النيل في خطر.. لماذا لجأت مصر لمجلس الأمن الدولي؟

يرى دبلوماسيون وخبراء القانون الدولي، أن توجه مصر إلى مجلس الأمن الدولي مجددا، هو خطوة ضرورية ومهمة لوضع الجماعة الدولية أمام مسؤولياتها لحماية القانون الدولي والاتفاقات الدولية، وكبح جماح  النهج الإثيوبي والذي يتشح بعديد الخروقات، وإلا سيضحي العدوان على القانون الدولي مرحب به، وسيصير امتهان مبادئه وقواعده القاعدة العامة المجردة المطلقة.

ويشير السفير عبد الفتاح راغب، إلى أن مصر تمتلك «خيارات أخرى» في مواجهة التعنت والصلف الإثيوبي، وتستطيع الدفاع عن كافة حقوقها التاريخية بوسائل ردع قوية، ولكنها ارتأت أن تلجأ لمجلس الأمن حتى يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، وأوضحت مصر في مذكرتها لمجلس الأمن الدولي، أن المواقف العدوانية للسياسات الإثيوبية، لا تقوض العلاقات الدولية لدول شرق نهر النيل فقط، بل تتسع لتقويض العلاقات الدولية برمتها التي تتأسس على القانون الدولي.

أسئلة مشروعة وحاكمة.. لماذا لجأت مصر لمجلس الأمن؟

ويرى أستاذ القانون الدولي العام، دكتور أيمن سلامة، أن هناك أسئلة مشروعة وحاكمة في الوقت ذاته ترتبط بالتحرك المصري الأخير إلى مجلس الأمن: هل ثمة تنسيق مع  الإدارة الأمريكية التي لا تزال ترعى، وتراقب، المفاوضات مع  إثيوبيا؟ هل هناك اعتبارات، وحسابات، وتطورات دولية، وإقليمية جديدة  أخذتها  الدولة المصرية في  حسبانها؟ هل صحيح كما يزعم البعض أن  ذلك التحرك يعد إبراء ذمة من  الحكومة  المصرية أمام المجتمع الدولي؟

ويضيف أستاذ القانون الدولي العام، إن مصر قد  طمحت من خلال تنبيهها  لمجلس الأمن لمنظمة الأمم  المتحدة في  الأول من مايو/ آيار 2020 بالتطورات الخطيرة في مسيرة المفاوضات الماراثونية مع إثيوبيا، استثارة اهتمام وقلق المجتمع الدولي بشكل عام، حتى يقوم المجلس بأية  جهود توفيقية، لا تخرج عن توصية إثيوبيا ببذل العناية والجدية اللازمة لإبرام  الاتفاق النهائي لتشغيل سد النهضة.. وقد مضى على التنبيه المصري لمجلس الأمن ما يناهز 45 يوما ، ولم يحرك  التنبيه  المصري ، الماء الآسن.

توصيات.. أو قرارات بموجب  الفصل السابع من ميثاق  الأمم المتحدة

ولا جرم أن مجلس الأمن لا يرتهن أو يتقيد بالتوصيف، والتسبيب المقدمين إليه رسميا من أطراف  النزاع، ولكن بتكييفه  الاستئثاري حول النزاعات التي من شأن استمرارها تهديد السلم والأمن  الدوليين، أو  الطائفة الأخرى من النزاعات التي تهدد بالفعل السلم والأمن الدوليين ، وفي الحالة الأولي بكافة ما يصدره مجلس  الأمن من مقررات هي على سبيل التوصيات غير الإلزامية تجاه أطراف النزاع، ولكن في الحالة الثانية يصدر المجلس قرارات بموجب  الفصل السابع من ميثاق  الأمم المتحدة، وهنا تصير هذه القرارات ملزمة لكافة  أعضاء منظمة  الأمم  المتحدة.

المجلس وحده  يقرر«تكييف» أن ما وقع يهدد  السلم و الأمن الدوليين

ويقول أستاذ القانون الدولي، إن مجلس الأمن هو الجهاز الأقوى في  منظمة الأمم  المتحدة، ويمثل  «قبة » ألية الأمن الجماعي  للمنظمة ، وهو الهيئة  السياسية الأمنية التنفيذية في شأن «تكييف» إن وقع ما يهدد السلم والأمن الدوليين، ولا ينازعه في ذلك التكييف أي  جهاز أو فرع، أو هيئة أخرى  من  منظمة الأمم المتحدة، ويعتبر المجلس تقييمه في هذا  الشأن  مطلقا، فهو تقييم سياسي. فالمجلس يستطيع إضفاء وصف تهديد  السلم الدولي على الإضرابات الداخلية في الدول، ويتجاهل أعمال عسكرية تقوم بها دول في دولة أجنبية دون رضاها، وحرية التقييم هنا كاذبة وتنتج  في معظم  الظروف بسبب عجز المجلس لاستخدام الفيتو بواسطة أحد  الدول  الدائمة العضوية.

