النظرة التقدمية في مقابل الحمائية الاقتصادية.. كيف تساعد التجارة والهجرة العمال الأمريكيين؟

كيمبرلي كلاوسينج* ـ فورين أفيرز

ترجمة خاصة لـ «الغد» ـ نادر الغول

أصبح هناك إجماع جديد في واشنطن، مفاده أن عقودًا من الانفتاح الاقتصادي المتزايد أضرت بالعمال الأمريكيين، وزادت من عدم المساواة، ودمرت الطبقة الوسطى، ويمكن للقيود الجديدة على التجارة والهجرة أن تعمل على عكس الضرر.

هذه النظرة مغايرة لشبه الإجماع بين الحزبين لصالح الانفتاح على العالم الذي حدد السياسة الاقتصادية الأمريكية لعقود، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي ظل كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية، كان الكونجرس والبيت الأبيض يفضلان دائمًا سياسات التجارة الحرة والهجرة غير المقيدة نسبيًا. لربما يقوم بعض المرشحين لأغراض انتخابية إثارة ضوضاء حمائية لاسترضاء شرائح انتخابية من وقت لآخر، ولكن عموما كان هذا الخطاب محصورًا في الهوامش، ولم يترجم إلى سياسة فعلية.

ثم جاءت الانتخابات الرئاسية لعام 2016، ووجد دونالد ترامب لنفسه جمهورًا عريضًا عندما عرّف العدو الرئيسي للعامل الأمريكي بأنه اليد العاملة الأجنبية، إلى جانب الشركاء التجاريين الذين أبرموا اتفاقيات تجارية كارثية مع واشنطن والمهاجرين الذين كانوا يشغلون وظائف الأمريكيين.

زعم ترامب أن العمال قد خذلتهم الطبقة السياسية المملوكة للأفكار الاقتصادية العالمية، وتابع خلال ولايته جدول أعماله القومي وسحب الولايات المتحدة من شراكة عبر المحيط الهادئ وفرض بشكل روتيني تعريفات جمركية أعلى على الشركاء التجاريين.

وفيما يتعلق بالهجرة، قام ترامب بتطبيق سياسات قاسية ضد طالبي اللجوء على الحدود والمهاجرين غير الشرعيين داخل الولايات المتحدة، فضلاً عن تخفيض الحصص المخصصة للمهاجرين القانونيين وإبطاء معالجة طلباتهم.

ولم يكن ترامب وحيدا في معركته ضد الانفتاح الاقتصادي، فخلال حملة عام 2016، انضم إليه في دعواته للحمائية الاقتصادية من قبل المرشح الديمقراطي الرئيسي بيرني ساندرز، الذي ألقى باللوم أيضًا على اتفاقيات التجارة السيئة في محنة العامل الأمريكي، كذلك اضطرت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي دافعت كوزير للخارجية عن اتفاق الشراكة عبر الهادئ، بسبب الضرورة السياسية، للتخلي عن دعمها السابق للاتفاق.

ولحسن الحظ، لم يحاك الديمقراطيون خطاب ترامب المعادي للمهاجرين، لكن عندما يتعلق الأمر بالتجارة الحرة، كان دعمهم في كثير من الأحيان فاترًا، وفي حين أن بعض الديمقراطيين انتقدوا تعريفات ترامب الجمركية المضادة والحروب التجارية المدمرة، فإن الكثير منهم يترددون عندما يُسألون عما إذا كانوا سينبذون سياسات الإدارة التجارية، خاصة فيما يتعلق بالصين.

تغيرت الرياح السياسية، الآن يبدو كما لو أن أولئك الذين يزعمون التعاطف مع العمال والدفاع عن الطبقة الوسطى يجب عليهم أيضًا أن يشككوا في مزايا الانفتاح الاقتصادي.

لقد تم إهمال العمال الأمريكيين بالفعل، لكن السياسات الاقتصادية المفتوحة تظل في مصلحتهم، من خلال خفض الأسعار للمستهلكين والشركات، كما تساعد التجارة الحرة العمال أكثر مما تؤلمهم، من خلال خلق فرص عمل، وتقديم مهارات تكميلية، ودفع الضرائب، وهكذا الحال بالنسبة للمهاجرين.

