بإعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اليوم السبت، سيطرة قواته “بشكل كامل” على الحدود السورية العراقية، تنتهي الحرب تمامًا ضد تنظيم داعش الإرهابي في البلاد، بعد تحرير كافة الأراضي العراقية من براثن عصابات داعش التي سعت إلى محو الهوية العراقية، وبث الفوضى والذعر في نفوس مواطنيها.
ويعود نشأة تنظيم داعش الإرهابي في العراق إلى عام 2003، وتحديدا في سبتمر من عام ذاته، عندما قام أبو مصعب الزرقاوي بتأسيس ما عرف حينها بتنظيم “الجهاد والتوحيد”، ومع تعاقب الأحداث في العراق وسوريا، استطاع التنظيم تطوير نفسه من خلال مختلف المراحل، حيث تمكن من خلال احتلاله مساحات في كل من البلدين أن يكوّن قاعدة استراتيجية إرهابية في المنطقة.
وبحلول 2006 أعلن الزرقاوي، تأسيس “مجلس شورى المجاهدين” بغرض توحيد كافة الفصائل السنية المسلحة في العراق، إلا أنه قتل في نفس العام من قبل القوات الأمريكية، وحلّ مكانه “أبو عمر البغدادي”، الذي أعلن بدوره تغيير اسم “مجلس شورى المجاهدين”، ليكون “دولة العراق الإسلامية”، وحارب الفصائل العراقية السنية التي لم توالي التنظيم بعد توجيهه لها دعوة لمبايعة الكيان الجديد.
استمر التنظيم في زحفه وقتالة ضد القوات العراقية حتى نجح في السيطرة على ثاني أكبر مدن العراق، الموصل في 9 يوينو عام 2014، ثم مدن الفلوجة، وديالى، وتكريت مسقط رأس صدام حسين.
ورغم طائرات التحالف الغربي العربي على مواقعه، إلا إنها لم تنجح في القضاء عليه، لكنه زاد من رقعة الأراضي التي يسيطر عليها.
تنظيم داعش الذي يحتوي ضمن أركانه عناصر موالين لصدام حسين، ومقاتلين أجانب، يصنف أعداءه إلى صنفين، صنف يتكون من الدول الغربية، وجميع المكونات غير المسلمة في المنطقة، عسكريين كانوا أم مدنيين، والصنف الآخر هم المسلمون الذين لا يخلصون له بالولاء والطاعة، ويصفهم التنظيم “بالمتردين”.
خلال سنوات قتالة في العراق، حاول داعش ترهيب ومعاقبة أعدائه بأبشع الصور، بالتزامن مع تدمير المواقع الأثرية، والقضاء على المخزون الثقافي والحضاري للمنطقة، لم يفرق بين طفل أو امرأة أو صحفي في إعداماته، كما أنه دمر تماثيل وآثار تاريخية، بزعم أنها “شركيات”، ولاذ كثيرون في المنطقة إلى تركيا من التركمان والأكراد والإيزيديين، هربًا من إرهابه.
واتبع التنظيم نهجًا انتقاميًا متشددًا، باستهداف كل من ينتسب للجيش والشرطة العراقية، فضلًا عن قيامه بعمليات انتحارية تستهدف المدنيين في الأسواق، صدرت ردود أفعال ضد التنظيم، من قبل الفصائل الأخرى التي تقاتل قوات الولايات المتحدة فقط بصفتها “محتلة”.
واعتبر مراقبون، إن ما يميز التنظيم أنه لا يعمل بعقلية التنظيمات الأخرى التي تخوض فقط القتال والمعارك، بل يدير المناطق الواقعة تحت سيطرته بعقلية الدولة اذ يتولى مختلف شؤون ومناحي حياة مقاتليه والمواطنين الذين يعيشون في المناطق التي تخضع له من تعليم وقضاء وصحة وكهرباء، ما يشير إلى أنه يخطط لاقامة دولة بكل معنى كلمة.
والآن وبعد تحرير كافة أراضي العراق التي يسيطر عليها داعش، وانتهاء الحرب تمامًا، يبقى التنظيم قائم في سوريا، وسط مساعي دولية للقضاء عليه.
