اليمين المتطرف والشيخوخة يهددان مستقبل ألمانيا
الانتخابات الأخيرة، التي جرت في برلين بألمانيا، وتقدم فيها الحزب اليميني المتطرف البديل من أجل ألمانيا، حيث تحصل على 14,2% من أصوات الناخبين، وفي أول مشاركة له في هذه الانتخابات، النتائج جاءت على خلفية قبول ألمانيا استقبال المهاجرين ولقد استقبلت لوحدها حولي 850 ألف مهاجر السنة الحالية، أغلبهم من دول منطقة الشرق الأوسط، ولكن ليس هذا السبب الوحيد الذي ساهم في صعود اليمين المتطرف على حساب حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكذلك الحزب الثاني في التحالف الحاكم في ألمانيا.
حقيقة الأمر أن ألمانيا تعيش أكبر أزمة سكان منذ خروجها من الحرب العالمية الثانية، وحتى إذا فاز اليمين المتطرف فلن يستطيع حلها، لأنها تتناقض مع مبادئه، وعليه جلب المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي رغما عنه وعن مبادئه العنصرية ونفس الوضع تعيشه بلدان أوروبية أخرى يكون فيها اليمين المتطرف العنصري في ورطة اقتصادية لا يعرف كيف يواجهها كراهية للأجانب والحاجة الاقتصادية الماسة لهم للبقاء على قيد الحياة.
أزمة فولكسفاجن الأخيرة وتأخر إنجاز مطار برلين الدولي الجديد لأكثر من عشر سنوات حللها الكثير من المراقبين للشأن الاقتصادي الألماني على أنها أزمة شيخوخة لدى المهندسين في هذا البلد، وهو في حاجة ماسة إلى جلب 30 ألف مهندس لتعويض الكبار في السن والذين لم يعد لهم من الإبداع ما يكفي لإنتاج ما تحتاجه ألمانيا كمحرك ديزل جديد صديق للبيئة.
الأرقام المنشورة مؤخرا حول تطور الهيكل السكاني تؤكد بأن جلب المهاجرين لألمانيا لا يخضع في أي حال من الأحوال لعاطفة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بل للحاجة الاقتصادية لهذا البلد الذي تبلغ نسبة الشباب فيه 12,7% فقط، بينما نسبة من تجاوزت أعمارهم 65 سنة فأنها تزيد عن 22% من عدد سكان ألمانيا الأرقام أكبر دليل على حاجة ألمانيا الماسة لجلب المهاجرين الذين تريد اختيارهم على أسس الحاجة الاقتصادية وكل الأطفال مرحبا بهم طبعا.
الإحصائيات تقدر عجر ألمانيا من اليد العاملة سيصل في سنة 2050 إلى 15 مليون مواطن يجب جلبهم من خارج المجال الأوروبي جغرافيا، لأن بلدان شرق أوروبا وروسيا لها نفس المشاكل وتعرف أيضا عجزا في نسب الولادات.
المراقبون للشأن الألماني متشائمون ويعتبرون أن معادلة ظاهرة الشيخوخة التي تعاني منها ألمانيا لن تستطيع حلها ومواجهتها وفي حالة صعود اليمين المتطرف، فإن الأمور ستتعقد أكثر وسيساهم في تعميق الأزمة لا غير وعدم قدرة الألمانية على حل أزمة تجديد الأجيال سيضعفها اقتصاديا على المستوى الأوروبي والعالمي، وما يعقد الأمور أكثر فإن دولا أخرى تعاني هي الأخرى من أزمة الشيخوخة، وعليها أن تجلب بدورها الملايين من المهاجرين، المنافسة أذن شديد على جلب المهاجرين القادرين على العمل و العطاء العلمي والإبداع.
أزمة جلب المهاجرين أدت بالسلطات الألمانية إلى طرح مسألة التأخير في سن التقاعد إلى 69 سنة، وأصبح الموضوع يتداول علنا في اجتماعات وزيراء مالية منطقة اليورو لإيجاد الحلول له.