وبدلاً من تبن للأفكار الاقتصادية القومية المتشددة والمشكوك فيها، ينبغي للسياسيين الذين يسعون إلى تحسين الوضع الاقتصادي للأمريكيين، خاصة التقدميين الذين يركزون على الحد من عدم المساواة وإعادة بناء الطبقة الوسطى، أن يبحثوا في السياسة المحلية لتلبية احتياجات العمال، وفي الوقت نفسه تحسين الاتفاقيات التجارية وزيادة الهجرة. هذا الخطوات المطلوب تبنيها وليس التعريفات الجمركية وبناء الجدران، هو ما سوف يتطلبه الأمر لتحسين محنة الأمريكيين.

غول التجارة

40 سنة من اتساع عدم المساواة ونمو الأجور البطيء ترك العديد من الأمريكيين يبحثون عن إجابات. قد يكون من المغري إذن إلقاء اللوم على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، الذين شهد الكثير منهم قفزات ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي والأجور.

وشهدت الصين، ربما المثال الأكثر إثارة للدهشة، ارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بأكثر من 22 ضعفًا خلال الفترة من 1980 إلى 2018 – من 350 إلى 7750 دولارا، ولكن خلال الفترة نفسها، نما نصيب الفرد الأمريكي من الناتج المحلي الإجمالي من 28600 إلى 54500 دولار، هذا أقل من الناحية النسبية، إذ إن الاقتصادات المتقدمة عادة ما تنمو ببطء أكثر من الاقتصادات الفقيرة، ولكن أكثر بكثير من حيث القيمة المطلقة، وهو ما يكفي لتعزيز مستويات المعيشة بشكل كبير.

المشكلة مع ذلك، هي أن المكاسب لم يتم تقاسمها بالتساوي. إذا ما تم ربطها بالتضخم، بقى متوسط دخل أقل من 50% من أصحاب الأجور ثابتًا تقريبًا بين عامي 1980 و2014.

وبالنسبة لأولئك في النسب المئوية 50 إلى 90%، فارتفع بنسبة 40% تقريبًا، مخالفا التوقعات بناءً على تجربة الأجيال السابقة، ولكن بالنسبة لـ1% في الوقت نفسه، ارتفع متوسط الدخل بنسبة 205 % خلال الفترة نفسها. لا عجب أن الكثير من الأمريكيين يشعرون بخيبة أمل، فقد فشل الاقتصاد الأمريكي في تحقيق هدفه الأساسي: توليد نمو شامل.

التجارة تستحق بعض اللوم أيضاً. عندما تشتري الولايات المتحدة سلعاً من بلدان كثيرة العمالة مثل الصين والهند، فإن الطلب على العمالة المحلية يتراجع. يبدو أن هذا هو ما حدث بعد الزيادة الكبيرة في الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة في السنوات الأولى من هذا القرن.

في سلسلة من الأوراق البحثية التي تم الاستشهاد بها كثيرًا حول “صدمة الصين”، قدّر الاقتصاديون ديفيد أوتور وديفيد دورن وجوردون هانسون أن التجارة مع الصين ربما تكون قد أدت إلى محو من مليون إلى مليوني وظيفة في أمريكا خلال هذه الفترة، ولكن من المهم الحفاظ على هذه الأرقام في منظورها الصحيح.

ويعد الاقتصاد الأمريكي ذا طابع ديناميكي، حيث يفقد ويخلق الاقتصاد أكثر من ستة ملايين وظيفة كل ثلاثة أشهر، علاوة على ذلك، فإن حصة الأمريكيين العاملين في الصناعات الغنتاجية قد انخفضت بشكل مطرد منذ عام 1950، رغم أن النمو في التجارة لم يكن بحجمه الحالي، ما يشير إلى أن هناك عوامل أخرى غير التجارة تلعب دورًا.

في الواقع شهد الاقتصاد الأمريكي تغييرات ضخمة أخرى، وفقد العمال القدرة على المساومة حيث انخفضت النقابات والعمل النقابي (من 30 % من القوى العاملة في عام 1960 إلى أقل من 11% اليوم) وزادت الشركات الكبيرة من قوتها السوقية بشكل مطرد (أرباح الشركات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أعلى بنسبة 50% مما كانت عليه في العقود السابقة). ولعل الأهم من ذلك هو أن التكنولوجيا عطلت صناعات لا حصر لها وقلصت الطلب على العمالة الأقل تعليماً.

