لم يعد السؤال ـ داخل تركيا وخارجها ـ ماذا سيختار الشعب التركي يوم 14 مايو/ آيار المقبل، في مراكز الاقتراع.. وهل سيبقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السلطة؟.. ولكن السؤال «الضخم » عن مستقبل تركيا في ظل أجواء الانتخابات الرئاسية الملبدة بالغموض، ومع تضارب نتائج استطلاع الرأي حول المنافسة الحقيقية بين أردوغان، ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو..وأصبحت للمنافسة ملامح خارجية تلعب على مصير مستقبل تركيا.
محاولة واشنطن الإطاحة بأردوغان
وحذر الباحث الروسي، غيفورغ ميرزايان، من محاولة واشنطن الإطاحة بأردوغان وتنصيب شبيه بزيلينسكي مكانه، حيث تبذل واشنطن جهودًا جبارة لحرمان أحد شركاء روسيا الرئيسيين، الرئيس التركي أردوغان، من السلطة.. ويشير « ميرزايان»، إلى معلومات نشرتها ، الأسبوع الماضي، إحدى الصحف التركية الشهيرة على الإنترنت عن «خطة قذرة» تنوي الولايات المتحدة تنفيذها في تركيا، وهي خطة لإيصال «زيلينسكي» إلى السلطة في هذا البلد.
- وهذا يعني احتمال ظهور سياسي في تركيا يلعب دور زيلينسكي للولايات المتحدة في اوكرانيا..
أي أن واشنطن ستطلق العنان للصراعات مع موسكو على جميع الجبهات الممكنة، خاصة وأن الولايات المتحدة تقوم حاليا بإعداد حرب خاطفة هجومية أوكرانية في الربيع، وإذا فشلت هذه الحرب الخاطفة. لذلك، من المهم بالنسبة للولايات المتحدة إشغال موسكو بسلسلة من الأزمات التي ينبغي أن تندلع على الأطراف الروسية وفي المناطق الحساسة لها. ولا أحد ينطبق عليه هذا الدور تمامًا مثل تركيا. نظرا لموقعها الجغرافي وتقاطع المصالح مع موسكو في عدد من المناطق، بحسب الباحث السياسي الروسي، غيفورغ ميرزايان.
تأثير المراكز الغربية.
ولكن هناك عقبة في طريق هذه الاستراتيجية، اسمها الرئيس رجب طيب أردوغان، بحسب تحليل رئيس قسم الشرق الأوسط وما بعد الاتحاد السوفيتي في معهد المعلومات العلمية في العلوم الاجتماعيةـ التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير أفاتكوف..ونتيجة لذلك، تحولت الانتخابات الرئاسية الحالية في تركيا بالفعل إلى خيار حضاري حقيقي للبلاد.
- ويرى «فلاديمير أفاتكوف»، أن ما يجرى داخل المشهد الانتخابي في تركيا، ليس مجرد مواجهة بين الهياكل الحزبية أو التكتلات الاقتصادية، إنما مواجهة بين عوالم مختلفة. فمن ناحية، هناك قوى تركز على المصالح والقيم الوطنية، بقيادة رجب طيب أردوغان؛ ومن ناحية أخرى، هناك قوى تركز على توجه أكبر نحو الناتو والولايات المتحدة..مشيرا إلى تأثير المراكز الغربية.
الزلزال غير قواعد اللعبة
وبينما ترى وسائل الإعلام الفرنسية، أن الرئيس التؤكس أردوغان يواجه صعوبات على جبهات متعددة..وذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، أن الصعوباتِ التي يواجِهُها أردوغان لا تقتصرُ على تراجعِ شعبيتِهِ في الاستطلاعات وتقدّمِ منافسِهِ كمال كليتشدار أوغلو، بل تمتدُ إلى الملفاتِ الخارجيةِ وضيقِ مجالِ المناورةِ التي لطالما برَع فيها.
