باتريك كوبيرن: مكافحة الإرهاب «مدمرة وأكثر خطورة» من الإرهابيين أنفسهم !

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي البريطاني، باتريك كوبيرن، الحائز على العديد من الجوائز الدولية، أن مكافحة الإرهاب مدمرة أكثر منه، مستعينا بالتشبيه بهجوم فيروسات معينة الجسم البشري بشكل غير مباشر من خلال إثارة رد فعل مبالغ فيه من قبل جهاز المناعة، مما يؤدي إلى تدمير الجسم نفسه..وتجري العمليات الإرهابية الناجحة بالطريقة نفسها، إذ تثير رد فعل مضاد لا يتناسب مع الهجوم الأصلي، فيصيب الضرر الحقيقي الهدف الذي ضربه الهجوم.

حملة مكافحة الإرهاب ألحقت الضرر بالولايات المتحدة

ويضيف «باتريك كوبيرن»: على الرغم من أن اعتداءات 9/11 مدمرة في حد ذاتها، بكل تأكيد، فإن نجاحها الحقيقي تمثل في إثارة حملة مكافحة للإرهاب لا تزال مستمرة حتى الآن، وقد ألحقت الضرر بالولايات المتحدة على المستويات كافة، إذ تعرضت الولايات المتحدة كقوة عظمى للأذى لأنها فشلت في الفوز بالحروب في العراق وأفغانستان. وتضاءلت قيمتها كمجتمع متحضر لأنها لجأت إلى الترحيل السري (تسليم الأجانب المتهمين بالإرهاب سراً إلى دولة أخرى بهدف التحقيق معهم بطرق غير قانونية في أمريكا)، والتعذيب والسجن من دون محاكمة. وكذلك بررت أعمالها غير القانونية من خلال الادعاء بأن تلك الوسائل لم تستخدم إلا في المساعدة على تحقيق السلامة للعامة.

جرّ أمريكا إلى خوض معركة في العالم الإسلامي

لم يظهر أسامة بن لادن مكراً شيطانياً من خلال نصب فخ للولايات المتحدة حين خطط ومساعدوه ضربات 9/11 ونفذوها. لقد أرادوا أن يجروا الولايات المتحدة إلى خوض معركة في العالم الإسلامي، وقد نجحوا في ذلك بشكل فاق أحلامهم الأكثر طموحاً.
طبقاً لهذا التحليل، اكتسبت كلمتا «إرهابي» و«إرهاب» معنى أكثر دقة، علماً أنهما امتلكتا ذات يوم معاني معينة، لكن جرى التقليل من قيمتها حتى باتتا كلمتين تستعملان لمجرد الإساءة. وهكذا، فإن من يعتبره شخص ما إرهابياً يكون في شكل علني، بالنسبة لشخص آخر، مقاتل من أجل الحرية، ولا يستطيع الإرهاب حقاً أن يولد تغيراً ثورياً إلا حين يتمكن من إخافة القوى التي يحاربها، أو يغريها كي تبالغ في الرد عليه.

قبل عشرين عاماً، لم تضم صفوف «القاعدة» سوى أقل من ألف ناشط في أفغانستان

وتابع «باتريك كوبيرن»: بحكم طبيعتها، تكون المجموعات التي تستعمل «الإرهاب» كسلاح أساسي لها، صغيرة ومحدودة الموارد في العادة. وحينما وقعت اعتداءات 9/11 قبل عشرين عاماً، لم تضم صفوف «القاعدة» التي صارت على الأرجح أشهر منظمة إرهابية عرفها التاريخ، سوى أقل من ألف ناشط في أفغانستان، وتلقت آنذاك دعم شبكة واسعة غير ثابتة من الأشخاص المتطرفين الموزعين في أنحاء العالم. ولقد تسبب تدمير البرجين في صدمة هائلة لأمريكا، لكن «القاعدة» لم تتمكن على الإطلاق من شن هجوم مشابه آخر.

