تساؤلات حائرة وقلقة، تطرحها الدوائر السياسية في الرباط: متى تنتهي تظاهرات واحتجاجات «حراك الريف» التي مر عليها نحو 10 أشهر، والتي اندلعت مساء يوم الجمعة 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بعد أن صادرت السلطات المحلية داخل ميناء مدينة الحسيمة سلعة الشاب محسن فكري، ولقي مصرعه «طحنا» في سيارة «جمع القمامة»، ونظمت عدة مسيرات في المدينة، ومع مرور الوقت، تم تشكيل لجنة للحراك الشعبي، رفعت عدة مطالب اجتماعية و اقتصادية.
ورغم ما يتمتع به الملك محمد السادس من شعبية طاغية في المغرب، ومتابعاته للمطالب الشعبية الشرعية، إلا أن الحكومة والأجهزة التنفيذية، تعاملت مع «حراك الريف» على امتداد الشهور العشرة، بما يتعارض مع توجهات القصر، بحسب تحليل الدوائر السياسية والحزبية، ما أدى لتعقيد خيوط الأزمة بعد أن أطلقت اتهامات تشوه مطالب حراك الريف !!
وعادت الاحتجاجات، من جديد، إلى أحياء متفرقة من مناطق الريف، بعد وفاة عماد العتابي، الناشط في حراك الريف، الذي وفاته المنية بعد إصابته في مسيرة 20 يوليو/ تموز الماضي في مدينة الحسيمة، في مواجهات مع قوات الأمن .. واشتعلت حرارة التظاهرات الشعبية،دون حل مرتقب، ومع اعتماد الحكومة الحل الأمني بعد أن عجزت عن الحل السياسي بالتفاهم حول مطالب «حراك الريف».
وفي مواجهة ما وصفوه بالـ« القهر الأمني» وعسكرة المواجهة، اعتمد شباب حراك الريف خطة يطلقون عليها «شن طن»، التي تعني النزول بسرعة من دون سابق إنذار ودون الإعلان مسبقا عن زمان، ومكان الاحتجاج، خشية عنف التدخل الأمني، بعدما نزلت مختلف القوات الأمنية بطريقة مكثفة، وحاصرت بعض الشوارع والأزقة، التي يحتج فيها النشطاء.
الأمن في المغرب، يرصد ويراقب، مؤشرات تحركات «شن طن» للسيطرة على الموقف واجهاض محاولات التظاهر والاحتجاج، قبل موعد تنظيم «مسيرة الوفاء» غدا الاحد، في مدينة إمزورن بدل مدينة الحسيمة، بعدما تأكد الشباب أن الاحتجاجات في الحسيمة أصبحت صعبة بالنظر إلى التطويق الأمني، الذي تشهده المدينة أمام سهولة تحكم الأجهزة الأمنية في مداخل الحسيمة، بخلاف إمزورن، التي يعتبرها النشطاء منطقة مفتوحة يصعب التحكم فيها من قبل القوات العمومية.
وتقع مدينة إمزورن شمال المغرب على الطريق الرابطة بين الناظور وتطوان جنوب مدينة الحسيمة بـ 18 كلم .. وأطلق شباب الحراك على هذه المسيرة المرتقبة بـ«مسيرة الوفاء للمعتقلين والشهداء»، تحت شعار «الشهيد خلا وصية..لا تنازل عن القضية»
وطالب سياسيون وقادة أحزاب، الملك محمد السادس، بالتدخل «شخصيا» لوضع حدا لآزمة «حراك الريف» الذي تحول إلى «قضية مغربية ساخنة» وأن كل تاخير يزيد من تعقيدات الأزمة، بعد أن اتسع نطاق المطالب الشعبية، من اقتصادية تنموية واجتماعية، إلى مطالب بمتابعة من «قتل» العتابي، ومحسن فكري، والشباب الذين ماتوا محترقين في بنك في الحسيمة، وبإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية حراك الريف.
وحذر خبراء أمن، من تداعيات اشتعال التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وإصرار المتظاهرين على تحقيق مطالبهم عبر شعارات توحي بانتقال الاحتجاجات إلى مواجهات لا يتحسب أحد لمخاطرها .. وقد رفعوا شعار «المعركة، التي لا تستطيع الدفاع عن مناضليها ليست معركة» .. وأن «من أراد أن يكرم الشهيد عليه أن يتبع خطاه إلى حين تحقيق الهدف، الذي خرج من أجله الشهداء والمعتقلون».
ومن جهة أخرى، اتهم الحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض) قوات الأمن بالوقوف وراء مقتل عماد العتابي، واعتبر الحزب أن مسؤولية رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومدير الأمن الوطني ثابتة بحكم المسؤولية التي يتحملونها في الجهاز التنفيذي، مطالبا بكشف الحقيقة كاملة في هذه الواقعة الأليمة مع مساءلة المسؤولين.. وأكد الحزب، أن تهدئة الأوضاع تتطلب البدء بالإفراج عن جميع المعتقلين بدون أي قيد أو شرط وإيقاف جميع المتابعات، وتطبيق القانون ضمانا للعدل وحماية لدماء وأرواح المواطنين.
وحذرت القوى السياسية والشعبية من مخاطر الاحتكاك والمواجهات الأمنية مع «مسيرة الوفاء» غدا.
