارس/آذار من كل عام، باليوم العالمي للمرأة، كدلالة على الاحترام والتقدير للمرأة وإنجازاتها على صعيد مجتمعها.