بسام درويش يكتب: مسيرة العودة الكبرى.. استعادة المبادرة فلسطينيًا

 

يحق للفلسطينيين اعتبار الثلاثين من أذار 2018 علامة بارزة في تاريخهم المعاصر. ففي هذا اليوم انتصرت الإرادة الشعبية الفلسطينية على كل المعيقات والمناورات التي حاولت إشاعة اليأس والإحباط في صفوفهم للتشكيك بجدوى مشروعهم الوطني. فخروج عشرات الآلاف في قطاع غزة، من مختلف الشرائح والأعمار، في اليوم الأول لمسيرة العودة الكبرى حمل في طياته مضامين ودلائل عديدة، أهم تلك المضامين أنها أعادت تصويب البوصلة نحو العدو الإسرائيلي، كما أكدت على التفاف الفلسطينيين أينما تواجدوا حول أهدافهم الوطنية والدفاع عن أرضهم وتمسكهم بحق عودتهم الى قراهم ومدنهم التي شردوا منها عام 1948. فمثلت صفعة فلسطينية صارمة لصفقة القرن ولإجراءات إدارة ترامب لتمريرها، بما في ذلك تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

إن انخراط كافة القوى والفعاليات المجتمعية في مسيرة العودة، تحت راية العلم الفلسطيني وفي غياب ملحوظ  ومحمود لرايات الفصائل والقوى السياسية في ظل مناخات الانقسام وفي حمأة مسلسل التراشق الاعلامي المتبادل الذي اعقب محاولة تفجير موكب رئيس الوزراء الآثمة يثبت من جديد أن الانقسام طارئ وينبغي العمل على انهائه. لقد استطاعت المشاركة الشعبية الواسعة أن توقف ولو الى حين مسلسل التراشق الإعلامي، وأعادت الاعتبار للقضايا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها حق العودة، فهل يلتقط المعنيون هذه الرسالة ويعملون بصدق وشفافية وبعيدا عن الحسابات الضيقة من أجل طي صفحة الانقسام.

لقد انتصرت إرادة التحدي الفلسطينية بخروج الفلسطينيين في مسيرتهم السلمية رغم شراسة الهجمة الإسرائيلية لكبحها قبل أن تنطلق، فما أن أعلنت اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة عن البدء في التحشيد للمسيرة حتى انطلقت الماكينة الإعلامية للإسرائيليين في هجمة منظمة لإفشالها. سواء من خلال محاولة العزف على وتر الانقسام الفلسطيني حيث سوقت رواية أن حركة حماس هي من تنظم وتدير هذه المسيرة لأغراض تنظيمية خاصة بها، أو من خلال التلويح باستخدام القوة العسكرية الإسرائيلية، حتى وصل الأمر الى حد الاتصال بشركات الباصات لتحذيرهم من نقل المشاركين الى نقاط التجمع. وفي صباح الجمعة 30 اذار اخترقت هواتف المنظمين للمسيرة وبدأت ترسل رسائل تهدف ارباك خط سيرهم.

وبموازاة ذلك استنفرت حكومة الاحتلال قواتها ونشرت قناصتها على طول الحدود، وتلقوا تعليمات بإيقاع الأذى بالمتظاهرين السلميين الذين لم يحملوا سلاحا سوى حناجرهم وشعاراتهم الوطنية المتمسكة بحق عودتهم الى مدنهم وقراهم التي شردوا منها. فجاءت حصيلة اليوم الأول ثقيلة، حيث ارتقى 15 شهيدا ومئات الجرحى بالرصاص الحي ومئات أخرى باستنشاق الغازات. غير أن ذلك لم يثن المتظاهرين عن الاستمرار بفعاليتهم الكفاحية بل على العكس زادت اتساعا لتعم كل مدن الضفة الفلسطينية والشتات ومناطق ال 48.

وقد رد الفلسطينيون من خلال تحركهم الشعبي الواسع على كل محاولات كي وعيهم وحرف انظارهم عن المتسبب الحقيقي في أزمتهم، ألا وهو الاحتلال الذي شردهم عنأارضهم وحولهم الى لاجئين وفرض عليهم حصارا ظالما مصحوبا باعتداءات عسكرية متصاعدة. فأن تنطلق مسيرة العودة الكبرى في غزة ثم تلتحم معها الجماهير الفلسطينية في جميع مناطق تواجدها، أن تنطلق بعد مدة قصيرة على انعقاد اجتماع “العصف الذهني حول غزة ” في البيت الأبيض برعاية المبعوث الأمريكي الخاص للرئيس الأمريكي جيبسون غرينبلات والذي حاول أن ينزع الأبعاد السياسية عن الكوارث الاقتصادية التي تعصف بقطاع غزة، وأن يحمل حركة حماس مسؤولية الويلات التي يعاني منها القطاع. فجاء التحرك الشعبي الفلسطيني الواسع والسلمي ليعيد الأمور الى نصابها الحقيقي ويحمل الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه المسؤولية الكاملة عن المآسي والكوارث التي يعانيها الفلسطينيون. وأن الحل الحقيقي يبدأ عبر تصفية الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من تحقيق عودتهم الى مدنهم وقراهم التي شردوا منها.

ويسجل لمسيرة العودة أنها أعادت القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين على رأس سلم الاهتمامات العالمية، وفي المقابل كشفت دموية ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي وذلك رغم الفيتو الأمريكي والبريطاني على مشروع القرار الذي حاول إدانة جيش الاحتلال على سلوكه الإجرامي بحق المتظاهرين السلميين، فاتسعت رقعة الإدانات لجيش الاحتلال حتى داخل إسرائيل نفسها ظهرت كتابات لكتاب إسرائيليين تندد باستخدام الجيش القوة المفرطة لقمع المتظاهرين السلميين، وتطالب بوضع حد لأوامر اطلاق النار.

مما لا شك فيه أن توحد الفلسطينيين خلف أهدافهم الوطنية ونحتهم لخيارات المجابهة والدفاع عن حقوقهم كما تجلى ذلك في مسيرة العودة السلمية يعطي زخما للأشكال الشعبية للنضال الوطني، ويوسع من قاعدتها الجماهيرية مما يضفي طابعا ديمقراطيا على هذا الشكل الجماهيري للنضال، لأنه يكفل أوسع مشاركة جماهيرية في صناعة الحدث وتقريره.

إن بقاء الزخم الشعبي في مسيرة العودة وتوحد الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم في فعالياتها واستمرارها. سيمكن الفلسطينيين من استعادة زمام المبادرة وتثبتهم كرقم صعب يصعب تجاوزه أو شطبه في معادلة الصراع. فيصبح الفلسطينيون طرفا مؤثرا ومقررا في مستقبل قضيته. وستدفع أمثال غرينبلات للحس كلماته عن تجاوز الفلسطينيين واعتبارهم طرفا غير مقرر في مستقبل المنطقة. كما في نفس الوقت تتضمن رسالة واضحة للعديد من القوى الإقليمية المتهافتة للتطبيع مع الاحتلال فحواها أن لدى الفلسطينيين دائما القدرة على قلب الطاولة وخلط الأوراق لإعادة الأمور الى نصابها بأنهم وحدهم من سيقرر مصير قضيتهم رغم كل العراقيل والصعوبات .

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]