الأغبياء السياسيون

مع ذلك، لا يقع في فخ مكافحة الإرهاب أولئك الأغبياء السياسيون وحدهم.. وحين بدأت الاضطرابات في إيرلندا الشمالية سنة 1968 بهدف التعبير عن مطالب الأقلية القومية/ الكاثوليكية في نيل حقوقها المدنية والاقتصادية، بيد أن الحكومات البريطانية والبروتستانت تعاملوا معها كأنها مطالب ثورية تشكل تهديداً للدولة نفسها. ودفعت أعمال متفرقة من التفجيرات وإطلاق النار، بالسلطات إلى ممارسة عقوبة جماعية ضد مجتمعات الأقليات. وتالياً، أدى القمع الذي مارسه الجيش البريطاني إلى الصعود السريع لـ «الجيش الجمهوري الإيرلندي المؤقت» الذي أصبح خبيراً في تحريض السلطات على نزع الشرعية عن نفسها من خلال استعمال العنف المفرط. واستطراداً، تضافرت الاعتقالات و«الأحد الدامي» في صنع أداة شجعت مزيداً من الناس على الالتحاق بالجيش الجمهوري الإيرلندي.
  • ثم أنشئ جهاز لمكافحة الإرهاب ادّعى على الدوام أنه يقف قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الانتصار النهائي. وعلى الرغم من ذلك، بقي ذلك الانتصار بعيد المنال.

نتائج معاكسة خلال العقدين الأخيرين

وقال الخبير البريطاني في مقال نشرته صحيفة الإندبندنت the Independent : بكلمات أخرى، تولى بايدن الإعلان عن استمرار «الحرب على الإرهاب» على الرغم من فشلها الذي أدى إلى نتائج معاكسة خلال العقدين الأخيرين. وسيكون ذلك عبارة عن أخبار طيبة بالنسبة لـ «داعش- ك»، وهي مجموعة صغيرة يتراوح عدد أعضائها بين 1500 و2000 مقاتلاً، وفق تقرير أصدرته الأمم المتحدة. وبذلك، باتت المجموعة معتبرة من بين اللاعبين الرئيسين بفعل هجوم واحد على مطاركابول الشهر الماضي «داعش  خراسان»، الأمر الذي سيساعدها في العثور على مزيد من المجندين وجمع المال بصفتها تضم المدافعين الحقيقيين عن الدين الإسلامي.
  • لقد شهدت الشيء نفسه يحدث قبل 20 سنة حين أطيح بحركة «طالبان» في 2001-2002، إذ لم تهزم بشكل حاسم في ميادين القتال، بل واجهت صعوبات لا يمكن تذليلها وخسرت الحرب. وربما لم تكن لتذكر على الإطلاق، لو لم تطالب المملكة المتحدة باستسلامها غير المشروط واستمرت في مهاجمتها.

حملة مكافحة الإرهاب تهديداً للاستقرار أشد خطورة من المجموعات الإرهابية

واستطراداً، يتمثل الدرس الذي يمكن استخلاصه من الحرب على الإرهاب في أن الحركات الإرهابية كـ «القاعدة» أو «داعش » في العراق وسوريا يمكن التغلب عليهما بمجرد أن تصبح رؤيتهم ممكنة ـ  بمعنى أن يكونوا بارزين عالمياً ـ في المقابل، تثمل حملة مكافحة الإرهاب تهديداً للاستقرار يعتبر أشد خطورة بكثير من المجموعات الإرهابية، لأن الحكومات والجيوش وأجهزة الأمن تستفيد من وجود تلك الحركات، ولا تريد إنهاء وجودها فعلاً، إذ تساعد المجموعات الإرهابية في إقناع الناس بأن الدولة مهددة من قبل قوى ظلامية لا تستطيع رؤيتها، ولا يمكن مكافحتها إلا من خلال التعذيب والاعتقال التعسفي من دون محاكمة، ومصادرة الحقوق المشروعة والحريات المدنية.
  • ومع ذلك، بمعنى أوسع، سيكون لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابول، تأثير كبير في إظهار قدرة الإسلام السني الأصولي على الصمود وإلحاق هزيمة بالأعداء الأقوياء. لقد هزمت الحملة الأكثر استدامة تاريخياً في مكافحة الإرهاب، خلافاً لكل التوقعات. وسيتردد صدى هذه الرسالة في المجتمعات الإسلامية جميعها عالمياً.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]