انتخابات الشارع «المنقسم على نفسه».. الجزائر أمام اختيار صعب ومرحلة مفصلية

وسط مقاطعة نشطة وانقسام الشارع ـ لأول مرة في تاريخ الجزائر ـ تجرى الانتخابات الرئاسية، بعد تأجيلها لمرتين، ويختار الجزائريون (24.4 مليون ناخب)، اليوم ثامن رئيس للجمهورية، في انتخابات رئاسية ليست كغيرها، فهي تأتي بعد نحو عشرة أشهر من حراك شعبي، أتى على الكثير من رؤوس النظام السابق، ولا يزال يطالب بالمزيد.. ويبقى الرهان في هذه الانتخابات، حول نسبة المشاركة، وبدرجة أقل من يفوز فيها.

 

• «رئاسيات في أجواء مشحونة»، بحسب تعبير الدوائر السياسية في الجزائر العاصمة، التي ترصد المناخ العام للمشهد الانتخابي حول أكثر من 60 ألف مكتب اقتراع، وهي المرة الأولى التي تجري فيها انتخابات رئاسية تحت إشراف كامل للهيئة المستقلة للانتخابات، يرأسها وزير العدل السابق محمد شرفي.

 

توقعات بمشاركة متواضعة

ومع غياب استطلاعات الرأي في الجزائر، من الصعب توقع عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم، في بلد عُرف تقليدياً بتدني نسب المشاركة، إلا أن غالبية المراقبين يتوقعون مشاركة متواضعة، بينما تربط الدوائر السياسية بين نسبة التصويت في مراكز الاقتراع في القنصليات الجزائرية في الخارج، وبين نسبة المشاركة في الداخل، وكانت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، سجلت نسبة مشاركة بلغت نحو 30 بالمائة على مستوى أفراد الجالية الوطنية بالخارج.. وحتى ظهر اليوم الخميس تتراوح نسبة المشاركة بين 25 ـ و35 % حسب تقديرات السلطات الجزائرية المتابعة لسير عملية الاقتراع.

 

موعد لتجاوز الحالة الدستورية الراهنة

وتعول السلطات الجزائرية على هذه الانتخابات باعتبارها موعدا حاسما من أجل تجاوز الحالة الدستورية الراهنة، لكونها زادت على الثلاثة أشهر، التي يحددها الدستور كمدة لبقاء رئيس الدولة في منصب الرئيس، بحيث وصلت إلى أزيد من سبعة أشهر.. وبينما يتجاذب استحقاق اليوم، تياران: الأول يدعو للمشاركة فيها بقوة بداعي الحفاظ على الحياة الدستورية للدولة، خوفا من أي انزلاق قد يؤدي إلى فتح المجال أمام التدخل الخارجي.. فيما يعارض التيار الآخر إجراء الانتخابات الرئاسية في الظرف الراهن، بحجة أن الظروف غير متوفرة.

 

• وهكذا ..تحولت الانتخابات الرئاسية إلى وقود لمعركة بين الداعين إلى تنظيمها في موعدها، والمشاركة بفاعلية في التصويت .. وبين المطالبين بتأجيلها، وعدم المشاركة في الاقتراع اليوم.

 

المترشحون ليسوا «أرانب» لتزيين السباق

وكان من المفترض أن تنتظم هذه الانتخابات في الثامن عشر من إبريل/نيسان الماضي، غير أن تمسك الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، بمنصبه وهو على كرسي متحرك، دفع بالملايين من الجزائريين إلى الشارع..وبسبب الظروف التي مرت بها البلاد، تم تأخير الموعد إلى الرابع من يوليو/ تموز الماضي، قبل أن تتأخر مرة أخرى إلى اليوم، لكن هذه المرة تبدو الأمور مغايرة، فالتحضيرات اكتملت من كل النواحي، ولم يبق غير تعاطي الناخبين مع هذا الاستحقاق، الذي سبقته مناظرة تاريخية بين المرشحين الخمسة.

 

• ويتسابق خمسة مترشحين في موعد اليوم: علي بن فليس وعبد المجيد تبون، وهما رئيسا حكومة سابقين في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، ووزيرا الثقافة والسياحة السابقين، عز الدين ميهوبي، عبد القادر بن قرينة على التوالي، بالإضافة إلى عبد العزيز بلعيد، رئيس جبهة المستقبل.. وعلى عكس الانتخابات الرئاسية السابقة، يدخل المتنافسون هذه المرة وهم على مسافة واحدة من السلطة، فيما كان ينظر إلى المرشحين المنافسين للرئيس السابق بوتفليقة، على أنهم مجرد «أرانب» لتزيين السباق، وعلى مدى الولايات الثلات السابقة، على الأقل، بحسب تعبير الدوائر السياسية في الجزائر.

