لم يخف رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني خطوة إعلان استقلال الأكراد «قريبا» في إطار المخطط الغربي الجديد بإعادة تقسيم خريطة المنطقة العربية فيما يعرف بـ«سايكس بيكو» الجديدة، مؤكدا لصحيفة الجارديان البريطانية، أمس السبت، أن «إعلان الدولة الكردية بات الآن أقرب من أي وقت مضى»، مؤملا أن يكون ظهور هذه الدولة بمجرد إقدام القوى الدولية الكبرى على إعادة النظر في اتفاقية سايكس ـ بيكو التي رسمت الحدود في منطقة الشرق الأوسط في عشرينيات القرن الماضي.
النوايا الكردية، بالانفصال عن خريطة بلاد الرافدين، لم تعد مجرد “أحلام” تراود النخب السياسية في إقليم كردستان العراق، ولكنها انتقلت إلى مرحلة “الإعداد والترتيب” في انتظار التحرك الدولي الذي بدا يتقبل “بأن العراق وسوريا لن يعودا كدولة موحدة من جديد بسبب الاوضاع المضطربة على مدى العقد الماضي، ولا يمكن فرض التعايش الإلزامي بين المكونات بعد الآن” بحسب تعبير برزاني، والذي طالب “جميع زعماء دول العالم” إلى الاعتراف بفشل اتفاقية سايكس بيكو الحالية، وحثهم على التوصل الى اتفاق جديد تمهيدا لفتح الطريق لقيام الدولة الكردية.
ولأول مرة كان رئيس اقليم كردستان العراق، صريحا ومحددا في التوجه لإعلان “استقلال الدولة الكردية” قريبا، مستخدما تعبيرا يبرر خطة الانفصال عن العراق، بقوله إن “الدولة الكردية لم تعد كما الكعكة المحاطة بأسلاك ونحن غير قادرين على أن نمد أيدينا إليها، بل زالت تلك الأسلاك الآن، ولم يبق سوى أن نجلب صحنا وسكينا وشوكة لنقطع بها الكعكة”.
إعلان رئيس اقليم كردستان العراق، عقب عودته من زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، بأن قيام الدولة الكردية الجديدة، بات قريبا، كشف عن مساندة غربية لطموحات الأكراد الإنفصالية، بحسب تعبير المحلل السياسي المصري وأستاذ العلاقات الدولية، الدكتور سالم هدهود، وربما تطرقت مباحثاته في واشنطن لخطوة “الإستقلال” بإشارته الصريحة إلى التوجه الغربي بتطبيق ما يسمى بـ “سايكس ـ بيكو الجديدة”.
وقال الدكتور هدهود لـ«الغد»، إن العراق سوف يواجه حتما وقريبا تنفيذ مخطط التقسيم، والبداية بإقليم كرستان العراق، وقد بدا ذلك واضحا على لسان مسعود برزاني، بأن الدول الكبرى في الغرب تعرف بأن حقبة اتفاقية سايكس بيكو قد انتهت، سواء أعلنوا ذلك أم لا، فهذا هو الأمر الواقع على الأرض !
وأوضح المحلل السياسي المصري أن برزاني يدرك معارضة دول الجوار لدولة كردية مستقلة، ولذلك بادر في تصريحاته لصحيفة الجارديان البريطانية، بتوجه رسالة طمأنة لدول الجوار التي تعارض قيام أية دولة كردية في شمال العراق من شأنها أن تؤجج طموحات مماثلة خاصة في سوريا، وكذلك في تركيا التي تخوض حرب استنزاف ضد مقاتلي حزب العمال الكردي رفضا لتوجهاته الانفصالية، ومعارضة إيران أيضا وإن كانت بدرجة أقل، بعد أن نجحت في كبح جماح تطلعات الأقلية الكردية لديها للانفصال، وهو يرى وفقا لطموحاته بأن الخارطة السياسية في المنطقة لو ظلت على حالها فإنها ستؤدي الى تفكك ودمار أكثر في المنطقة، وفي إشارة تستعجل سايكس بيكو الجديدة.
وفي تعقيبه على تصريحات برزاني بأن إعلان الدولة الكردية الآن بات أقرب من أي وقت مضى، وأكد السياسي العراقي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة المستنصرية، الدكتور عبدالمجيد أبوصالح، لوكالة أنباء فارس الإيرانية، أن التوجه الكردي على مسار الإنفصال، كشف عنه قيام حكومة الإقليم من خلال ثلاث شركات امريكية وفرنسية وبريطانية بحفر خندق من مدينة ربيعة في الموصل وصولا الى قضاء خانقين في ديالى، وفي تحرك على الأرض لفصل الإقليم، وفرض أمر واقع واقامة حدود للدولة الكردية، وأضاف أبو صالح، أن التحدي الأكبر الآن أمام الحكومة العراقية، للحفاظ على وحدة التراب العراقي.