- وتضيفُ الصحيفة الفرنسية، أنَ شيئاً ما يتغيرُ في تركيا. تغيّرٌ لم يصل بَعدُ إلى نهايةِ عهدِ أردوغان، لكنَهُ يطالُ مَناخَ الحياةِ العامة. حيثُ غيّرَ الزلزالُ قواعدَ اللعبةِ، في حين تواجهُ البلادُ أزمةً مالية ونقصاً في السيولة..وفي الخارجِ، تكشّفَ لعيونِ العالمِ أن عمليةَ التوازنِ التي قامَ بها الرئيسُ قد وصلت إلى حدّها الأقصى.
الحياد الموالي لروسيا
واتساقا مع حقائق تأثير المرتكز الغربية في مناخ الانتخابات الرئاسية التركية، وتوجه واشنطن لحرمان أحد شركاء روسيا الرئيسيين «أردوغان»، من السلطة.. كشفت صحيفة لوموند الفرنسية، أن واشنطن والأوروبيينَ حذروا أنقرةَ مراراً بشأن علاقتِها مع موسكو، لكنَها صَمّت آذانَها، ولذلك تصف الدوائر الغربية سياسةَ أردوغان حيالَ هذهِ المسألةِ بـ «الحيادِ الموالي لروسيا».
- ونقلت الصحيفة عن محللينَ أن الرئيس الروسي بوتين لم يعُد متأكداً من فوزِ أردوغان في الانتخابات، وهو يأخذُ بالاعتبار مناورةَ الأخيرِ مع الغرب..ويستدِلُ على ذلك بتصريحاتٍ روسية تفيدُ بأنَ مشروعَ مركزِ الغازِ في تركيا معقّدٌ وسيتأخر.. وعكذا أصبح أردوغان في مأزقٍ مزدوجٍ حيثُ فقدَ ثقةَ كلِ طرفٍ من خلالِ علاقاتِهِ مع الطرفِ الآخر، وخسِرَ بذلكَ أكبرَ مواهبِهِ.
ومن جهة اخرى، ظهرت نتائج استطلاعات الرأي التي قامت بها شركة أبحاث الرأي العام Optimar أن أكثر من نصف سكان تركيا واثقون من فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في الوقت الذي يعتقد فيه 42.1% أن مرشح المعارضة الوحيد كمال كيليجدار أوغلو سيفوز، بينما توقع 8.3% أن زعيم حزب «البلد» محرم إنجه سيفوز، و1.7% من نصيب تحالف ATA سنان أوغان.
وكشفت دراسة شركة أبحاث الرأي العام Optimar عن فئتين سوف تلعبان دورا مهما في مصير الانتخابات الرئاسية وهما: الشباب، ومن لم يحددوا آراءهم بعد، والذين تبلغ نسبتهم حوالي 15.5% ووفقا للدراسة، فإن 13.6% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاما مستعدون للتصويت لأردوغان، و15.2% لكيليجدار أوغلو، و19.5% لإنجه و15.3% لأوغان. ومن بين أولئك الذين لم يتخذوا قرارا نهائيا بشأن تصويتهم في الانتخابات، يمكن لـ 41.5% التصويت لأردوغان، و31.3% لكيليجدار أوغلو.
توقعات بجولة ثانية للانتخابات
وقد توصل لاستنتاج مشابه المحلل السياسي التركي الرائد نجاتي أوزكان، حيث يشكل ممثلي ما يسمى الجيل ( Z ) أكثر من 20% من مجموع الناخبين البالغ عددهم 64 مليونا، ولا يثقون في ممثلي التشكيل القديم، لهذا فإن السياسيين الذين ينجحون في كسب تعاطفهم سيزيدون من فرصهم للفوز في الانتخابات، فيما يعتقد أوزكان أن هذا ينطبق أيضا على ممثلي الناخبين الذين لم يتخذوا خيارهم بعد.
- ولا يستبعد المحللون إجراء الانتخابات الرئاسية في تركيا على جولتين، إذا أن نتائج معظم استطلاعات الرأي العام المنشورة في تركيا لا تعطي حتى الآن صورة واضحة لتوزيع الأصوات. في هذه الحالة، ستعقد الجولة الثانية في 28 مايو/ آيار.
