كتب ناثال بار، مستشار رفيع لدى “فالينس غلوبال”، مؤسسة خاصة تركز على التصدي للتهديدات التي تمثلها تنظيمات إرهابية، عن الخطر الذي يمثله داعش في أوروبا، في ضوء الهجمات المتكررة التي ينفذها في دول أوروبية عدة.
والباحث مؤلف كتاب سيصدر قريباً بعنوان “المعركة المقبلة ضد العدو البعيد: تاريخ ونشوء الحملات الجهادية ضد الغرب”. وهو يحاول معرفة ما يكمن وراء عدة هجمات إرهابية نفذها داعش مؤخراً في أكثر من مكان في أوروبا (برشلونة ومانشستر لندن، وبرلين وفرنسا)، متسائلاً عما إذا كان للتنظيم هدف ثانٍ باستثناء رغبته في ترويع سكان أوروبا وتقسيم الدول الأوروبية، وهل هناك استراتيجية تقود عملياته الخارجية.
ويحصل بار من مصدر غير متوقع، هو عبارة عن وثائق خاصة بالقاعدة، خصم ومنافس داعش، على إجابة وافية لأسئلته، مشيراً إلى وثائق يعود تاريخها إلى 2009، عندما كان القاعدة يجاهد لضرب الغرب، وقد حملت إحدى تلك الوثائق عنوان “عمليات مستقبلية”، وتضمنت اقتراحاً بتبني نموذج عملاتي جديد يسمح للقاعدة بتوسيع مساحة هجماتها عبر حملة من المكائد الصغيرة، وغير المعقدة. وأشارت الوثيقة إلى أن تنفيذ هجمات صغيرة يسمح للقاعدة بفرض ضغط متواصل على الغرب يؤدي لحرف أنظار الأجهزة الأمنية بعيداً عن عمليات معقدة أكبر كان التنظيم الإرهابي يعمل، في نفس الوقت، على الخطيط لها.
ويرى الباحث في مقال نشر في مجلة “فورين افيرز” أن القاعدة لم يتبن ذلك الاقتراح، إما لأنه عجز عن تنفيذه، آو لأنه تراجع عنه. ولكن يبدو أن داعش فضل هذه الاستراتيجية، داعماً هجمات بدائية في نفس الوقت الذي واصل فيه التخطيط لعمليات كبيرة، بنتائج كارثية لأوروبا.
في 2009 كان قسم العمليات الخارجية التابع للقاعدة يمر بمرحلة تدهور كبير، بعدما عجز التنظيم عن تنفيذ هجوم رئيسي في الغرب منذ تفجيرات لندن في 7 يوليو( تموز) 2005. فقد تمكنت حكومات غربية، خلال السنوات التي تلت تلك التفجيرات، من إحباط خطط عدة وضعها القاعدة، منها خطة كشفت في 2006 لتفجير ما يصل إلى عشر طائرات كانت في طريقها من أوروبا إلى الولايات المتحدة. وتملك الخوف بعض عملاء القاعدة فتوقفوا كلياً عن التخطيط لهجمات.
وبهدف تصحيح مسار القاعدة، يشير بار لقيام قائد بارز، يحتمل أن يكون الجهادي الموريتاني يونس الموريتاني، بوضع خطة جديدة للعمليات الخارجية. ووقعت الخطة التي حملت اسم “عمليات مستقبلية” في أيدي أجهزة أمنية ألمانية قامت بالبحث في بطاقة الذاكرة لمقصود لودين، أسترالي تدرب مع القاعدة في أفغانستان، وأوكلت له مهمة شن هجوم داخل ألمانيا، حيث ألقي القبض عليه في 2011.
يشير بار لكون وثيقة “هجمات مستقبلية” التي وضعها القاعدة، تقضي بإرسال مجندين أوروبيين ممن تلقوا تدريبات صغيرة في أفغانستان لشن عدة هجمات صغيرة في أوطانهم الأصلية. وكان الهدف من وراء تلك الخطة إلهاء أجهزة الأمن ونشر الفوضى في أكثر من دولة أوروبية، فيما يتم الإعداد لهجوم كبير. ويبدو أن داعش سرق الفكرة من القاعدة وأخذ في تنفيذها.
