اليمين المتطرف في المقدمة.. «تحالفات الشر» في دولة الاحتلال
كشف التنافس الساخن بين تحالفات الشر في دولة الاحتلال، عن ثوابت المواقف المتشددة المتطرقة من عملية السلام، والدولة الفلسطينية، وتمدد المستعمرات (المستوطنات).. وبات واضحا داخل المشهد السياسي، أنه لا يوجد موقف مؤثر لأحزاب اليسار فى إسرائيل، ولا تنافس بين اليمين واليسار، بل رؤية واحدة لسياسة واحدة، واتفاق على قراءة نيتانياهو للمخاطر التى تواجه إسرائيل بداية من الخطر النووى لإيران، والوجود الإيرانى فى سوريا، وحماس فى غزة، وحزب الله فى لبنان.. وفي هذا الإطارالعام بدت «تحالفات الشر» تخيم على المشهد السياسي، وترسم أبرز خطوط خريطة المواجهة مع الدولة الفلسطينية، وإيران، وحزب الله، وسوريا ، مع اقتراب ساعة الفصل فى الانتخابات البرلمانية (الكنيست) الـ21 ، في التاسع من شهر إبريل/ نيسان المقبل، وظهرت على الساحة تحالفات جديدة، تراهن على دعم المستوطنات والمستوطنين، ورفض إقامة الدولة الفلسطينية، وتثبيت دعائم دولة الهوية اليهودية، والانسلاخ من دائرة عملية السلام.
- و«تحالفات الشر» تستند إلى الخريطة السكانية لإسرائيل التي يقطنها 8،9 مليون نسمة، ويشكل عدد اليهود المتطرفين والمتدينين 58% مقابل 42% من العلمانيين، ونحو 20% من العرب، مما يفسر نزعة المرشحين إلى التطرف فى تصريحاتهم بهدف السيطرة على استطلاعات الرأى لتوجيه الرأى العام الإسرائيلى قبل انتخابات الكنيست.
اليمين المتطرف يتجه للسيطرة على الكنيست
وفي قراءة أولية للمشهد السياسي داخل إسرائيل، فإن اليمين المتطرف يتجه للسيطرة على الكنيست المقبل… ومن الواضح أيضا، أن إعلان المدعى العام الإسرائيلى نيته توجيه اتهامات فساد لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم تؤثر كثيرا على موقفه من استطلاعات الرأي، مستثمرا ما تحقق في عهده من اعتراف أمريكي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إليها، وتمرير قانون يهودية الدولة، وزيارات مسؤولين إسرائيليين لدول عربية خليجية، وتطبيع العلاقات مع دول إسلامية مثل تشاد وغيرها، وقد بادر بمغازلة كتلته الانتخابية الأهم: «المستوطنين» ، وتعهد بعدم إخلاء أو تفكيك أى مستوطنة يهودية من المستوطنات غير الشرعية التى تضخمت تحت رئاسته للحكومة. ويتفاخر بصداقته للرئيسين الأمريكى ترامب والروسى فلاديمير بوتين.
صفقة توحيد أحزاب اليمين المتطرف
زعيم الليكود «نتنياهو»، سعى بقوة إلى تشكيل تحالف يضمن له تشكيل الحكومة الإسرائيلية للمرة الخامسة، وعقد صفقة لتوحيد أحزاب اليمين المتطرف: «البيت اليهودي»، و«عظمة يهودية» الإرهابى، إلى جانب حزبى «شاس» الدينى، و«يهوديت هتوراة»، و«اليمين الجديد»، و«اتحاد أحزاب اليمين»، و«كلنا».ز وهو ما يعبر عن «تحالف الشر»، يتصدره حزب «عظمة يهودية» بزعامة ميخائيل بن آرى وإيتمار بن غفير وباروخ مارزيل زعيم المستوطنين فى مدينة الخليل وجنوب الضفة الغربية المحتلة ، ويؤكد أنصاره أنهم أحفاد الحاخام مائير كاهانا، الذى أسس منظمة «كاخ» الصهيونية اليمينية المتطرفة، والتى صنفتها إسرائيل نفسها كحركة إرهابية عام 1994، إلى جانب حظره من قبل أمريكا وعدد من الدول الأوروبية، على الرغم من أن كاهان ظل يوجه سمومه ضد العرب والمسلمين حتى لحظة اغتياله، واستندت أفكار المنظمة إلى ضرورة طرد العرب من فلسطين وتأسيس دولة دينية لليهود.
- وأثار تحالف نيتانياهو مع «عظمة يهودية» عاصفة من الجدل سواء فى الداخل أو الخارج، فأحزاب المعارضة تقدمت بطعون لرفض ترشح الحزب، كما أدانت لجنة العلاقات الخارجية الأمريكية الإسرائيلية «إيباك»، تشجيع نيتانياهو للإرهاب اليهودي.. وفي النهاية انتصرت لجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية لهؤلاء العنصريين، وأقرت ترشيحهم فى الانتخابات، فى انتصار جديد لنيتانياهو.