القوة  الإلزامية للمعاهدات الدولية

ومصر تدرك جدوى  التحرك  مرة ثانية داخل مجلس الأمن الدولي، وتدرك أن القوة  الإلزامية للمعاهدات الدولية تجد أساسها في قاعدة سابقة  في وجودها على إرادات الدول، وفي القانون الطبيعي قبل القانون الدولي ذاته ، فإلزامية المعاهدات الدولية – التي ما فتئت لإثيوبيا تتنصل منها – تجمع في خصائصها بين القاعدة القانونية و  القاعدة الأخلاقية وهي ترجمة للضرورة الاجتماعية اللازمة  للحياة الدولية . معاهدات الدولية  في  ضوء أحكام  القضاء  الدولي.

إن البنيان التعاهدي الدولي، كما يقول دكتور أيمن سلامة، يضم معاهدات  دولية أبرمتها دول متساوية، يتربع على مضامينها مبدأ جد مهم، وهو :” يجب احترام ما اتفق عليه ” ، وهو ترجمة حرفية دقيقة للمبدأ  الأبرز في  مجال المعاهدات  الدولية :  «المتعاقد عبد تعاقده ».

الوقت لم يعد  في صالح مصر

والخطوة  المصرية لا ينقصها وجاهة في  ظل «جائحة» سد النهضة، فالوقت لم يعد في صالح مصر – دولة المصب – بعد تواتر التصريحات بل التأكيدات الإثيوبية بمضيها في إنهاء  تشييد السد وملئه خلال أشهر الصيف القادم، وأن أية مطالبات أو تهديدات خارجية لن تفت في عزيمة إثيوبيا، حيث اعتبرت الأخيرة أن  سد  النهضة يمثل حياة  ونماء الدولة والشعب الإثيوبيين.

لقد دفعت إثيوبيا بدفوع غريبة لا تمت بصلة لقانون، ولا تؤسس للبنة واحدة في جسور التعاون والتآخي مع دول الجوار، فقد زعمت بحقها المطلق في بناء السد، والانتفاع الكلي بمياه النيل الأزرق، دون اعتبار للقيود القانونية التي تحد بل تمنع التعسف في استخدام الحقوق سواء للأفراد أو الدول.

ويؤكد خبير القانون الدولي العام، أن الدفوع الإثيوبية الخطيرة ، تهدد النظام العام الدولي ذاته ، وتحيق خطرا بالمعاهدات الدولية التي وصفها ميثاق منظمة الأمم المتحدة بجوهر القانون الدولي ،و ألزم الدول بضرورة تنفيذ هذه المعاهدات الدولية وبحسن نية .

إن المزاعم الإثيوبية بالسيادة المطلقة على النيل الأزرق ، أسدلت عليها ستائر النسيان الأحكام القضائية العديدة للمحاكم الدولية والوطنية ، حين قضت في عبارات قاطعة مانعة ، بأن مبدأ ” السيادة المطلقة على الأنهار الدولية ” – الذي تتشبث به إثيوبيا – قد ولى وانقضى ، وأصبح في حكم الأساطير الغابرة .

خيارات وتحركات مفتوحة أمام مصر بعد مجلس الأمن

وماذا بعد مجلس الأمن الدولي؟ يؤكد مساعد وزير الخارجية المصري  للتخطيط السياسي السابق، ومندوب مصر المناوب لدى الأمم المتحدة الأسبق، دكتور محمد نعمان جلال،  للغد، أنه إزاء خروج إثيوبيا على نصوص ميثاق الأمم المتحدة بحل النزاعات بالطرق السلمية، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، كان على مصر أن تطلب عقد اجتماع قمة عاجل لمجلس الأمن الدولي المنوط به حفظ السلم والأمن الدوليين.

  • وأوضح السفير جلال، أن أمام مصر خيارات ومنافذ أخرى، بأن تطلب عقد اجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة لمحاسبة إثيوبيا وقادتها لخروجها على مبادئ المنظمة الدولية، التي تنص بأن تكون الدولة العضو مستقلة ومسالمة وتعمل من أجل السلام وتحترم قواعده، ويمكن أن تتم الدعوة لعقد الاجتماع في إطار قرار الأمم المتحدة «من أجل السلام»
  • وثانيا.. مصر عضو في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، ويمكنها اللجوء إليها، وإذا رفضت إثيوبيا ذلك فيمكن محاسبتها أيضا لخروجها على القانون الدولي وخاصة قانون البحار وقانون الأنهار، وخروجها على حقوق الدول الأخرى والاتفاقات الدولية.
  • وثالثا.. فإن إثيوبيا عضو في الاتحاد الأفريقي، ومحكمة العدل الأفريقية، وأمام مصر أن تدعو لعقد اجتماع قمة أفريقية لمحاسبة إثيوبيا على مثل هذا التهديد لحياة الشعب المصري، وعلى مصر أيضا أن تطالب بنقل مقر الاتحاد الأفريقي من إثيوبيا «الدولة المارقة» التي تخرق ميثاق الاتحاد الأفريقي، وأن يقدم حكامها لمحكمة العدل الأفريقية في ضوء انتهاكهم نصوص الميثاق الأفريقي والخروج على قوانين حقوق الإنسان وأولها الحق في حياة كريمة، والحق في المياه، وهي حقوق أقرتها البشرية عبر السنين، ومواثيق حقوق الإنسان المعتمدة من الأمم المتحدة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]