اتسعت دائرة الجدل بين فصائل التيار الإسلامي في مصر، حول المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن طرحت مجددا دعوات تطالب بفتح الحوار مع “الجماعة”، وأعلنت الدعوة السلفية رفضها للمصالحة، وتحفظت الجماعة الإسلامية، ووضعت “الجبهة السلفية” شروطا، فيما يرى مراقبون أن موقف فصائل التيار الإسلامي، يكشف عن “مناورات” تبحث عن المصالح أولا خشية أن تصنف على قائمة الحلفاء للإخوان، وتتحمل عبء الممارسات الإخوانية المناوئة للنظام، رغم أن هذه الفصائل التي تعترض على المصالحة رفضت وصف جماعة الإخوان بـ”الإرهابية” !
وأعلن الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، رفضه لدعوة الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، حول المصالحة مع جماعة الإخوان، موضحاً أن كلمة المصالحة مع الجماعة لم تعد مقبولة بعد مظاهر العنف التى اتبعها الإخوان، مؤكدا أن الدعوة السلفية تضع شروطا لقبول تلك المصالحة، تتضمن المراجعة الفكرية للجماعة، وتغيير القيادات وإعلان نبذ العنف وإيقاف كل الفعاليات.
الدكتور سعد الدين إبراهيم، أكد لـ”الغد العربي”، أن دعوته الموجهة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإجراء استفتاء شعبي على المصالحة مع جماعة الإخوان، كانت من أجل أن تتفرغ البلاد للبناء، ومهما كانت مشاعر الرفض أو تبريرات رفض المصالحة مع فصيل مصري تجاوز كثيرا، إلا أن هناك سوابق يمكن القياس عليها، فقد تصالح الرسول عليه الصلاة والسلام مع قريش رغم كل ما فعلوه، ونجد أيضا المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا، بعد 27 سنة في سجن جنوب أفريقيا، خرج وأعلن المُصالحة.
وقال “ابراهيم”، “اقترحت على الرئيس السيسي طرح المصالحة في استفتاء على الشعب، وإن وافق كان بها، ولو رفض يجب احترام خيار الشعب، هذه فكرتي باختصار، ولا تربطني علاقة بالطبع بجماعة الإخوان، صحيح سبق وأن اتصلوا بي عقب ثورة 25 يناير 2011 من أجل فتح أبواب حوار مع الإدارة الأمريكية، وساعدتهم بالفعل في هذا الاتجاه، ولكن تغيرت الصورة فيما بعد واختلفت المواقف بيننا، ومع ذلك لا ننكر أنهم فصيل له تواجد على الساحة المصرية منذ أكثر من 80 عاما، وأرى من المهم أن نتحاور على أسس واضحة من أجل مصلحة الوطن، وأنا ربطت هذا بالموافقة الشعبية، أي أن يكون القرار بيد الرأي العام المصري”.
ويرى مدير مركز ابن خلدون، في تعقيبه على موقف السلفيين من المصالحة، أن الإخوان والسلفيين في باب واحد، وأن هناك نوعًا من تقسيم الأدوار والذي يعرف بالمخطط التلقائي، وأضاف، “أتصور أن التيار السلفي يعتقد دائما أنه الأحق بحقيبة الإخوان وتركتهم وأصواتهم في الانتخابات، إلى حين أن يظهروا مرة أخرى للحياة السياسية، والإخوان لا يوجد لهم وريث آخر غير التيار السلفي”.
ويؤكد مراقبون، أن حزب النور السلفي سبق وأن غازل الإخوان بأنه في حالة حصوله على الأغلبية في مجلس النواب المقبل، سيفتح ملفات المحبوسين، وتغيير بعض التشريعات التي تسمح بالإفراج عنهم، للحصول على أصواتهم في الانتخابات البرلمانية، ونشر الحزب بيانًا تعهد فيه بالحفاظ على الهوية الإسلامية أثناء سن التشريعات في البرلمان، وبعد أن تبين لحزب النور عدم دعم قواعد الإخوان لهم في الجولة الأولى من الانتخابات تحول موقفه، ومن هنا سارع قادته برفض أي دعوة تطالب بالمصالحة مع الإخوان.
الجدل داخل التيار الإسلامي حول المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان، ومناورات اللعب بالمواقف، عبر عنه عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، عبر صفحته على “فيس بوك”، بأن التيار الإسلامى فى مصر يتسم بالبلادة والاندهاش والرتابة والتقليدية والعجز عن التفاعل، وأن الخطط والاستراتيجيات والسياسات لا بد وأن تحاكم وتختبر اختبارا قاسيا بالعقل الواعي لما يحدث حوله، المدرك لعمق المتغيرات، القادر على الاستجابة الفورية لكل التطورات.
.
