لم يعد لدى الفلسطينيين أمل في تحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي (فتح وحماس)، في ظل تعقد مشكلات وعقبات الاتفاق الموقع في العاصمة المصرية القاهرة، في 12 أكتوبر/تشرين الثاني 2017 الماضي. إذ لم تنجح حركتي فتح وحماس في تنفيذ الاتفاق الموقع بينهما برعاية مصرية، والذي ينص على تسلّم الجباية عملية دمج الموظفين، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل بحرية في قطاع غزة، في موعد أقصاه الأول من فبراير/شباط الجاري.
يقول المواطن محمد حسان (55 عاماً) من مخيم الشاطئ، إن الأمل في تحقيق المصالحة الوطنية «بات صعباً»، وإن المواطن يشعر بالإحباط في ظل اشتداد الأزمات التي تسبب بها الانقسام الداخلي.
يصف حسّان الحالة الفلسطينية بأنها «مركب يغرق ويبحث عن منقذ يساعده للنجاة»، مناشداً الرئيس الفلسطيني بالعمل من أجل رفع الحصار عن القطاع والعمل من أجل التسريع في انجاز المصالحة الوطنية.
والمواطن الفلسطيني حسّان، موظف متقاعد لدى السلطة الوطنية، ولديه من الأبناء ثلاثة، وجميعهم يبحثون عن العمل بعد تخرجهم من الجامعة.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن المصالحة الفلسطينية مصابة بـ«الكساح»، وتطبيقها يواجه تحديات كبيرة، فيما يرى آخرون أنها لم تنتهي وتسير ببطء.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله، إن «المصالحة لم تنتهي. بل غير قادرة على الحركة. مشلولة».
وبحسب –الكاتب عطا الله- فإن حقيقة صراع حركتي (فتح وحماس) يكمُن في من يسيطر ويُدير قطاع غزة، وأضاف «حماس تريد أن تسلّم الوزارات المدنية والمؤسسات الخدماتية، لتتخلص منها وتبقى سيطرتها على غزة من خلال سلطتها الأمنية وجناحها العسكري».
وتابع «السلطة الوطنية تريد العودة إلى قطاع غزة، وتكون القوة المسيطرة كما كان الحال قبل منتصف حزيران 2007 (…) كل طرف يريد أن يبقى هو المسيطر على القطاع”.
وأشار عطا الله إلى أن هناك صراع إرادات بين الطرفين (فتح وحماس) للسيطرة على قطاع غزة، وهذا لم يناقش على طاولة الحوار بل من خلال إجراءات تعكس هذا الصراع بين الطرفين.
في المقابل، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، إن «المصالحة الوطنية شبه معطلة، لكن هناك آمال بأن يسير القطار بشكل أسرع مما هو عليه خاصة في ظل المؤامرة على القضية الفلسطينية ».
بيد أن تحقيق المصالحة في رأي الصواف، بحاجة إلى «أن يكون لدى الرئيس محمود عباس قناعة بأن الطريق الوحيد لمواجهة مشروع تصفية القضية هو وحدة الصف الفلسطيني».
وحذر الصواف من أن المصالحة تمر في منعطف خطير، وقال: «إذا مرّت الأسابيع القادمة على ما هي عليه وتواصلت الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، علينا البحث عن بدائل جديدة».
وأشار الصواف إلى أن حركة حماس قدمت كل ما لديها، لإنجاح المصالحة الوطنية، لكن هذه الخطوات التي قدمتها لم تجد لها خطوات مقابلة من الرئيس عباس والتي كان اقلها رفع «العقوبات» عن قطاع غزة وقيام حكومة التوافق بمسؤولياتها الكاملة.
وبالعودة إلى عطا الله، فإن الوضع السائد في قطاع غزة أفضل من السابق، حيث أن السلطة الوطنية تتواجد في قطاع غزة، وأن هناك أفق مفتوح لمسار تحقيق المصالحة لم يكن موجوداً خلال 11 عاما مضى.
ويضيف «حالة التقارب بين حركتي فتح وحماس هذه تبشر بأنه يمكن للمصالحة أن تستكمل وأن تستمر، لكنها تحتاج للوقت ومزيد من الحوار».
من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة “فتح” مستمرة في مسيرة المصالحة الوطنية برغم كل العقبات التي تقف في الطريق.
وقال عباس في كلمته خلال احتفالية القدس عاصمة الشباب الإسلامي 2018، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله أمس الثلاثاء، «بدأنا مسيرة المصالحة، ومستمرون فيها أيا كانت العقبات والصعوبات في طريقنا، وأعرف أنها كثيرة، لأنك لا بد أن تتغلب على 10 سنوات من الصعوبات».
وأضاف «إن لم نتحل بالصبر لا يمكن أن يكون هناك مصالحة، الأبواب مفتوحة سندخل من خلالها وسنستمر في قرع الأبواب لأنها مصلحة وطنية فلسطينية، لأننا مؤمنون ومقتنعون أيضا أنه لا دولة دون غزة ولا دولة في غزة» .
