ترقب حذر داخل الشارع الليبي، لعمل السلطة التنفيذية الجديدة «المؤقتة»، فالمهمة صعبة والتحديات قائمة، بحسب تقديرات الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، التي أشارت إلى المهمات الصعبة للفريق الرئاسي والحكومي في إعادة توحيد مؤسسات البلاد، والأكثر صعوبة «كسب الشرعية»، واصفة وصول الثنائي محمد يونس المنفي وعبد الحميد دبيبة بـ«المفاجئ» و«غير المتوقع».
تحذير من مقاومة أصحاب المصالح الخاصة
وعلى نفس مسار الترقب الحذر، قال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية طارق المجريسي «بهذه الانتخابات المفاجئة، يمكننا أن نخشى مقاومة شديدة من أصحاب المصالح الخاصة».وفي المقابل يحرى الآن فحص موقف القوى الأجنبية من مختلف المعسكرات عن كثب، إذ لا تبدو تركيا، المؤيد القوي لحكومة الوفاق، غير راضية عن نتيجة جنيف !!
والترقب الحذر داخل الشارع الليبي، يرجع أيضا إلى تخوفات من أن تتعرض الحكومة الجديدة سريعًا لضغوط.. وتوقعت مصادر ليبية،أن لا يكون أثر يذكر لتعيين حكومة جديدة على تغيير ميزان القوى العسكرية على الأرض، فيما لا تزال الفصائل منقسمة بين الشرق والغرب على طول الجبهات الأمامية.
إشكالیة الشرعیة للسلطة الجديدة
وترى صحيفة الصباح التونسية، أن إشكالیة الشرعیة للشاغلین للمناصب الجدیدة ستكون مطروحة بشدة، خاصة في امتحان تمریرھا أمام مجلس النواب المنقسم، وكذلك في التعامل مع أقطاب الصراع عسكریا وأبرزھم خلیفة حفتر، وقد بدت المؤشرات واضحة من خلال «انعدام الثقة» بین المتحاورین في ملتقى الحوار، والذي سیطر على أجوائه خاصة وأنھم فشلوا في التوافق على أسماء الذین سیشغلون مناصب السلطة التنفیذیة في الفترة التمھیدیة التي تنتھي قبل اجراء الانتخابات في دیسمبر/ كانون الأول المقبل، في دورتین قبل أن تذھب البعثة إلى أسلوب جدید في التصویت وھو التصویت على القوائم.
وصوت 74 عضوًا في منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي يجتمع لمدة ثلاثة أشهر تحت رعاية الأمم المتحدة على أربع قوائم متنافسة يوم الجمعة 5 فبراير بأغلبية 39 صوتًا من أصل 73.
مناخ «عدم الثقة» بین الفرقاء اللیبیین
ويخشى مراقبون ومحللون، من أن نجاح الحوار السیاسي اللیبي في الخروج بسلطة جدیدة، قد يكون بدایة لإعادة خلط الأوراق السیاسیة على مستوى الفاعلین الدولیین، وأبرزھم تركیا التي لا ترى في ھذا التشكيل السیاسي الجدید حجرة عثرة في طریق تمددھا الجیواستراتیجي في لیبیا، وكذلك ھذا ما تراه روسیا في الوقت الحالي، وھو ما یفسر عدم سحب كلا الفریقین من المتحاربین في لیبیا للمرتزقة الأجانب تنفیذا لمقررات اللجنة العسكریة 5+5 في سرت والتي حدد تاریخ 23 يناير/ كانون الثاني كتاریخ نھائي لرحیل كل القوات الأجنبیة في لیبیا واتي قدرت بحوالي 20 ألف شخص بین قوات نظامیة ومرتزقة
. ولعل ھذه المعطیات تدل على مناخ «عدم الثقة» بین الفرقاء اللیبیین ومن وراءھم من قوى إقلیمیة ودولیة متحكمة في الصراع، خاصة وأن الطرفین (سواء قوات خلیفة حفتر أو القوات الموجودة في غرب لیبیا والتي تعتبر تحالف مجموعة من الملیشیات المسلحة غیر النظامیة)، سیكون لھ اثر كبیر بعد نجاح المسار السیاسي في الخروج بسلطة جدیدة تعوض الوفاق.
نتيجة التصويت كانت «مفاجئة» للمراقبين
ويشير سياسيون وقيادات «قبلية» ليبية، إلى أن هناك قوى خارجية (دولية وقليمية وعربية) كانت خلف كل قائمة من القوائم الأربعة، وتلك الدول لعبت دورا في نتيجة التصويت التي كانت «مفاجئة» للمراقبين، بحسب تعبير الباحث السياسي الليبي، على مندور..ونقلت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية عن أحد المرشحين غير الناجحين في جنيف ، أن «التصويت كان تصويتًا لرفض قائمة صالح ـ باشاغا، وليس تصويتًا للانضمام إلى قائمة دبيبة». وأضاف حسب صحيفة «ليبراسيون» إن «عبد الحميد دبيبة رجل أعمال ليست لديه رؤية سياسية واضحة جدًّا». وحصلت قائمته على 39 صوتًا مقابل 35 صوتًا للمرشحين الآخرين من شخصيات ذات ثقل كبير في السياسة الليبية مثل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ووزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا واللواء أسامة الجويلي.
«دبيبة» سيواجه مهمة صعبة
وتؤكد الصحيفة الفرنسية، أن «دبيبة» سيواجه مهمة صعبة متمثلة في إعادة توحيد مؤسسات بلد ممزق على جميع المستويات، واللتحضير لانتخابات ديسمبر/ كانون الأول المقبل كما تنص خارطة الطريق ، كما أن السلطة التنفيذية الجديدة عليها البدء بكسب ثقة البرلمان وهو أمر لم ينجح فيه فائز السراج قط. في وقت تلوح في الأفق صعوبات خاصة في الشرق، في برقة، حيث أيدت القبائل الكبيرة علنًا ترشيح رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح. وهم ينتظرون رد فعل المشير خليفة حفتر بفارغ الصبر.
وبينما وصفت صحيفة «لاكرو» الفرنسية وصول الثنائي محمد يونس المنفي وعبد الحميد دبيبة، بـ «غير المتوقع»، الذي تم اللجوء إليهما لقيادة ليبيا «الممزقة منذ سنوات».. وأشارت الصحيفة إلى أصل دبيبة ومنصبه الرئيسي في ظل نظام القذافي، أما محمد يونس المنفي الرجل الذي يحظى بالدعم في شرق ليبيا، فهو دبلوماسي، وكان سفيرًا لليبيا لدى اليونان.