شكلت «النار» لغزًا محيرًا، وشيئًا مخيفًا بسبب غموضها، وحظيت باهتمام بالغ في الثقافات والأديان والأساطير، ودائما ما استحوذت على فكر الفلاسفة.
فمنذ لاحظ الإنسان ألسنة النار لأول مرة، طرح تساؤلاته عن ماهيتها، وقدرتها على تدمير الأخضر واليابس، لذلك لجأت الأديان والمعتقدات القديمة لتبني فكرة الترهيب بالنار، فنشأت أساطيرها التي شغلت الحضارات القديمة، فالفرس والإغريق والرومان والصينيون وفيما بعد العرب، أول من أدخل النار في معتقداتهم الدينية والفلسفية، فالشعوب القديمة كانت ترى في النار منحة مقدسة من الآلهة، فقامت بعبادتها ثم توجهت لعبادة الشمس مصدر الإشعاع الدائم والنور .
أثبتت دراسة نشرت في العام 2004 أن الإنسان القديم أشعل النار قبل 790 ألف سنة من خلال الحجر الصوان.
الحضارة الزرادشتية
قدست الديانة الزرادشتيه النار وكان الزرادشتيون لهم هياكل النار، إذ يوجد ارتباط في تلك الديانة، بين قداسة النار وقداسة الشمس.
في الديانة اليهودية
للنار قدسية خاصة عند اليهود، والنار في الديانة المسيحية رمز لروح القدس حيث يقول يوحنا المعمدان: هو الذي يعمدكم بروح القدس وبالنار، فالنار في الكنيسة تكون معلقة في وسطها لأنها دليل البشارة والنور، ثم وضعها حول الصليب و إيقاد النار أو الشموع في المناسبات العديدة.
الأكراد والأيزيدين «الديانات الشمسانية»
رافقتهم النار أينما رحلوا، اعتبروا الشمس والقمر والنجوم والضوء والنار وكل ماله علاقة بالضياء، من التجليات المقدسة وللشمس منزلة خاصة ومتميز.
إخناتون وعبادة الشمس
يعود تاريخ عبادة الشمس وتقديسها، كمصدر للنار، إلى عام 1380 قبل الميلاد حيث توفي أمنحوتب الثالث وخلفه أبنه أمنحوتب الرابع المعروف باسم «إخناتون» حيث ثار على دين آمون، وعلى الأساليب القديمة التي يتبعها الكهنة معلنا أن تلك الآلهة وكل طقوس العبادات وثنية منحطة، وأنه ليس للعالم إلا اله واحد هو «آتون» وأن الإلوهية أكبر ما تكون في الشمس مصدر الضوء وكل ما على الأرض من حياة .
الحضارة الفارسية
يحكي الأدب الفارسي قصة اكتشاف النار في قتال مع التنين، فالحجارة التي استخدمها البطل سلاحًا لم تصب الحيوان التنين وإنما اصطدمت بالصخر، فتولد عنها ضوء باهر وبهذا شاهد الإنسان النار لأول مرة. وفي آسيا ينسبون النار إلى الوعل وفي شرق غينيا أن امرأة ولدت الشمس والقمر وقذفتهما إلى السماء هي التي ولدت النار.
الرومان
ارتبطت الرياضة لدى الرومان بالنار، وهو سر استمرار تقليد شعلة الألعاب الأولومبية، ووفقا للأسطورة الرومانية كانت كاهنات الآلهة فستا المكلفات بالحفاظ على بقاء النار المقدسة مشتعلة، حيث كان الموقد مركز الحياة العائلية في روما القديمة، وكانت فستا تقوم مقام النار وفي الأصل كانت إلهة المدفئة عندهم، وكان جميع الرومانيين يحتفظون بموضع مقدس في منازلهم تبجل فيه فستا وربَّات تدبير المنزل المعروفة باسم الآلهة الحارسة للمنزل. وفستا هي ابنة إله الخصوبة والزرع، وأوبس ربة الخصوبة والحصاد، وأخت جوبيتر رب الأرباب.
الحرق في الجنائز والعقاب في الآخرة
في الإسلام يعاقب الله العصاة بالحرق إلى الأبد في جهنم، وكلما تحترق جلود العصاة يبدلها الله بجلود جديدة لتحترق مرة أخرى، أما لدى العقائد البوذية فيتم حرق جثمان المتوفي عقب موته بعد الصلاة عليه، ومن ثم ينثر رماده في البحار والأنهار.