تحالف الجنرالات..«أزرق ـ أبيض»
ومن جهة أخرى، التقت مصالح كل من رئيس الأركان الأسبق، ورئيس حزب «الحصانة لإسرائيل»، بينى جانتس، ورئيس حزب «هناك مستقبل»، يائير لابيد، وحزب «تيلم» برئاسة موشيه يعالون، في تشكيل تحالف الجنرالات ، تحت اسم «أزرق ـ أبيض»، وعقدا صفقة سياسية تركز على توزيع ٣٠ مقعدًا فى القائمة على نحو يعطى «الحصانة لإسرائيل» برئاسة جانتس ١٢ مقعدًا، ويحصل لابيد على ١٣، بينما نصيب حزب «تيلم» برئاسة موشيه يعالون ٤ مقاعد فقط، والمكان الأخير يذهب إلى رئيس أركان الجيش الأسبق، جابى إشكنازي.
كفة صقور اليمين المتطرف..الأكثر ثقلا !
ومع انتشار التقارير حول احتمالات لجوء نتياهو إلى تشكيل ما قد يسمى «حكومة وحدة» مع تحالف «أزرق أبيض»، رفض نيتانياهو هذا السيناريو واستشاط غضبا رافضا المبدأ من أساسه.. ويشير محللون ومراقبون إلى أن معسكر «أزرق ـ أبيض» يواجه صعوبات مستمرة أمام التيار اليمينى المتطرف نتيجة الانقسام السياسى الذى يعانى منه دائما فى الجولات السابقة، فى حين أن كفة صقور اليمين لاتزال محتفظة بثقلها ووزنها لدى رجل الشارع فى تل أبيب لاعتبارات خاصة بالانتصارات الخارجية والتوسع فى الشرق الأوسط، حتى ولو كان صاحب هذه الإنجازات «ليس فوق مستوى الشبهات».. وتوقعت استطلاعات رأي أن يتأهل حزب الليكود لتشكيل ائتلاف حاكم من الأحزاب اليمينية والدينية مماثل للذي يرأسه نتنياهو حاليا.
تراجع أحزاب اليسار الإسرائيلي
والملاحظة السياسية الجديره بالمتابعة داخل دولة الاحتلال، ان أحزاب اليسار الإسرائيلي، التى سبق وأن توحدت تحت اسم «التحالف الصهيوني»، تشهد انقسامات كبيرة رغم فوزها بـ24 مقعدا فى الانتخابات السابقة.. وقبل شهرين تقريبا ، فى يناير/ كانون الثاني 2019، انتهى التحالف بين حزب العمل، برئاسة آفى جباى، و حزب الحركة، بقيادة تسيبى ليفنى وزيرة الخارجية السابقة وتراجعت شعبية الحزبين بشكل كبير، ولم يتمكن «جباى» من إيجاد حليف آخر لخوض انتخابات الكنيست المقبلة، أما ليفني، فأعلنت اعتزالها الحياة السياسية، وبالنسبة لأحزاب اليسار التى انهارت شعبيتها بعنف هذا العام، فإنه من المتوقع أن تتجه كتلتها التصويتيه لصالح تحالف يسار الوسط «أزرق أبيض»، أو ربما ينجح ذلك التحالف فى ضمها إليه إذا نجحت فى الفوز ببعض المقاعد.
تغيرات واسعة فى الخريطة الحزبية
ما يحدث الآن داخل المشهد الإسرائيلى من «حرب تحالفات» بين الأحزاب السياسية ، يشير إلى أن معركة الانتخابات البرلمانية هذا العام تشهد تغيرات واسعة فى الخريطة الحزبية بظهور أحزاب جديدة وانشقاق أخرىن.. ومن بينها:
- حزب «كلنا».. حزب يمينى بقيادة وزير المالية السابق موشيه كحلون الذى انشق عن الائتلاف الحاكم في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضى بعد خلافات متكررة مع رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو. ورغم فوزه بعشرة مقاعد فى انتخابات 2015 إلا أنه من غير المرجح أن يحتفظ كحلون بنفس قوته الانتخابية خاصة بعد الانتقادات التى طالت أدائه الاقتصادى عندما كان وزيرا للمالية.
- حزب «اليمين الجديد».. حزب يمينى جديد أسسه كل من وزير التعليم السابق نفتالى بينيت ووزيرة العدل السابقة إيلات شاكيد بعد انشقاق السياسيين البارزين عن حزب «البيت اليهودي» الشريك فى الائتلاف الحاكم.ويمثل الحزب تحالفا بين المتدينين المتشددين و العلمانيين اليمينيين، وهو الحزب الوحيد ضمن أحزاب اليمين المستقلة الذى يحظى بقاعدة تصويتية جيدة وفقا لاستطلاعات الرأى.