واعتقد معظم الاقتصاديين أن التغير التكنولوجي عامل أهم بكثير من التجارة الدولية في شرح النتائج المخيبة للآمال في أسواق العمل الأمريكية. ففي جميع الصناعات، زادت نسبة الذين عادوا إلى مقاعد الدراسة، حيث يتم الاستغناء عن العمال الأقل تعليماً بشكل غير متناسب بسبب الأتمتة والحوسبة.

ورغم أن إنتاج الصناعات التحويلية مستمر في الارتفاع، فإن معدل التوظيف في القطاع الصناعي انخفض، حيث يحل رأس المال محل العمالة وينتقل العمال بشكل مطرد إلى صناعة الخدمات، ومع ذلك، على الرغم من كل هذه الأدلة حول آثار التغيير التكنولوجي، لا يزال السياسيون يوجهون أصابع الاتهام إلى الأجانب.

خرافة الصفقات السيئة

يزعم منتقدو التجارة من اليسار واليمين أن الجزء الأكبر من المشكلة مرتبط بصفقات التجارة السيئة التي أبرمتها واشنطن. اليسار من جانبه يقول إن القلق هو أن الاتفاقيات التجارية أعطت أولوية لمصالح الشركات على مصالح العمال، فيما يقول اليمين على الجانب الآخر: “لقد ركزت الاتفاقات التجارية على هدف التعاون الدولي على حساب المصالح الأمريكية.

وجادل ترامب بأن الصفقات التجارية الأمريكية قد تم قلبها ضد الولايات المتحدة، ما ساهم في العجز التجاري الكبير (وهذا يعني أن البلاد تستورد أكثر مما تصدر) وتفريغ قطاع الصناعات التحويلية والصناعية.

وردد السناتور والمرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز هذه المخاوف في الماضي، على سبيل المثال، مدعيا أن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) كلفت 43000 وظيفة في ميتشيغان وأنها وراء التراجع الحضري في ديترويت.

ولكن كما أن التجارة بشكل عام ليست المسؤولة الوحيدة عن ويلات العامل الأمريكي، فهي ليست كذلك بالنسبة للصفقات التجارية الفردية. في الواقع، فإن شروط اتفاقيات التجارة عادة ما تكون مواتية للغاية للولايات المتحدة. ذلك لأن مثل هذه الصفقات تتطلب عادة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة خفض حواجزهم التجارية أكثر بكثير مما يجب على الولايات المتحدة، لأن واشنطن تميل إلى البدء بحواجز تجارية أقل بكثير.

وكان هذا هو الحال بالنسبة للمكسيك، التي كانت قبل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) ، قد بلغ متوسط الرسوم الجمركية على صادراتها 10%، مقارنة بالتعريفة الجمركية الأمريكية التي بلغ متوسطها 2%، ما يعني أنه لا يمكن تحسين الاتفاقيات التجارية؛ يمكن لتعديل بسيط مهم أن يتصدى للأولوية المفرطة التي منحت لمناقشة الملكية الفكرية ويقلل من نطاق الآلية التي من خلالها يحل المستثمرون والدول المنازعات، والتي يزعم النقاد أنها تمنح الشركات الكثير من القوة لمحاربة اللوائح الصحية والبيئية.

وحاول TPP (اتفاق التجارة والشراكة عبر الهادئ) تحديث NAFTA من خلال التركيز بشكل أكبر على حقوق العمال وحماية البيئة، ويمكن أن تذهب الاتفاقيات المستقبلية إلى أبعد من ذلك.

ومع ذلك، فمن السهل المبالغة في تقدير المخاطر هنا. حتى الاتفاقات التجارية المثالية لن تفعل الكثير لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية والركود في الأجور، لأن الاتفاقيات التجارية نفسها ليست لها علاقة تذكر بتلك المشاكل. مقارنة بالعوامل الأخرى، نمو التجارة بشكل عام، والتغير التكنولوجي، وتراجع النقابات، وما إلى ذلك، فإن تفاصيل الاتفاقيات التجارية غير مهمة تقريبًا. في الواقع، في أواخر التسعينيات، بعد اعتماد NAFTA مباشرة، شهدت الولايات المتحدة بعضًا من أقوى نمو للأجور منذ أربعة عقود.

