بسام درويش يكتب: الهروب الى الأمام وخلق الأزمات

 

رغم تسارع وكثافة الأحداث التي تعصف بالمشهد الفلسطيني، سيما تلك التي تقوم بها القوى المتربصة بالمشروع الوطني إذ ترى الفرصة سانحة لإلحاق الأذى به تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية وفرض حل إقليمي يقفز عن الحقوق الفلسطينية، وذلك لوجود إدارة أمريكية تتبنى بالكامل رؤية اليمين العنصري الصهيوني وتعمل على تسويقها عربيا ودوليا.. وفي ظل عجز عربي متواطئ ثلمت أسلحته في جبهاته الداخلية المشتعلة، فبات يستجدي رضا الإدارة الامريكية عوض العمل على محاسبتها على إجراءاتها العدوانية ليس بحق الفلسطينيين فحسب بل بحق شعوب الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي كافة.. ورغم كل ذلك إلا أن الوضع الداخلي الفلسطيني مازال يحطب في واد غير الواد الذي يمكن ان ينتج سياسة قادرة على مواجهة المخاطر وحماية المشروع الوطني نتيجة انزلاقه أكثر نحو مستنقع الانقسام وتداعياته الضارة.

ان الأوضاع الداخلية تسير عكس المطلوب منها.. فعوض عن تمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية وتقاسم أعباء مواجهة صفقة القرن نجد أن طرفي الانقسام ينتهجان سياسة خلق الأزمات ومراكمتها من خلال اتباع سياسة الهروب الى الأمام والتشبث بمنطق “عنزة ولو طارت” حيث تغيب لدى الطرفين المراجعة النقدية لسياستهما التي قادت الى توفير البيئة الحاضنة للانقسام وشرعت الأبواب لتدخل قوى إقليمية ودولية لتغذيته واللعب على أوتاره.

فمثلا مازالت قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية تصر على إجراءاتها التي اتخذتها لمعاقبة حركة حماس في غزة، بما في ذلك وقف رواتب موظفيها في المحافظات الجنوبية رغم قرار المجلس الوطني في دورته الأخيرة بعدم شرعية هذه الإجراءات والدعوة الى التراجع عنها. وكذلك إعلان الرئيس أبو مازن في المجلس أن الرواتب ستصرف “غدا” وعزا التأخر في صرفها الى خلل فني ثم تتالت تصريحات الكثير من رموز السلطة بما في ذلك أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات التي تنسج على منوال الخلل الفني وقد حاول بعض المسؤولين تغيير الاسطوانة عندما أعاد سبب وقف الرواتب الى أزمة مالية عابرة لدى السلطة الفلسطينية، مؤكدا أنه سيتم تعويضهم عندما تتعافى السلطة من أزمتها المالية طبعا دون أن يكلف نفسه عناء شرح أسباب أن يتحمل موظفو غزة وحدهم عناء الأزمة المالية، والى جانب أزمة الرواتب هناك عشرات من الأزمات المفتعلة مثل الكهرباء والدواء والمعابر وغيرها مما شل الحياة الاقتصادية في قطاع غزة.

أما كيف ستؤثر هذه الإجراءات على حركة حماس فلم تقدم الجهة التي اتخذتها تصورا واضحا حول ذلك. فهل ستدفع هذه الإجراءات حركة حماس للاستجابة لمتطلبات المصالحة الفلسطينية والعمل على تمكين حكومة التوافق كما يأمل من اتخذها؟. وهو أمر مستبعد سيما اننا لا نتحرك بساحة خالية. فمع تعاظم أزمات قطاع غزة نشطت حركة دبلوماسية وسياسية لتدس السم بالعسل، فكثر الحديث عن المعالجات الإنسانية لمشكلات قطاع غزة.

لقد تعددت وتنوعت الجهات الداعية الى معالجة القضايا الإنسانية في قطاع غزة، وإن تقاطعت جميعها حول نقطة تغييب العامل السياسي واستمرار الاحتلال عن سبب هذه الأزمات. فهنا التقت جلسة العصف الذهني حول أزمة القطاع الإنسانية التي رعتها إدارة ترامب مع خطة إسرائيل للتأهيل الإنساني للقطاع، وفي مركزها بناء منشآت البنية التحتية في مجالات تحلية المياه والكهرباء والغاز ورفع مستوى المنطقة الصناعية في منطقة ايريز بيت حانون، بتكلفة اجمالية تقدر بمليار دولار يقوم المجتمع الدولي بتغذيتها أو دعوة يواف موردخاي منسق سلطة الاحتلال السابق بتنفيذ خطة “مارشال” في قطاع غزة بما في ذلك إقامة جزيرة اصطناعية وميناء ومن ثم مطار تحت الرقابة الإسرائيلية. ويتناغم مع هذا التوجه العديد من الأطراف والقوى الإقليمية والدولية. أما مفتاح تمرير هذه المشاريع فهي الهدنة الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى ما يبدو وجدت حماس بهذه الأفكار فرصة للتهرب من استحقاق المصالحة، فعوض الاستجابة لمتطلبات تمكين الحكومة فقد صرح خليل الحية عضو مكتبها السياسي أن هناك الكثير من الأفكار والمقترحات لحل أزمات القطاع الإنسانية، كما أبدى أكثر من مسؤول حمساوي استعداد الحركة لمحاورة الأمريكان.. فهل ستذهب حركة حماس الى أبعد من ذلك في تعاطيها مع أفكار “الحل الإنساني” أم هي مناورة سياسية لتجميع أوراقها وتقوية موقفها التفاوضي بشأن المصالحة؟.. بغض النظر عن طبيعة الجواب لأنه قد يكون مفاجئًا حتى لقيادة حماس وبنفس القدر لقيادة السلطة. سيما انهما ليسا وحدهما اللاعبين الأساسيين في هذا المجال، فثمة أطراف إقليمية لاعبة وتمتلك أدوات من شأنها التأثير على مجريات الأمور في حال استمرار الانقسام.

ومما يعطي هذه الأطراف زخما إضافيا في التأثير على مجريات الآمور انها دورها ينسجم مع خطة ترامب، والتي رأس جبل الجليد فيها هي التسوية الإقليمية. وسيكون المسار الإقليمي في اتجاهات تعاكس وتعاند المسار الفلسطيني وتعمل على تشتيته وتصفيته.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]