انتظرته 16 عاما.. الموت يغيب والدة أسير محرر بعد يوم من إطلاق سراحه
“طلعت غصبا عنهم وشفتك يما”، هكذا ودع الأسير الفلسطيني المحرر كامل الخطيب والدته التي توفيت على سرير المستشفى في مخيم بلاطة بنابلس بالضفة الغربية، بعد يوم واحد فقط من الإفراج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي قضى فيها 16 عاماً.
وفور الإفراح عنه من المعتقلات الإسرائيلية، توجه الأسير المحرر إلى قسم العناية المكثفة في أحد مشافي مخيم بلاطة للاجئين في نابلس للقاء والدته بعد غياب قسري استمر 16 عاما، ليجد والدته تنازع الموت قهرا وحزناً على فلذة كبدها الذي غيبته سجون الاحتلال.
يذكر أن الخطيب كان اعتقل عام 2004 وصدر بحقه حكم بالسجن 16 عاما على خلفية نشاطه في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة “فتح”.
يشار إلى أن الأسير الخطيب اعتقل خلال اشتباك مسلح وقع في مدينة نابلس، وكان يعمل سابقاً في جهاز البحرية الفلسطينية.
وكثير من الأسرى والمعتقلين فقدوا أمهاتهم أو آبائهم أو أحد أشقائهم و أقربائهم وهم داخل سجون الاحتلال، وبعضهم فقد الوالدين وبعض الأشقاء والأقارب خلال سنوات سجنه الطويلة دون أن يسمح لأي منهم أن يلقي النظرة الأخيرة على من يحتضر أو أن يضع قبلة الوداع الأخيرة على جبين من يحب ومن سيرحل إلى الأبد.
كما لم يسمح لهم بالمشاركة في تشييع الجثمان والجنازة والدفن، أو في بيوت العزاء ولو لساعات معدودة لاستقبال المعزين بعد الدف، هذه هي الصورة المؤلمة التي تشكل حكاية مؤلمة لحالات كثيرة.
يقول عبد الناصر فروانة، الأسير المحرر، والباحث المختص بشؤون الأسرى، “بات حلم الأسرى خاصة ممن قضوا سنوات طويلة بالأسر وتقدم الوالدين بالسجن، أن يخرجوا ويكحلوا عيناهم برؤيتهم وأن يحضنوهم بلا أسلاك وبعيدا عن عيون السجان”، ويضيف”كثير من الأمهات اللواتي رددن اللهم امنحني الفرصة لأن أحتضن ابني محررا قبل أن أموت”.
ويتابع فروانة لموقع “الغد” “الأسير المحرر الخطيب كان محظوظا أكثر من غيره لكن ألم الموت ورحيل والدته أوجعه أضعاف ما أوجع الآخرين”.
وأردف فروانة “ما يؤلم أكثر أنه لم يفرح بحريته بقدر ما عانى وحزن على موتها ورحيلها في اليوم التالي، فقد ماتت الفرحة بموتها.. معاناة قل مثيلها وقصة محزنة ومؤلمة”.
ويقبع نحو 6 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال بينهم 250 طفلا و54 أسيرة و8 نواب وقرابة 450 معتقلا إداريا.
وشهد عام 2018 هجمة عنيفة على الأسرى الفلسطينيين داخل المعتقلات الإسرائيلية حيث شنت ماكينة القمع الاحتلالية حربا شرسة على الأسيرات والأسرى وعائلاتهم، من خلال سياسات ممنهجة تتمثل في، سياسة البطش والتنكيل واقتحام غرف الأسرى وأقسامهم، والاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي، والإهمال الطبي، واعتقال القاصرين والنواب والنساء والصحفيين، وفرض الغرامات العالية، والحرمان من المراسلات والزيارات، ونقل الأسرى وإبعادهم عن مكان سكنهم الأصلي، ومنع التعليم، وغيرها.
وشهد عام 2018 تغولا إسرائيليا أكبر في الانقضاض على حقوق الأسرى الفلسطينيين، وشهدت أروقة الكنيست الإسرائيلي سباقاً بين أعضائه المتطرفين على تقديم وإقرار قوانين عنصرية وتعسفية بحق الأسرى الفلسطينيين، تمثل أبرزها في: حسم رواتب الشهداء والأسرى، وإعدام الأسرى، ووقف تمويل العلاج للأسرى والمصابين، وطرد عائلات الأسرى وإبعادهم عن منطقة سكناهم، بالإضافة إلى تشريع قانون منع الإفراج المبكر عن الأسرى.