كما أظهرت الدراسات التي أجراها باحثون في خدمة أبحاث الكونجرس ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن أي تعطيل لسوق العمل بسبب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية قد تضاءل بسبب اعتبارات أخرى، خاصة التغيير التكنولوجي، وحتى عندما تكلف التجارة خسارة في الوظائف، كما هي الحال مع صدمة الصين، فإن التأثير لا يعتمد على تفاصيل أي صفقة تجارية.

لم يكن هناك أي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة مع الصين، ولكن تم منحها وضع “الأمة الأكثر تفضيلاً” عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، وهو وضع كان من الصعب حرمان الصينيين منه، بالنظر إلى ضخامة البلد والاقتصاد المتنامي. ما كان يهم حقًا هو الحقيقة الواضحة، ظهور الصين كقوة اقتصادية.

إن منتقدي التجارة مخطئون أيضًا عندما يجادلون بأن الاتفاقيات الأمريكية قد وسعت العجز التجاري. في الواقع، كانت نتيجة الاقتراض. كما فهم الاقتصاديون منذ فترة طويلة، فإن العجز التجاري يظهر كلما ينفق بلد ما أكثر مما يكسب، وتنشأ الفوائض التجارية كلما يكسب بلد ما أكثر مما ينفق. العجز التجاري والفوائض هي ببساطة الوجه الآخر للاقتراض والإقراض الدولي، بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، مقترضة. فهم يستهلكون سلعًا أخرى أكثر مما يرسلونه إلى الخارج، ويدفعون الفرق بأدوات الدين (والتي تأخذ شكل استثمار أجنبي في الأسهم والسندات والعقارات الأمريكية). بلدان أخرى، مثل ألمانيا، هي دولة مقرضة. إنهم يقرضون الأموال في الخارج، ويحصلون على أصول أجنبية، لكنهم يستوردون أقل مما يصدرون. أي بلد سيحصل على نهاية أفضل للصفقة؟ من الصعب التنبؤ بهذا. تتمتع الأسر الأمريكية باستهلاك أكبر الآن، لكن سيتعين عليها في النهاية سداد الديون؛ تحصل الأسر الألمانية على عوائد على استثماراتها في الخارج، لكنها تتخلى عن الاستهلاك في الوقت الحاضر.

هذا يعني أنه إذا كان صانعو السياسة يرغبون في خفض العجز التجاري للولايات المتحدة، وفي الوقت الحالي، فهو ليس كبيرًا بشكل ينذر بالخطر، فيجب عليهم تخفيض الاقتراض، وهو ما يمكنهم تحقيقه عن طريق تقليص عجز الميزانية. بدلاً من ذلك، يتحرك صانعو السياسة في الاتجاه المعاكس، تضخم العجز في الموازنة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد التخفيضات الضريبية لعام 2017. وفي الوقت نفسه لم تقدم التعريفات الجمركية الجديدة أي شيء لتحسين العجز التجاري. وهذا لم يكن مفاجأة للاقتصاديين.

ثمن الحمائية الاقتصادية

ومن السهل فضح هذه الخرافات المتعلقة بالتجارة، حيث من الواضح أن أنصار الحمائية الاقتصادية لديهم قبضة قوية على صناع السياسة. وهذا ينعكس بشكل مقلق على الخطاب العام؛ كما أن له آثارا عميقة في الواقع.. هؤلاء يتاجرون بالسياسة، وهناك تزايد في عدد السياسيين الذين يتبنون سياسات حمائية. وبالنسبة للعمال الأمريكيين، فإن ذلك يعمق جراحهم، ويجعل حياتهم أكثر خطورة.

ويحدث ذلك بأربعة طرق متميزة:

أولاً: وقبل كل شيء، تكون التعريفات الجمركية بمثابة ضرائب رجعية على الاستهلاك. رغم أن إدارة ترامب تحب أن تدعي أن الأجانب يدفعون ثمن التعرفة الجمركية، في الواقع يتم نقل التكاليف على المستهلكين، الذين يتعين عليهم دفع المزيد مقابل الواردات التي يشترونها. (بحلول هذا الربيع الماضي، تجاوزت تكلفة الحرب التجارية التي بدأت في عام 2018، ما قيمته 400 دولار سنويًا للأسرة الأمريكية المتوسطة). علاوة على ذلك، يتحمل الفقراء تبعات التعرفة الجمركية بشكل أكبر، وذلك لأن الفقراء يستهلكون مجمل دخلهم ولأن النسبة الأعلى من إنفاقهم تذهب إلى المنتجات التي يتم فرض جمارك عليها أكثر، مثل المواد الغذائية والملابس.

