رغم إشادة الدوائر السياسية العربية والدولية بالعملية الإنتخابية في الأردن، للبرلمان الثامن عشر، وما تميزت من تنظيم اتسم بـ”سهولة ويسر” ونزاهة، إلا أن أعمال الشغب والعنف التي اندلعت في مختلف مناطق المملكة، عقب إعلان النتائج الأولية، مساء أمس، خدشت ملامح الصورة التي صاحبت إجراء الانتخابات البرلمانية، وأغلقت الطرق الرئيسية المحورية للأردن مع دول الجوار، بغداد ودمشق والسعودية، إلى جانب الطرق الداخلية بين المحافظات، وأغلق أنصار أحد المرشحين في البادية الوسطى طريق بغداد الدولي، احتجاجا على قرار الهيئة المستقلة للانتخاب بإعادة الاقتراع في مناطقهم، قبل أن تقوم الأجهزة الأمنية بإعادة فتح الطريق.
وأغلق مواطنون طريق عمان – دمشق، احتجاجا على نتائج الانتخابات غير الرسمية، وأغلق المحتجون الطريق بالإطارات المشتعلة، وقام مناصرو أحد المرشحين الذين لم ينجحوا في الحصول على مقعد نيابي، اليوم الخميس، بأعمال شغب في منطقة الصوالحة بلواء ديرعلا، وإضرام النار في عدد من المحال التجارية في السوق التجاري، واعتدى أنصار مرشحين في محافظة معان ، جنوب الأردن، على الطرقات باشعال الإطارات وحرق المحلات، وأغلق طريق المدورة ـ السعودية.
وكانت 10 صناديق اقتراع، تعرضت للسرقة في دائرة بدو الوسط مساء أمس الأول الثلاثاء، فيما أكد الناطق الإعلامي باسم الهيئة، جهاد المومني، أن لجنة التدقيق هي من يقرر حجم الضرر وعدد الصناديق، وأن الصناديق التي لا ليس بها أي ضرر من الممكن اعتمادها، بينما أعلن رئيس اللجنة الخاصة المكلفة بتدقيق نتائج الانتخابات النيابية، الدكتور مصطفى البراري، أن اللجنة ستعلن النتائج الانتخابية بعد الانتهاء من تدقيقها بشكلها النهائي، مؤكدا انه سيتم اعلان النتائج الانتخابية بصفتها الاولية والنهائية اليوم الخميس
المرأة في البرلمان
وحسب النتائج الأولية الرسمية، حتى الآن، لم تحقق المرأة فوزا متوقعا أكثر من 18 مقعدا، من بينها 15 مقعدا في “الكوتا” النسائية، وفوز 3 نساء بالتنافس، خارج “الكوتا” ضمن القوائم الانتخابية أو مستقلين، وهو العدد نفسه تقريبا في المجلس السابق، ويعتبر نظام (الكوتا) حلا مرحليا مؤقتا يهدف إلى معالجة مشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية وعزوفهن عن المشاركة في مراكز صنع القرار، وللحد من الإقصاء والتهميش وعدم المشاركة الفعالة في الجهود التنموية والاقتصادية المعترف بها، حيث تعد نسبة التمثيل النسائي البرلماني بالأردن متدنية، و من بين أقل الدول العربية بنسبة 12 % تقريبا.
الإخوان في البرلمان.. تحالف الإسلاميين يفوز بـ 14 مقعدا
وأظهرت النتائج الأولية، حصول حزب جبهة العمل الإسلامي وحلفائه في التحالف الوطني للإصلاح (تحالف الإسلاميين) على 14 مقعدا، من بينهم 3 سيدات، وكما كان متوقعا بدأت شكوك “الإخوان” تحوم حول العملية الانتخابية، تبريرا لفشلهم في حصد أكبر عدد من المقاعد، وجدد الناطق الإعلامي باسم التحالف، علي أبو السكر، انتقاده لتأخر الهيئة المستقلة بإعلان النتائج الأولية، معتبرا أن ذلك “ليس مفهوما”، خاصة في الدوائر التي لم تشهد نسب تصويت كبيرة، فيما قال إن ذلك “لا يبعث على الاطمئنان”.
