السقوط الحاد لأسعار النفط الأمريكي، كشف عن انهيار قطاع النفط الصخري، أو ما وصفته دوائر مالية واقتصادية، بالضربة القاضية التي يتعرض لها قطاع النفط الصخري الأمريكي، وأن الأزمة تتخطى اشكاليات العرض والطلب المرتبطة بأزمة وباء كورونا «كوفيد ـ 19» لتطرح مسألة «قابلية النفط المستخرج من الغاز الصخري على الاستمرار» بحسب الباحثة الفرنسية، ايلسا كونيسا، التي تؤكد أن الأزمة الحالية كشفت «الهشاشة البنيوية» لقطاع النفط الصخري الأمريكي بسبب ما يستدعيه من تجهيزات بالغة الكلفة لاستخراجه.
القصر المصنوع من ورق
انهيار أسعار النفط الأمريكي، وبحسب صحيفة «ليراسيون» الفرنسية، كشف عن انهيار «القصر المصنوع من ورق»، وتقصد النفط الصخري الأمريكي، وقد لفتت الصحيفة إلى أن تدني الطلب على النفط جراء جائحة كورونا جعل الخزانات تطفح بالذهب الأسود إلى حد جعل سعر ايجار ما بقي من خزانات فارغة يفوق المئة وخمسين ألف دولار في اليوم الواحد، بعد أن كان لا يتعد الأربعة آلاف دولار.. ويشير خبراء أسواق النفط، إلى أن العالم يدفع اليوم ثمن فاتورة لعبة المضاربات على أسواق النفط المستخرج من الغاز الصخري.
نهاية قاسية لثورة النفط الصخري
وحول الضربة القاضية التي يتعرض لها قطاع النفط الصخري الأمريكي، يرى الباحث الروسي، سيرغي مانوكوف، أن «نهاية سريعة وقاسية لثورة النفط الصخري»، بسبب وباء فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، مما أدى إلى تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار الخمس، وفي المرحلة الأولى، قد ينخفض الإنتاج بمقدار 1.75 مليون برميل يوميا، وقد ينخفض عدد الآبار الجديدة، وفقا لخبراء IHS Markit، بنسبة 90% تقريبا، بحلول نهاية العام الجاري.
ويقول «بلومبرغ» ليس من المستغرب أن تحدث نهاية سريعة وقاسية لثورة النفط الصخري، بعد أن قام الفيروس التاجي بمجزرة دامية بحق قطاع النفط، فمنتجو النفط يغلقون الآبار ويوقفون كل ثالث حفار، ويتوقفون عن التكرير، ويسرّحون 51000 عامل، ويخفضون رواتب البقية، ومن يوم لآخر، بالتأكيد، ستبدأ موجة من حالات الإفلاس، وفرصة أن يتغير الوضع بسرعة نحو الأفضل، ضئيلة جدا، حيث يبحث تجار النفط بشكل محموم عن أماكن لتخزين نفطهم، فالخزانات إما ممتلئة أو محجوزة للتعبئة بالكامل في الأيام والأسابيع القادمة.
- التقليل من إغراق أسواق النفط، سيستغرق شهورا، ولا نهاية مرئية لجائحة الفيروس التاجي، التي تلعب دوراً هاماً للغاية في الأحداث الجارية، فقد أوقفت الاقتصاد العالمي عمليا، ما أدى إلى انهيار الطلب على النفط وزيادة المخزون في الأسواق.
توقعات بتوقف الانتاج تماما في بعض حقول النفط الصخري
ووفقا للمحلل نوي باريت في IHS Markit ، فإن إنتاج النفط الأمريكي سينخفض، بحلول نهاية هذا العام، إلى 10.1 مليون برميل يوميا من 12.8 مليون برميل في بداية العام 2020. ويرجّح في 2021-2022 أن ينخفض أكثر، إلى حوالي 8.5 مليون برميل في اليوم، وأن يتوقف الانتاج تماما في بعض حقول النفط الصخري.
وقال باريت: «ستكون هناك حاجة إلى رأس مال جديد لإعادة بناء (هذه الصناعة)، ولكن في المستقبل القريب سيكون احتمال العثور على المال مساويا للصفر».
نقطة الأزمة
وتعتقد أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة كيمبردج، هيلين تومسون، بأن مصدر المشكلة سيكون في الولايات المتحدة.. وتقول إنه يمكن لشركات النفط المثقلة بالديون في الولايات المتحدة أن تتخلف عن السداد، ما يخاطر بمزيد من عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي.
وتضيف «هيلين»،عندما يرغب كثير من المنتجين في بيع الكثير من النفط ، فإنهم يخوضون سباقا مدمرا على كل المستويات. وعندما يصل هذا السعر إلى نقطة الأزمة ، فمن مصلحة الدول المنتجة التعاون لتقييد العرض لدفع الأسعار إلى الارتفاع.