هذا هو أحد الأسباب التي دفعت التقدميين في أوائل القرن العشرين، الغاضبين من عدم المساواة في العصر المذهب (إن العصر المُذهب في تاريخ الولايات المتحدة هو حقبة حدثت في أواخر القرن التاسع عشر، من سبعينيات القرن التاسع عشر إلى حوالي عام 1900. إضافة من المترجم)، للابتعاد عن التعريفات الجمركية ونحو ضريبة دخل فيدرالية أعلى.

وكان معروفا على نطاق واسع أن التعريفات الجمركية تزيد ثروات الأغنياء إلى حد كبير على حساب الفقراء. الآن يحدث العكس، بعد أن دافعت الإدارة عن التخفيضات الضريبية التي استفاد منها الأمريكيون الأثرياء بشكل غير متناسب، تحاول الإدارة جمع المزيد من الإيرادات من الضرائب الارتدادية على التجارة.

ثانيًا: تسببت التعريفات الجمركية والحروب التجارية في إحداث الفوضى في أسواق العمل في الولايات المتحدة من خلال رفع التكاليف للشركات الأمريكية. تعتمد العديد من الشركات الصناعية الأمريكية الكبيرة اعتمادًا كبيرًا على الواردات.

تعتبر بوينغ Boeing من أكبر مصدري الولايات المتحدة، ولكنها أيضًا مستورد رئيسي، حيث تعتمد على استيراد الأجزاء المهمة من جميع أنحاء العالم. تدفع شركة جنرال موتورز الآن أكثر من مليار دولار من الرسوم الجمركية سنويا، مما لا شك فيه أحد العوامل وراء قرار الشركة الأخير إغلاق مصنع في أوهايو. عندما تقطع التعريفات الجمركية سلاسل التوريد العالمية، فإنها تضر بالشركات الأمريكية كما هي الحال بالنسبة للشركات الأجنبية. إذا كان الهدف هو جعل الولايات المتحدة مكانًا أكثر تنافسية على المستوى الدولي وخلق الوظائف وتوجيه الاستثمار اليها، فإن الحمائية الاقتصادية هي نهج متخلف تمامًا.

ثالثًا: لا يجلس الشركاء التجاريون يراقبون عندما ترفع واشنطن التعريفات الجمركية على منتجاتها. بالفعل فقد فرض الصينيون والهنود والأوروبيون تعريفات جمركية انتقامية خطيرة على السلع الأمريكية. ومن بين ضحايا هذه التدابير مزارعو فول الصويا في ولايتي أيوا ومينيسوتا (الذين فقدوا حصتهم في السوق لصالح مزارعي كندا حيث يسعى المشترون الصينيون إلى مكان آخر لخلق بدائل) ومصانع تقطير الويسكي والكحول في كنتاكي وتينيسي (الذين شاهدوا صادراتهم إلى أوروبا وغيرها من الدول تتقلص).

رابعاً وأخيرًا: تضر الحروب التجارية بالاقتصاد العالمي والشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ما يضعف شبكة تحالفات واشنطن ويعرض التعاون المطلوب للتعامل مع المشكلات الدولية الملحة للخطر. هيمنت على الاجتماعات الأخيرة لمجموعة السبع ومجموعة العشرين مناقشات تهدف إلى نزع فتيل النزاعات التجارية، وصرف الانتباه الدبلوماسي الثمين عن تغير المناخ ومنع الانتشار النووي.

من السهل أخذ السلام والتعاون الدولي كأمر مفروغ منه، لكنهما شرطان مسبقان لنجاح الاقتصاد الأمريكي في العقود المقبلة. يشهد العالم طفرة أخرى في النزعة القومية الاقتصادية، ما يجعل من السهل على السياسيين والجمهور تبني الميول القومية في مجالات أخرى. تجدر الإشارة إلى أنه بعد توقف حقبة العولمة الأخيرة، كان ما تلا ذلك الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية.

قوة الشعب

الحمائية الاقتصادية ضارة بالنسبة لمعظم العمال الأمريكيين، لكن السياسات الأكثر تدميراً هي جعل الولايات المتحدة مكاناً أقل ترحيباً بالمهاجرين. ومع وضع إجراءات إدارة ترامب جانباً ضد المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين، والتي هي وصمة عار أخلاقية خطيرة على البلاد،  فإن جهود الإدارة للحد من الهجرة بشكل عام لها أضرارها الاقتصادية.

