بعد مداولات علقت الجلسة لمدة ساعتين قبل أن تعود للاجتماع ، قررت محكمة العدل العليا الفلسطينية، اليوم الإثنين، استكمال إجراء انتخابات الهيئات والمجالس المحلية في الضفة الغربية، وتعليق إجرائها في قطاع غزة، لحين إصدار قرار من مجلس الوزراء لتحديد إجرائها في غزة “لعدم قانونية المحاكم في القطاع”.
إجراء الانتخابات بالضفة يوم السبت المقبل، الثامن من الشهر الجاري، وتعليقها بغزة، أثار ردود فعل واسعة داخل الضفة وقطاع غزة، في ظل أجواء لا تسمح بإجراء الانتخابات، وملبدة بسحب كثيفة من التوترات والمشاحنات السياسية، وحالة من الاكتئاب الشعبي الفلسطيني، جراء ممارسات سلطات الإحتلال على الأرض، والصراع والعداء بين سلطة غزة والسلطة الفلسطينية دون مراعاة لمصالح الشعب الفلسطيني.
وكانت المحكمة أوقفت العمل بالانتخابات، وأجلت النظر فيها إلى اليوم؛ لمنح النيابة العامة فترة للرد على الطعن الذي تقدم به المحامي نائل الحوح ضد قرار مجلس الوزراء ووزارة الحكم المحلي ولجنة الانتخابات المركزية؛ بسبب عدم إجرائها في مدينة القدس وضواحيها، والاعتراضات المقدمة على المرشحين أمام القضاء في قطاع غزة.. وقال المحامي نائل الحوح، الذي رفع القضية مطالباً بتأجيل الانتخابات، إن ما ذهبت له المحكمة هو أنها قررت تكليف مجلس الوزراء بما تمتلكه من سلطة بموجب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية بالاستمرار في العملية الانتخابية في الضفة الغربية، وبخصوص قطاع غزة قررت تكليف الحكومة باتخاذ كافة الاجراءات التي تضمن إجرائها هناك، شريطة أن تكون” البيئة صحية” كما تضمنه قرار المحكمة.
قرار المحكمة العليا الفلسطينية، يحمل جانبا سياسيا ملموسا، ويعمل على تعميق الإنقسام داخل البيت الفلسطيني الواحد، بحسب تعبير موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مؤكدا أن إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية المحتلة دون قطاع غزة، تقسيما مرفوضا للوطن، وأن القرار تسييس للقضاء، وتقسيم مرفوض للوطن، ودعا “الكل الفلسطيني” إلى رفضه.
وكانت حركة حماس أعلنت اليوم ،رفضها قرار المحكمة، واعتبرته قرارا مسيسا يكرس الانقسام، ووصفت القرار بـ “التفرد والعبث الانتخابي”، وأكدت أنها سيكون لها قراراتها التي تحول دون استمرار ذلك..ومن جانبه أكد سامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، أن القرار يمثل دليلا على بطلان ادعاءات فتح بشأن المصالحة، وأن كل تصريحاتها بهذا الشأن نوع من التضليل السياسي للتغطية على مواقفها السياسية الهابطة ولهثها وراء المصالحة مع الاحتلال والتي عكستها تعزية محمود عباس بالمجرمين القتلة من قادة الاحتلال.
وكشف أبو زهري، عن طرح فتح لصفقة تقضي بتنازل حركة حماس عن دعم قائمة خانيونس، فيما تتنازل فتح عن قائمتها في طولكرم، على أن تجمد المحكمة العليا قراراتها التي تقضي بوقف الانتخابات.
وعارض الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الستار قاسم ، فكرة إجراء الانتخابات المحلية في الوقت الحالي، مرجعًا ذلك إلى وجود حالة فراغ سياسي وغياب للشرعيات في النظام السياسي الفلسطيني .. وقال قاسم: إن التشريعات غائبة فالرئيس انتهت ولايته والتشريعي كذلك، وكان الأهم والأجدر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومن ثم التفرغ للانتخابات المحلية.
ولم يستبعد قاسم قيام السلطة وحركة فتح بتأجيل الانتخابات في ظل خسارتها الحتمية التي يتوقعها الجميع..وأضاف: في ضوء التطورات الأخيرة والحديث عن وجود تحالفات، تنوي حركة فتح عقدها مع قوائم كفاءات في الضفة الغربية ولا سيما في المدن الكبيرة، هو بمثابة الفرصة الأخيرة للهروب من فشل مدوٍ، يمكن أن يكتب لها فيما لو قررت خوض انتخابات بقوائم خاصة بها، ولذلك أعتقد أننا سنشهد تطورات حتى في الوقت الأخير ما قبل إجراء الانتخابات.
وأوضح الكاتب والمحخلل السياسي الأردني، محمد كعوش، في تصريحات لـ«الغد»، أن هذه الانتخابات ستعقد في أجواء مليئة بالأحداث السياسية سواء كانت المحلية أو الدولية، مشحونةً بملفات ساخنة لم تحل بعد رغم جلسات المصالحة العديدة التي عقدت بين “فتح وحماس”، بمشاركة فصائل أخرى، ما يفتح المجال للتساؤلات حول إمكانية إجرائها في ظل هذا الوضع السياسي، ويكفي المجتمع الفلسطيني مزيدا من أسباب الانقسام!.
ومن جانبه أوضح وزير الحكم المحلي الفلسطيني حسين الأعرج، أن هذه الانتخابات مهنية وليست ذات طابع سياسي، والهدف منها إعادة ضخ دماء جديدة في المجالس البلدية والقروية، مؤكدًا وجود قائمة كاملة لكل البلديات التي ستجرى فيها الانتخابات
يذكر أنه منذ أحد عشر عاماً لم تُجرَ الانتخابات البلدية في قطاع غزة، تخللها حدوث انقسام داخلي، جراء أحداث 2007، أدت إلى توقف إجرائها، إلا أنها جرت لمرة واحدة عام 2012، شملت هيئات محلية في الضفة المحتلة فقط.. وكان مجلس الوزراء قد أعلن في 21 يونيو / حزيران الماضي، أن يوم 8 أكتوبر/تشرين أول المقبل، موعدا لإجراء انتخابات المجالس والهيئات المحلية، وتكليف لجنة الانتخابات المركزية بالبدء في إجراء كافة التحضيرات والترتيبات اللازمة، لتنظيم الانتخابات في موعدها.