- حزب «الجسر»..حزب يمينى جديد برئاسة السياسية أورلى ليفى أبكسيس التى انشقت عن حزب «إسرائيل بيتنا».وتضع ليفى العمل الاجتماعى على رأس أولويات حزبها الجديد ة.
- حزب «زيهوت» أو « الهوية»..حزب يمينى برئاسة موشيه فيجلين، عضو الكنيست السابق الذى انشق عن حزب الليكود الحاكم عام 2015 .ويخوض الحزب انتخابات الكنيست لأول مرة.. وفيجلين مؤسس حركة الاحتجاج على اتفاقية أوسلو، وهو أحد أبرز معارضى فكرة الدولة الفلسطينية.
- حزب «إسرائيل بيتنا»، وهو حزب يمينى متطرف بزعامة وزير الدفاع الإسرائيلى السابق أفيجدور ليبرمان، وهو حزب يجمع أغلبية المهاجرين الروس فى إسرائيل، وخرج الحزب عن الائتلاف الحاكم أواخر العام الماضى بعد استقالة رئيسه ليبرمان من وزارة الدفاع بسبب وقف الحرب على غزة، مما تسبب فى أزمة دفعت الحكومة إلى إعلان الانتخابات المبكرة.
- حزب «البيت اليهودى» ـ «الصهيونية الدينية»..شهد الحزب اليمنى المحسوب على المستوطنين شهد هزة سياسية كبرى بعد انشقاق زعيم الحزب نفاتلى بينيت عنه وانشقاق الشخصية النسائية الأبرز فى الحزب مع بينت، لكى يقيمان بيتا سياسيا جديدا… كان الحزب حصل فى الآنتخابات الأخيرة على 8 مقاعد، وتسلم حقيبة التربية والتعليم وحقيبة العدل. لكن الوضع بالنسبة للحزب أو ما تبقى منه سيكون مختلفا تماما.
- حزب «يهدوت هتورا» ـ -حزب اليهود الأوروبيين.. حزب دينى يرأسه الحاخام يعقوب ليتسمان، وينهى الحزب الذى فاز فى الآنتخابات الأخيرة بـ 6 مقاعد الولاية الحالية فى الكنيست وهو يعانى من انقسام جرّاء موقف زعيم الحزب من قانون «تجنيد الشباب المتدينين»، ويضم الحزب فئتين من الحريديم: التيار «الحسيدى» والتيار اللتوانى.
- حزب «شاس» ـ حزب اليهود الشرقيين.. حزب دينى متطرف يتزعمه آريه درعى، وتتنبأ الاستطلاعات بتراجع فى عدد المقاعد للحزب الدينى الذى فاز فى الآنتخابات الأخيرة بـ7 مقاعد..وزعيم الحزب، آريه درعى، يخضع للتحقيقات فى تهم فساد ويُعتقد أن تورط مجددا بالتحايل على سلطات الضريبة..يذكر أن شعبية «درعى» ما زالت قوية فى القدس المحتلة والدليل على ذلك فوز المرشح الذى دعمه برئاسة بلدية القدس.
وإذا تمكنت أحزاب اليمين من دخول الكنيست فإنها بلاشك سترجح كفة نيتانياهو، خاصة وأن قادة كل هذه الاحزاب أعلنوا أنهم سيوصون باختيار نيتانياهو لرئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة رغم اتهامات الفساد التى تلاحقه.
وفي دائرة الصراع على تشكيل الحكومة الجديدة، ومنافسة نتنياهو، برز حزبان جديدان برئاسة الجنرالات:
- حزب «الحصانة لإسرائيل».. الحزب أقيم حديثا ويترأسه الجنرال بينى جانتس، رئيس الأركان الإسرائيلى فى السابق، واستطلاعات الرأى تتنبأ بفوزه بعدد مقاعد كبير فى الآنتخابات القريبة، يشير محللون إلى أن جانتس لا ينتمى إلى اليسار أو اليمين وإنما الوسط السياسى، بدليل أنه ينوى إقامة ائتلاف مع يائير لبيد.
- حزب «تيليم».. حزب أقيم حديثا ويدور حول شخصية عسكرية مرموقة، حيث يترأسه موشيه يعلون، رئيس الأركان ووزير الدفاع فى السابق…وكان يعلون قد انشق عن حزب الليكود.
القائمة العربية المشتركة.. «كتلة النواب العرب»
ولا يزال السؤال قائما داخل الدوائر الحزبية: هل تستمر الشراكة بين الأحزاب العربية والتي تواجه خلافات داخلية، ولها 13 مقعدا في الكنيست تحت زعامة النائب أيمن عودة ؟ وفى حال نجحت القائمة فى الحفاظ على الوحدة بين مركباتها العلمانية «الجبهة» والدينية «الحركة الإسلامية» سيكون هدفها السياسى الفوز بـ 15 مقعدا فى الآنتخابات المقبلة، لتشكل «درعا واقيا» للأقلية العربية فى إسرائيل.