لطالما كانت الهجرة نعمة هائلة للاقتصاد الأمريكي. أظهرت الدراسة تلو الأخرى أنها جيدة للنمو الاقتصادي، والابتكار، وريادة الأعمال، وخلق فرص العمل، وأن جميع الطبقات الاقتصادية تقريباً داخل الولايات المتحدة تستفيد منها. رغم أن 14% فقط من سكان الولايات المتحدة الحاليين هم مواليد أجانب، فإن المهاجرين يخلقون عددًا غير محدد من الأعمال. 55% من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة التي تبلغ قيمتها مليار دولار تم تأسيسها من قبل المهاجرين، وأكثر من 40% من شركات Fortune 500 تأسست أو شارك في تأسيسها مهاجرون أو أطفالهم. في العقود الأخيرة، استحوذ المهاجرون على أكثر من 50% من الأكاديميين للولايات المتحدة والذين فازوا بجوائز نوبل في المجالات العلمية.

يوفر المهاجرون أيضًا مهارات لا حصر لها تكمل مهارات العمال الأمريكيين المولودين في الولايات المتحدة. يعوض الأجانب ذوو التعليم العالي ممن لديهم مهارات تكنولوجية (مثل مبرمجي الكمبيوتر)  النقص المستمر في قطاع التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة، وهم يكملون العمال المولودين في الولايات المتحدة والذين يتمتعون بمزيد من الإلمام الثقافي أو مهارات الاتصال. كما يقوم المهاجرون الأقل مهارة بسد النقص في الأيدي العاملة في مجالات مثل الزراعة ورعاية المسنين، حيث يصعب غالبًا العثور على عمال مولودين في الولايات المتحدة للقبول بمثل هذه الوظائف.

هناك القليل من الأدلة على أن الهجرة تخفض أجور معظم العمال المحليين في البلاد، رغم وجود بعض الأدلة المحدودة على أنها قد تقطع أجور أو ساعات مجموعتين، وهما المتسربون من المدارس الثانوية والمهاجرون السابقون. في حالة المتسربين من المدارس الثانوية، هناك طرق أفضل بكثير لمساعدتهم (مثل تعزيز النظام التعليمي) بدلا من تقييد الهجرة. أما بالنسبة للموجات السابقة من المهاجرين، بالنظر إلى مدى مكاسبهم الاقتصادية الكبيرة من الهجرة، وغالبًا ما يكسبون أضعاف ما كان يكسبونه في وطنهم،  فمن الصعب تبرير نمو أبطأ في الأجور لاحقًا كمصدر قلق للسياسة الاقتصادية.

ويتمتع المهاجرون بمزايا اقتصادية أخرى، مثل تخفيف الضغوط الديموغرافية على الميزانيات العامة. في العديد من البلدان الغنية، تباطأ النمو السكاني إلى حد أن العبء المالي للحكومة لرعاية المسنين زاد بشكل مطرد. في اليابان على سبيل المثال، هناك ثمانية أشخاص متقاعدون مقابل كل عشرة عمال؛ أما في إيطاليا، فهناك خمسةٌ متقاعدون لكل عشرة عمال. في الولايات المتحدة وكندا، على الرغم من استمرار ضغوط الميزانية الخاصة بالشيخوخة السكانية، فإن مستويات الهجرة الأعلى تساهم في نسبة ديمغرافية صحية أعلى، ثلاثة متقاعدين لكل عشرة عمال. كما أن المهاجرين الجدد لديهم معدلات الخصوبة أعلى من المتوسط وهذا عامل مساعد.

العديد من الاعتراضات على الهجرة ثقافية بطبيعتها، وهذه أيضًا ليس لها أسس تدعمها في الواقع. إلى جانب أنه لا يوجد أي دليل على أن المهاجرين، حتى أولئك الذين لا يحملون وثائق أو غير شرعيين، يزيدون من معدلات الجريمة. ولا يوجد دليل على أنهم يرفضون الاندماج؛ في الواقع إنهم يندمجون بشكل أسرع من الأجيال السابقة من المهاجرين.