أما حزب المؤتمر الوطني “زمزم” حديث التأسيس( توجه إسلامي) فقد أكدت النتائج الأولية فوز 5 من أعضاء الحزب المؤسسين، وبعضهم خاض الانتخابات دون تبني اسم الحزب الذي لم يكن مرخصا بعد.. وأكد الحزب، أن هناك “تفاهما في توزيع الأدوار بين “جمعية الإخوان” المرخصة والقانونية ، وبين “زمزم”، على أن يكون لزمزم العمل السياسي.. وموضحا أن النتائج الأولية تشير إلى “قدر كبير من النزاهة، وغياب التدخل الرسمي على مستوى ابعاد أو إقصاء أحد”، وأشاد بتعدد الطيف السياسي في المجلس المقبل، خاصة مشاركة الإسلاميين .. وقال: “أن يكون هناك تمثيل للطيف الإسلامي في جزء من تشكيلة المجلس، شيء إيجابي، رغم التباين والاختلاف في الرأي السياسي” .. وفيما توقع حزب الوسط الإسلامي، فوز 5 من الحزب من بين 23 مرشحا.
غياب شبه تام لمقاعد الأحزاب اليسارية والقومية
وفي المقابل، لم تعلن الأحزاب اليسارية والقومية الستة التي خاضت الانتخابات فرادى، عن فوز أي من مرشحيها ( 12 مرشحا) باستثناء حصول الدكتور نضال الطعاني بمقعد نيابي عن حزب البعث العربي التقدمي، وانتقد الأمين العام للحزب الشيوعي فرج طميزة بشدة، تدني مستوى التصويت في الانتخابات عموما، قائلا إن “المشاركة الشعبية جاءت متدنية جدا”، فيما أرجع ذلك إلى “عدم ثقة الناخبين بالعملية الانتخابية، فلقد اعتدنا على أن هناك تغولا من السلطة التنفيذية على التشريعية، وانعكست النتيجة سلبا على حجم المشاركة، وبالنسبة للعملية الإجرائية لا أستطيع القول بأن هناك خللا كبيرا جدا، ما عدا ما جرى في دائرة بدو الوسط وقد عولج بطريقة قانونية، وأتوقع أن يصدر تقييمنا خلال يومين للعملية الانتخابية”، وكشفت النتائج الأولية عن عدم فوز 40 مرشحا من النواب السابقين ، ولت يتحقق لهم المل بدخول البرلمان مرة ثانية
وحول تقييمه لفوز “الإخوان” بعدد من المقاعد في البرلمان الجديد؟ قال الكالتب والمحلل السياسي، دكتور موسى شتيوي، إنه بعد الغياب عن المجلس النيابي السادس عشر والسابع عشر نتيجة لمقاطعة الإخوان للانتخابات، يعود الإخوان المسلمون للمجلس الثامن عشر وبعدد مقاعد يزيد بقليل على عشرة نوابنو واكن السؤال المهم هو ماذا يترتب على هذه العودة لقبة البرلمان بعد علاقة متوترة مع الدولة والمجتمع في فترة الربيع العربي وما تلاها من تطورات إقليمية ومحلية؟.
وأضاف، لقد شكلت الانتخابات البرلمانية فرصة ذهبية للخروج من عزلة “الإخوان” السياسية من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للجماعة والتي ما تزال تحكم سيطرتها عليه. لقد تحقق الهدف الأساس للجماعة بوجود عدد من أعضائها نواباً تحت القبة. ولكن بالقدر الذي شكلت به المشاركة بالانتخابات فرصة للعودة للحياة السياسية من خلال مؤسسة البرلمان، فقد شكلت الانتخابات أيضا فرصة لخروج الحزب والجماعة من العزلة والأزمة التي مرت، ووجودهم تحت القبة يشكل فرصة تاريخية لعملية إصلاحية ذاتية تتحول من خلالها إلى حزب سياسي مستقل يقود عملية إصلاحية داخلية وبدون ذلك سوف يعود الحزب للمربع الأول.
