لا يزال الغموض يحيط بمشاورات تشكيل الحكومة الأردنية الجديدة، برئاسة هاني الملقي، رغم التكهنات التي تطرحها صالونات عمّان السياسية، ومن المرجح إعلانها رسميا، غدا الأربعاء، بحسب تأكيد مصادر سياسية لـ«الغد»، مشيرة إلى حرص الرئيس الجديد على عدم تسريب أية معلومات حول التشكيلة الجديدة، وطبيعة المشاورات التي يجريها، قبيل عرضها على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ونيل الموافقة الملكية على اختياره.
وفيما تشير التوقعات داخل الدوائر السياسية في العاصمة الأردنية، إلى احتمال دخول شخصيات سياسية سبق أن تسلمت مواقع وزارية في حكومات سابقة، وأن نصف عدد أعضاء فريق حكومة الدكتور عبدالله النسور المستقيلة، مرشحة للعودة لحمل حقائب وزارية في الحكومة الجديدة.
ويؤكد المحلل السياسي الأردني، محمد كعوش، أن توجه الحكومة الجديدة، يستند أولا على كتاب التكليف الملكي لرئيس الوزراء الجديد، حيال مكافحة الارهاب والتطرف والغلو، وأن المطلوب من الحكومة خطاب تجديدي وطني فكري ثقافي مستمد من عقيدة الاسلام السمحة لمحاربة الارهاب على كافة الجبهات، وهذا تعهد أردني والتزام اقليمي ودولي.
وأضاف لـ«الغد»، أن المهمة الرئيسية أمام الحكومة، تنحصر في الوضع الإقتصادي والاجتماعي، أما الجانب السياسي، فهو محدد من القيادة السياسية، وهناك ثوابت للسياسة الأردنية عبر عنها الملك عبد الله الثاني، وتمثل أجندة أردنية واضحة على الصعيدين العربي والدولي، كما أن الحكومات العربية، هي مؤسسات تنفيذية أولا، ومجالها غالبا في النطاقين الاجتماعي والاقتصادي والأوضاع الداخلية. ولذلك فإن الملقي مكلف بالحرص على ثوابت الدولة الأردنية ورؤية الملك الثابته التي حافظت على أمن واستقرار الأردن في محيط محترق بالصراع الطائفي وآفة الارهاب، ومن هنا يبرز دور الحكومة الجديدة في الدعم الثابت والمطلق للقوات المسلحة وللأجهزة الأمنية التي تتحمل مسؤولياتها التاريخية في المحافظة على أمن واستقرار الأردن.
ورغم انشغاله بالمشاورات الخاصة بالتشكيل الوزاري الجديد، حرص الملقي على تكذيب ما تم نشره بشأن «قائمة وهمية» للحقائب الوزارية الجديدة، عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، وكتب أنه ما يزال في طور المشاورات لاختيار طاقمه الوزاري، ويجري اجتماعات مكثفة للخروج بتوليفته الحكومية.
ورغم النفي، لا تزال الدوائر السياسية تطرح توقعاتها، بينما يرى الكاتب والمحلل السياسي، فهد الخيطان، المقرب من دوائر أمنية سيادية في الأردن، أن ما هو متوقع ليس مجرد تكهنات، لأن النصف تقريبا من وزراء حكومة عبد الله النسور، سيستمرون في حكومة الدكتور هاني الملقي. وبالنظر إلى الطبيعة الانتقالية للحكومة، فإن هذا الأمر لا ينتقص من قيمة الحكومة الجديدة، خاصة أن كفاءة ومهنية بعض الوزراء تجعلهم مؤهلين للبقاء في مواقعهم.
وقال، لـ«الغد»، إنه في المرحلة الانتقالية على الأقل، سيواصل الملقي ما بدأ في عهد حكومة النسور، وخلال أيام على سبيل المثال، ستوقع حكومة الملقي مع صندوق النقد الدولي على برنامج تكميلي للإصلاح الاقتصادي، أشرف النسور وفريقه الوزاري على إعداده، ولم يبق سوى وضع التوقيعات.
وأضاف الخيطان، أن الواقع يؤكد على أن الملقي ببرنامج النسور، كما أن الملقي لا يحمل عصا سحرية؛ هي نفس ما كان لدى النسور من هوامش مناورة وأدوات عمل، نعم، سيكون هناك فرق في الأداء، وهذا أمر طبيعي، لكن أكثر من بعض الرتوش هنا وهناك، لا نتوقع الكثير.
الشيء الوحيد الذي يمنح الملقي أفضلية على النسور، أنه متحرر من ضغوط البرلمان؛ فقد عاد النواب إلى بيوتهم قبل النسور بقليل.
وترى الكاتبة الصحفية جمانة غنيمات، رئيس تحرير صحيفة الغد الأردنية، أن الأشهر الأربعة المقبلة ستكون مهمة وحاسمة لرئيس الحكومة الملقي شخصياً. وإذا نجح في الفترة المقبلة، بتأكيد قدرته على حمل المرحلة بكل أعبائها، عبر رسم خريطة عمل اقتصادية تحديدا؛ فإنه سيملك الفرصة ذاتها التي حصل عليها النسور؛ بإعادة تشكيل الحكومة بعد خوض عملية المشاورات، إذ سيكون الشخص الذي يقدمه صاحب القرار للنواب لتشكيل الحكومة إن حاز على ثقته.
وأوضحت غنيمات في توقعاتها، إذا كان الملقي جاء رئيس حكومة انتقالية، إلا أنه يملك فرصا متساوية للبقاء أو الرحيل بعد الانتخابات. ونجاحه في تجاوز خط النهاية الأول، بعد أربعة أشهر، ومتابعته مشواراً طويلا لأربع سنوات قادمة، يحتاجان منه الكثير من العمل، من ضمنه ترتيب الملفات العالقة، ومنها استعادة العلاقة الودية والصحية مع القطاع الخاص لتحفيز الاستثمار لا تطفيشه.. وتابعت للغد: أما بشأن الفريق الوزاري، فيتوقع أن يكون أكثر من نصفه من حكومة النسور، وهم أولئك الوزراء الذين أبلوا البلاء الحسن في قطاعاتهم، مقدمين تجارب ناجحة في إدارتها.