بسام درويش يكتب: دوران المصالحة في حلقة مفرغة.. و «صفقة القرن»

 

يبدو أن المصالحة الفلسطينية صارت الى حد كبير  تشبه حكاية “إبريق الزيت” الشعبية، فمن يتابع مجرياتها يلاحظ في فصولها تكرار الكلام واجترار المعاني، بينما تظل هي تدور في حلقة مفرغة. ففي الوقت الذي يصر فيه طرفا االانقسام / المصالحة (فتح وحماس) على أن المصالحة لديهما خيار استراتيجي ويذهبان الى أبعد من ذلك في تطميناتهما بالجزم أن لا نية لديهما للعودة الى الوراء أي الى مستنقع الإنقسام . واقع الحال يقول إنه لم يتم التقدم خطوة جوهرية واحدة باتجاه إنجاز المصالحة.

فمازالت حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله تطالب بتمكينها من العمل في قطاع غزة خاصة في ملفي الأمن والجباية كما تعمل في الضفة الفلسطينية، بينما تصر حركة حماس على أنها ذللت كل العقبات لتمكين الحكومة، غير أنها ترفض القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها تجاه القطاع. وبين “حانا ” حكومة الوفاق  و”مانا” حماس بات قطاع غزة على حافة الهاوية وتزداد أزماته سوءًا وتتعقد ملفاته أكثر وأكثر. وظلت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بدعم من الرئيس أبو مازن عقب تشكيل حماس لجنتها الإدارية سارية المفعول وترمي بظلالها الثقيلة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، بل زاد في طينتها بلة أن أصدر الرئيس مرسومًا يلغي مرسومًا سابقًا له بإعفاء سكان قطاع غزة من الضرائب. وغني عن القول أن إجراءات المناكفة  الداخلية بين الطرفين غطت على المحاصر الحقيقي لقطاع غزة، ألا وهو حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تفرض حصارًا جائرًا على القطاع منذ عام 2000.

مع كل يوم جديد يمر تزداد الهوة بين مستنقع الانقسام المقيت وتداعياته وبين متطلبات إنجاز المصالحة، وتصبح الأمور أكثر تعقيدًا، فالوضع اليوم أصعب مما كان عليه عام 2011 عندما تم التوصل لاتفاق المصالحة. وكذلك من إعلان الشاطيء في 2014 الذي تم بموجبه تشكيل حكومة الوفاق  الوطني. فسيفرض الواقع  معطيات ومعضلات جديدة بحاجة الى حل.

الأنكى والأشد ايلامًا في موضوع مراوحة المصالحة مكانها أن ذلك يتم في مرحلة سياسية مفصلية بالغة الخطورة، تشهد خلخلة للإقليم بوجود إدارة أمريكية أخرجت من جراب غلاة اليمين الإسرائيلي المتطرف أفكاره وتبنتها، فأدارت ضهرها لكل المرجعيات والمواثيق الدولية وبدأت بتنفيذ مشروعها التصفوي على الأرض، مستثمرة انشغال العمق العربي بهمومه ومشاكله الداخلية. فاتخذت إدارة ترامب مجموعة من الخطوات بالغة الخطورة، مست قضايا الحل النهائي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في محاولة لفرض الحل الإسرائيلي وشطبها من ملف المفاوضات.

ففي هذا السياق جاء قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها، ثم أعقبه بحجب دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأنوروا” وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. بل ذهب الى أبعد من ذلك، حيث أعطى ضوءًا أخضر لإسرائيل لتكثيف وتسريع النشاط الاستيطاني.. وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه تواصل مع الإدارة الامريكية بشأن ضم مستوطنات الضفة الى إسرئيل. صحيح أن ناطقًا أمريكيًا نفى هذا الخبر بعد إعلان نتنياهو له، لكن تصريحات ديفيد فريدمان السفير الأمريكي في إسرائيل التي وردت خلال اجتماع مغلق لرؤساء المنظات اليهودية ترجح أن ثمة تناغم أمريكي إسرائيلي غير مسبوق بشأن الاستيطان. حيث زعم فريدمان أن إخلاء المستوطنات في الضفة الغربية قد يؤدي الى حرب أهلية في إسرائيل.

وترجح التحليلات أن هذه الخطوات الأمريكية تمثل مقدمة لما يسمى بـ «صفقة القرن» التي يعتزم الرئيس ترامب طرحها، بل فرضها في الربيع المقبل، والتي على ما يبدو أخذ موافقة بعض العرب عليها. وهذه الصفقة حسب “غرينبلات” المبعوث الأمريكي لعملية السلام، تشمل الإقليم وأن الفلسطينيين أحد أطرافها لكنهم ليسوا الطرف المقرر فيها. أي باختصار نحن أمام مشروع يلتف على مرجعيات عملية السلام ويتجاهل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، بل ويعمل على شطبها.

لقد استشعر الفلسطينيون الخطر الكامن في هذه الصفقة وأعلنوا رفضهم لها. ولكن استمرار حالة الانقسام ينزع من الرفض الفلسطيني أهم أسلحته. ويفوت فرصة ترتيب البيت الفلسطيني وتعزيز جبهته الداخلية لمواجهة تحديات صفقة القرن. لصالح استمرار الانقسام وتداعياته الكارثيه مع ما يعنيه ذلك من تبديد الجهد الفلسطيني وحرف بوصلته. فغياب الموقف الفلسطيني الموحد قد يؤدي الى تمرير صفقة القرن بالقوة.

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]