بالنظر إلى الفوائد الكثيرة الناتجة عن الهجرة، فإن فرض قيود أكبر عليها يهدد العمال الأمريكيين. بالفعل بدأت الولايات المتحدة تفقد المواهب الأجنبية، ما سيضر بالنمو الاقتصادي. لمدة عامين على التوالي، انخفض عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في جامعات الولايات المتحدة، وهو ما يمثل عارًا، خاصة لأن هؤلاء الطلاب يدرسون بشكل عام العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهي مجالات تواجه فيها البلاد نقصًا كبيرًا.

إن تشجيع هؤلاء الطلاب على البقاء في البلاد بعد التخرج من شأنه أن يساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على تفوقها في الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي. وبدلاً من ذلك، فإن إدارة ترامب لا تشجع الطلاب الأجانب ويتم تأخير معاملات التأشيرة ودفق مستمر من الخطاب القومي المنفر.

تقييد الهجرة يؤذي الاقتصاد بطرق أخرى، إنها تبقي المبدعين بعيدين عن سوق العمل وهؤلاء الأشخاص بمهاراتهم يكملون مهارات العمال المحليين في الولايات المتحدة. إلى جانب الضغط المتزايد على الميزانية، لأن القيود ستؤدي إلى ارتفاع نسبة المتقاعدين مقارنة باليد العاملة.

من شأن سياسات الهجرة الأكثر عقلانية أن تجعل من السهل على الطلاب الأجانب البقاء في الولايات المتحدة بعد التخرج، والقبول بالمزيد من المهاجرين من خلال برنامج القرعة، وقبول المزيد من اللاجئين، وتوفير طرق للمواطنة للمهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون حاليًا في الولايات المتحدة. تعزيز المصالح الأمريكية يعني المزيد من الهجرة وليس أقل.

ما الذي يصلح؟

في حين أن الحد من التجارة والهجرة يلحق الضرر بآفاق العمال الأمريكيين، فإن التجارة الحرة والهجرة المتزايدة لا تكفي لضمان ازدهارهم. في الواقع، رغم أن عقودا من الانفتاح النسبي على التجارة والهجرة، لا تزال الأجور راكدة وعدم المساواة في تزايد. وهذا له آثار وخيمة، كما جادلت الاقتصادية هيذر بوشي، فإن عدم المساواة يقوض الاقتصاد الأمريكي عن طريق تثبيط المنافسة وخنق المعروض من المواهب والأفكار.

كما تغذي التوقعات الاقتصادية غير الملباة استياء الناخبين وحالة الاستقطاب السياسي، ما يجعل من السهل إلقاء اللوم على الغرباء وتبني سياسات عكسية. من أجل اقتصاد البلد وسياسته على حد سواء، يجب أن يكون النمو الاقتصادي أكثر شمولية.

لتحقيق ذلك تحتاج الولايات المتحدة، قبل كل شيء، إلى نظام ضريبي يضمن أن الرخاء الاقتصادي يرفع جميع القوارب. يعد ائتمان ضريبة الدخل المكتسب أداة قوية في هذا الصدد. وهو ائتمان يستهدف العمال ذوي الدخل المنخفض الذي ينمو مع زيادة ربح هؤلاء العمال، وتدعم EITC (ائتمان ضريبة الدخل المكتسب الفيدرالي في الولايات المتحدة أو ائتمان الدخل المكتسب هو ائتمان ضريبي قابل للاسترداد للأفراد والأزواج العاملين من ذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط، ولا سيما أولئك الذين لديهم أطفال. إضافة من المترجم) عملهم، ما يجعل كل ساعة عمل إضافية أكثر ربحًا.

يجب توسيع حجم هذا الائتمان، وينبغي أن يزيد توزيع الدخل، ويجب أن يصبح أكثر سخاءً بالنسبة للعمال الذين ليس لديهم أطفال، وهي تغييرات ستفيد بشكل خاص أولئك الأمريكيين من الطبقة الدنيا والمتوسطة الذين رأوا أجورهم راكدة في العقود الأخيرة. ستعمل هذه السياسة بشكل جيد جنبًا إلى جنب مع زيادة الحد الأدنى للأجور الفيدرالية، الأمر الذي سيساعد في مكافحة القوة السوقية المتزايدة لأصحاب العمل مقابل الموظفين.

