الاحتجاجات العاصفة في إسرائيل باتت تهدد مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعدما اتسعت دائرة الرفض المجتمعي للتعديلات القضائية التي اقترحتها حكومته، وما صاحبها من انقسامات داخلية.
فهذا الوضع السياسي الحرج لأكثر قادة إسرائيل مكوثا في السلطة، دفع صحيفة التايمز البريطانية للتساؤل: “ما القادم لبنيامين نتنياهو؟”.
وحين أجابت التايمز على التساؤل، قالت إن نتنياهو سيدفع ثمنا سياسيا باهظا، أيا كان ما سيقرره بشأن التعديلات القضائية، ففي حال المضي في خطته، فإنه سيتحمل مسؤولية إضعاف سلطات واستقلالية القضاء، وإغراق إسرائيل في فوضى أكبر، وفي حال العدول عن التشريع، فإن نتنياهو سيخسر شركاء في الحكومة والبرلمان، وربما يضطر للذهاب إلى انتخابات جديدة، مع تراجع في شعبيته بنسبة كبيرة.
أما صحيفة “هاآرتس” العبرية فترى أن تعامل نتنياهو مع الأزمة تضمن 3 أخطاء رئيسية أظهرت انفصاله عن الشارع الإسرائيل، الخطأ الأول هو اعتقاده بعدم الحاجة لخطة إعلامية تقدم للإسرائيليين الشرح المطلوب لمشروع التعديلات القضائية، والثاني هو اعتقاده أن الاحتجاجات مجرد حركة يقوم بها اليساريون، رغم اتساع دائرة المعارضين تدريجيا، أما الخطأ الثالث، فكان إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، و هو ما تعتبره “هاآرتس” مؤشرا على تجاهله التام لآراء قادة الأجهزة الأمنية.
ورغم تلك الأخطاء، يرى مراقبون أنه لا يمكن الجزم بانتهاء حقبة نتنياهو السياسية من عدمه، لكن انهيار مشروعه في إدخال تعديلات على النظام القضائي قد يكون خطوة على طريق الرحيل.
حول هذه المحاور دارت حلقة اليوم الثلاثاء من برنامج “مدار الغد”.
من الناصرة، قال الدكتور محمود يزبك، المحاضر في جامعة حيفا، إن نتنياهو معروف عنه أنه يوصف بثعلب السياسة الإسرائيلية، ولكن في هذه المرحلة هو ثعلب في المصيدة، السؤال الكبير المطروح هو كيف سيتصرف ليس نتنياهو وأحزاب الائتلاف الحكومي الذي يرأسه، ولكن كيف ستتصرف أحزاب المعارضة في هذه المفاوضات التي بدأت اليوم.
وأضاف: “من الواضح جدا أن نتنياهو حينما قرر ليلة أمس قبول الدخول في التفاوض وتجميد الخطة القضائية هو عمليا يسعى إلى تخفيف التوتر وإعطاء نفسه وإعطاء حكومته فرصة للرجوع إلى الخلف خطوة أو خطوتين ثم الانقضاض على الفريسة خلال الفترة المقبلة”، مشيرا إلى أن نتنياهو لا يمكنه التراجع ووصل إلى خط اللاعودة.
من مدينة كفر قرع، قال الدكتور جمال زحالقة، النائب السابق في الكنيست إن نتنياهو ارتكب أخطاء عدة منها أنه جاء بجملة من التعديلات القضائية دفعة واحدة وكل واحدة من هذه التعديلات أثارت جزءا من الجمهور الإسرائيلي كما أثارت عليه العالم.
وأضاف: “الآن هم يحاسبون أنفسهم ويقولون أنهم كان يجب أن يسيروا بوتيرة أبطأ وبالتقسيط وليس دفعة واحدة، الدفعة الواحدة فُسرت في الشارع الإسرائيلي على أنها ليست تعديلات وإنما انقلاب على نظام الحكم وتغيير شامل وجذري في نظام الحكم وانقضاض على الدولة العميقة”.
وتابع: “الذين خرجوا إلى الشوارع هم يدافعون عن امتيازاتهم وعن مكانتهم في المجتمع الإسرائيلي، ولهذا السبب نجد هذا الغضب، كلهم تقريبا من الطبقة الوسطى التي لها مكانة اقتصادية قوية جدا”.
من لندن قال محمد مشارقة، مدير مركز تقدم للسياسات إن الولايات المتحدة الآن مارست ضغوطا بدون أدنى شك ومبعوث الإدارة الأمريكية للشرق الأوسط موجود في تل أبيب، كما أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وجاك سوليفان والرئيس الأميركي جميعهم تحدثوا بوضوح حول ضرورة حل المشاكل بشكل ديمقراطي.
وأضافأن هناك انزعاجا أوروبيا غربيا من التطورات التي تحدث في إسرائيل ومخاوف من أن تتحول إلى نموذج ديكتاتوري بائس.