دور مشبوه للتيارات الإسلامية

وعلى وقع الانتخابات الرئاسيّة المثيرة للجدل، شهدت بعض المدن الجزائريّة، اليوم الخميس، مناوشات بين قوات الأمن ومتظاهرين رافضين لهذه الانتخابات، وهذه الأجواء المشحونة أدّت إلى إغلاق عدد من مكاتب الاقتراع، ويرى الباحث الجزائري، دكتور بسام بوسالم، إن زخم الحراك الاحتجاجي لم يتوقف منذ أن بدأ في 22 فبراير / شباط ، ولا يزال معارضاً بشدة للانتخابات، ويطالبون أكثر من أي وقت مضى بإسقاط «النظام» الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عام 1962 ..ولكن من الواضح أن هناك دورا مشبوها للتيارات الإسلامية وراء حركة الرفض للانتخابات، ويمكن أن نرى تلك الملامح لهم وهو يتسيدون التظاهرات بالذقون والحجاب، وهي مشاهد معروفة، وهم الذين يصرخون بصوت واحد «لا انتخابات!»، بينما الغالبية الصامتة من الشعب الجزائري تريد مرحلة استقرار تنتقل خلالها إلى المستقبل.

 

• ويقول مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة «فيريسك مابلكروفت الاستشارية»، أنطوني سكينر: لا يمكن لأي من المرشحين الخمسة التأمل في أن يُعتبر (رئيسا) شرعياً من جانب المحتجين، وستتمّ مقاطعة التصويت على نطاق واسع، ولا يمكن لأي من المرشحين الخمسة التأمل في أن يُعتبر رئيسا شرعياً!!

 

المؤسسة العسكرية حمت الجزائر من الإخوان في العام 1988

ويرى محللون وسياسيون، أن الانتخابات تعد امتحانا للمؤسسة العسكرية التي استجابت للمطالب الشعبية ولكن من دون ان تستجيب لها، وهي التي تخلّصت من بوتفليقة والمجموعة الفاسدة المحيطة به التي كانت تحكم الجزائر من العام 2013 لدى إصابة الرئيس الجزائري بجلطة دماغية جعلت منه رجلا مقعدا عاجزا عن التحدث الى شعبه، بحسب تحليل المفكر والباحث اللبناني، خير الله خير الله، موضحا أن هناك دائما خيارات محدّدة للمؤسسة العسكرية الجزائرية التي تريد بوضوح رئيسا جديدا ينتمي الى طبقة سياسية معروفة. مثل هذا الرئيس، الذي يعرف حدود سلطته، سيكون أفضل واجهة مدنية لها.. ويقول خير الله: إنه في كلّ المراحل التي مرّت فيها الجزائر منذ الاستقلال في العام 1962، اعتبرت المؤسسة العسكرية نفسها وصيّة على البلد.

 

لا شكّ ان للمؤسسة العسكرية ايجابيات كثيرة، بما في ذلك منع الجزائر من التفكّك في أثناء ما يسمّى «سنوات الجمر» بين 1998 و1998. كانت تلك السنوات سنوات حرب أهلية بدأت بانتفاضة شعبية على حكم الشاذلي بن جديد في خريف 1988 ما لبثت أن تحوّلت إلى عصيان تقوده عصابات تنتمي الى مجموعات دينية متطرّفة رفعت رايات الإسلام، في حين انّها لا تعرف شيئا عن حقيقة الدين الحنيف وتعاليمه. على العكس من ذلك كانت هذه الجماعات التي ولدت من رحم الإخوان المسلمين مجرد مجموعات إرهابية أرادت وضع يدها على مؤسسات الدولة. وقفت المؤسسة العسكرية حاجزا في وجه الإرهاب وحمت الجمهورية الجزائرية التي عادت الاوضاع فيها الى شبه طبيعية بعد انتخاب بوتفليقة رئيسا في 1999.

 

«اختيار صعب» و«مرحلة مفصلية»

سينتخب الجزائريون رئيسا جديدا، اليوم الخميس، .. ولكن هل ذلك يكفي ليدخل البلد عهدا جديدا مختلفا؟ لا شكّ ان المؤسسة العسكرية ما زالت ضمانة للاستقرار، لكنّ هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير..هناك بلد في حاجة إلى إصلاحات في العمق، إصلاحات تأخذ في الاعتبار طموحات الشباب الجزائري من جهة والحاجة الى التخلّص من عقد كثيرة، وإن في الإمكان العيش الى ما لا نهاية من مدخول النفط والغاز، هناك التحديات القديمة – الجديدة في الوقت ذاته، والتي عمرها من عمر الاستقلال.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]