شكل انفجار “مرفأ بيروت” في أغسطس/ آب الماضي تداعيات وصدمة في لبنان وخارجها، حيث بدأ المجتمع الدولي التحرك لإغاثة هذا البلد، لكنه لم ينجح في ذلك حتى اللحظة.
المبادرة الفرنسية
فبعد يومين فقط من الانفجار، حطت طائرة الرئيس الفرنسي في بيروت، ليقف بنفسه على حجم الكارثة، وبعدها مباشرة طرح ماكرون مبادرة فرنسية لحل الأزمة من 40 بندا ، تحديدا في سبتمبر/ أيلول 2020، لإنقاذ لبنان من ازمته و ذلك عقب موافقة القوى السياسية عليها، واشترطت المبادرة تشكيل حكومةمستقلة مؤقتة ، أولى مهامها التفاوض مع صندوق النقد الدولي والبدء في إجراء إلاصلاحات.
كما تضمنت النص صراحة على تغيير القيادات بناء على الكفاءة وليس المحاصصة أو الطائفية، بالإضافة إلى التزام لبنان بالحياد تجاه أي معارك خارج حدوده الجغرافية.
وكان من المقرر حسب الخطة أن تشكل حكومة لبنانية جديدة في غضون 3 أسابيع، وبالفعل تم تكليف مصطفى أديب بتشكيل هذه الحكومة في 31 أغسطس/آب 2020، لكن أديب واجه ضغوط كبيرة من القوى السياسية دفعته لاحقا إلى الاعتذار في السادس والعشرين من سبتمبر.
تكليف سعد الحريري
وفي الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي، جرى تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، إلا أن المناورات السياسية في البلاد أعادت الأوضاع إلى المربع صفر، إذ اعتذر الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعد 9 أشهر من محاولات التوافق على أسماء وزرائها، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى البدء في صياغة إطار قانوني لفرض عقوبات على زعماء لبنان.
وبدأت واشنطن وباريس في تكثيف تحركاتهما لحل الأزمة .. حيث عقدت سفيرتا البلدين في لبنان اجتماعات مع عدد من المسئولين في المملكة العربية السعودية، وأعلن وزير الخارجية الفرنسي أن باريس وواشنطن ستتحركان معا لتشكيل تحالف دولي للضغط على مسئولي لبنان، وعلى وقع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وأعلنت باريس استضافتها لمؤتمر دولي برعاية فرنسية لحشد المساعدات للبنان في الرابع من اغسطس المقبل.
عجز فرنسي
بداية، قال الكاتب الصحفي اللبناني، وليد أبي مرشد أن المؤتمر الاقتصادي المقترح لأسباب إنسانية هو نوع من أنواع العجز الفرنسي عن حل الأزمة في لبنان.
ويرى أبي مرشد خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” عبر شاشتنا أن هذه الأزمة ابتدعتها فرنسا كونها دولة الإنتداب التي فصلت الكيان اللبناني على مقاس القوى الداخلية والخارجية حينذاك عام 1920.
وأوضح أبي مرشد أن لبنان ليس دولة فاشلة ولكنه كيان جغرافي فاشل، ويجب إعادة النظر في تكوينه الجغرافي من الأساس، وهذا يقتضي عودة الإنتداب إلى لبنان ولكن هذه المرة عبر الأمم المتحدة وليس فرنسا وبريطانيا.
وردا على سؤال حول مفهوم الإنتداب الآن، ذكر أنه يجب أن يصدر قرارا دوليا يفرض حلا معقولا لأزمة القبائل اللبنانية المتعايشة مذهبيا على مضض أي إيجاد نظام جديد وتغيير في الخريطة اللبنانية والعودة لشكل من أشكال اللامركزية الموسعة.
نجيب ميقاتي
من جانبه قال عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل منير الحافي، إن لبنان على مفترق طرق، وينتظر حوالي 48 ساعة لكي تبدأ الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها الرئيس ميشال عون صباح الإثنين المقبل.
وأضاف الحافي أن الرئيس اللبناني سيلتقي رؤساء الحكومات السابقين وأولهم الرئيس المتوقع أن يكلف بتشكيل حكومة وهو نجيب ميقاتي وذلك بعد اعتذار سعد الحريري.
وأوضح الحافي أن هناك أزمة جديدة في لبنان تتمثل في شح المياه، وهو الأمر الذي سيضاف إلى الأزمات السابقة.
المجتمع الدولي متهم
بينما يرى أستاذ بالجامعة اللبنانية، الدكتور طارق عبود، أن الفرنسيين لم يعلنوا رسميا عن عقوبات على لبنان، ولكنهم يتحدثون حديثا عاما.
وأضاف عبود أن لبنان يواجه انهيار اقتصادي، ويتحمل مسؤوليته جزء كبير من الطبقة السياسية، موضحا أن المجتمع الدولي متهم في نظر اللبنانيين بالتواطؤ معهم.
كما أشار عبود إلى أن ضرورة فضح الأسماء التي هربت أموال اللبنانيين إلى الخارج، لينطلق لبنان إلى الإصلاح الحقيقي .
رهينة
وفي السياق ذاته، قال الخبير في العلاقات الدولية، جان بيار ميلالي، إن الأزمة اللبنانية كبيرة جدا، ولكن يمكن للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا أن يلعبان بدور كبير في إنقاذ البلاد.
وأوضح ميلالي أن المساعدات الدولية فقط لن تحل الأزمة اللبنانية لأن الأزمة داخلية، وهناك قوى كإيران مستعدة لأخذ لبنان كرهينة لصفقات أخرى مع دول أخرى كأمريكا.
وأكد ميلالي أن الأوضاع الحالية في لبنان معقدة جدا، ولا تدعو أبدا إلى التفاؤل.