إلى جانب هذه الخطوات، يجب على الحكومة الفيدرالية وضع برنامج للتأمين على الأجور، والذي يمكن أن يعوض بعض الفرق في الأجور المنخفضة للعمال الذين نزحوا بسبب المنافسة الأجنبية أو التغيير التكنولوجي أو المنافسة المحلية أو الكوارث الطبيعية أو غيرها من القوى.

يجب على الحكومة الفيدرالية أيضًا القيام باستثمارات أكبر في البنية التحتية والتعليم والبحث العلمي، والتي ستفيد جميعها العمال من خلال زيادة إنتاجيتهم وبالتالي دخلهم. وينبغي تعزيز شبكة الأمان، ما يجعل تحسين الرعاية الصحية والقدرة على تحمل التكاليف أولوية قصوى.

لن يكون أي من هذا رخيصًا بالطبع. لزيادة الإيرادات، يجب تحديث نظام الضرائب في الولايات المتحدة. بالنسبة للشركات، يتعين على الكونجرس الحد من التهرب الضريبي الدولي، وإغلاق الثغرات وإصلاح الحد الأدنى من الضرائب لزيادة الإيرادات الحكومية دون ملاحقة الأرباح في الخارج.

يجب على الكونجرس أيضًا تعزيز الضرائب الفردية والعقارية، ويمكنه القيام بذلك دون اللجوء إلى معدلات الفائدة القصوى. بالنسبة لضريبة الدخل، يمكن وضع حد أو إنهاء العديد من الخصومات والأفضليات؛ بالنسبة للضريبة العقارية، يمكن رفع المعدلات وتقليل الاستثناءات. ويمكن أن تعزز إنفاذ كلا هذين الخيارين.

يجب على الكونجرس أيضًا فرض ضريبة على الكربون طال انتظارها. إلى جانب السياسات الأخرى، يمكن لضريبة الكربون أن ترفع إيرادات كبيرة دون إلحاق الأذى بالأمريكيين الفقراء والطبقة المتوسطة، و ستحارب تغير المناخ.

أخيرًا، يحتاج صناع السياسة إلى حساب قوة السوق المتنامية للشركات. يجب عليهم تحديث قوانين مكافحة الاحتكار لتأكيد المزيد على العمل وتحديث قوانين العمل لتتناسب مع طبيعة العمل اليوم، والتأكد من أنها تحمي بشكل كاف أولئك العاملين في قطاع الخدمات والأعمال الصغيرة الموجودة في الاقتصاد.

ورغم أن الشركات الكبيرة غالباً ما تكون جيدة للمستهلكين، فإن قوتها السوقية تضيق الحصة الاقتصادية التي في أيدي العمال. لذلك يجب إعادة توازن ميزان القوى بين الشركات وعمالها من كلا الطرفين، يجب أن تعمل السياسات على تمكين الحركات العمالية ومكافحة انتهاكات الشركات للقوة السوقية.

في النهاية، تتمتع الأسواق العالمية بالعديد من الفوائد الرائعة، لكنها بحاجة إلى أن تكون مصحوبة بسياسات محلية قوية لضمان أن يشعر الجميع بمزايا التجارة الدولية (وكذلك التغير التكنولوجي والقوى الأخرى). خلاف ذلك، يزيد السخط الاقتصادي، ويمكّن السياسيين ذوي النزعة القومية الذين يقدمون إجابات سهلة ويتبنون سياسات خاطئة.

العمال الأمريكيون لديهم كل الأسباب لتوقع المزيد من الاقتصاد، لكن القيود المفروضة على التجارة والهجرة تلحق الضرر بمصالحهم في النهاية. ما يجب أن يدركه أولئك الذين يهتمون بالحد من عدم المساواة ومساعدة العمال، هو أن النزعة الحمائية والوطنية تعيق قضيتهما. ليس فقط هذه السياسات لها آثار سلبية مباشرة؛ كما أنها تصرف الانتباه عن السياسات الأكثر فعالية التي تناقش مباشرة المشكلة المطروحة. على نقيضي السياسة، لقد حان الوقت للسياسيين التوقف عن تشويه الغرباء والتركيز بدلاً من ذلك على السياسات التي تحل في الواقع المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الكثير من الأميركيين.

*أستاذة علوم الاقتصاد في كلية ريد ومؤلفة كتاب (الحالة التقدمية للتجارة الحرة والهجرة ورأس المال العالمي.)

رابط المقال الأصلي هنا

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]