شهدت المناطق الحدودية الباكستانية الإيرانية تصعيدًا مرتفعًا، اليوم الخميس، بعد أن أعلنت إسلام آباد تنفيذ ضربات ضد «ملاذات إرهابية» في محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية.
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن عدة صواريخ أصابت قرية في إقليم سيستان وبلوشستان المتاخم لباكستان، ما أسفر عن مقتل 9 على الأقل. ودافعت باكستان عن نفسها، عبر بيان صدر عن وزارة الخارجية، قالت فيه إن الهدف من العملية هو الدفاع عن أمن البلاد.
وجاء الهجوم الباكستاني بعد فترة وجيزة من استهداف طهران لتمركزات داخل الأراضي الباكستانية لمقر جماعة «جيش العدل» في وقت سابق هذا الأسبوع.
ومن ضمن الشعارات التي ترفعها جماعة العدل أنها تسعى للمساواة في إيران، وهي مناهضة للحكومة الإيرانية، وتنشط في إقليم سيستان وبلوشستان، إحدى المحافظات الإيرانية على الحدود مع باكستان وأفغانستان.
واستهدفت الهجمات المتبادلة يومي الثلاثاء والخميس بين البلدين جماعتين مسلحتين من البلوش، لهما أهداف انفصالية مماثلة على جانبي الحدود الإيرانية الباكستانية. ومع ذلك، اتهمت كلتا الدولتين الأخرى بتوفير ملاذ آمن للجماعات الموجودة على أراضيهما.
اشتعال الحدود
أفاد مراسل الغد أن الضربات الباكستانية كانت ضد مواقع لمسلحين في منطقة بلوشستان، وسط حديث يتردد عن وجود أطراف خارجية، تستخدم هذه الجماعات لإثارة البلبلة وخلق التوتر داخل إيران أو باكستان.
وبلوشستان هو إقليم يقع في جنوب غرب آسيا على طرف الهضبة الإيرانية، ويمتد بين كل من إيران وباكستان وأفغانستان، يسكنه نحو 11.5 مليون نسمة من قومية البلوش.
وأشار مراسل الغد إلى أن المنطقة تضم جماعات مسلحة من البلوش، يطلقون على أنفسهم أسماء مختلفة للحصول على حكم ذاتي.
وأوضح مراسل الغد أن الجماعات سببت حالة من عدم الاستقرار داخل باكستان في المناطق الحدودية. وأدى التوتر الذي يشهده إقليم بلوشستان، إلى خسائر اقتصادية لباكستان، كما يؤثر استمرار هذا التوتر في مستقبل الخط التجاري الصيني الباكستاني.
أسباب الهجمات
وفق الكاتب والمتخصص في العلاقات الدولية سعيد شاوردي، فإن باكستان دعمت واستضافت جماعات إرهابية لفترة طويلة قتلت آلافا من الإيرانيين في المناطق الحدودية، ولم تمارس ضغوطا على تلك الجماعات التي تنشط بداخلها، ما دفع طهران إلى التدخل.
وقال شاوردي في حديثه من طهران عبر شاشة الغد، إن باكستان تقول إنها غير قادرة على القضاء على هذه الجماعات النشطة على حدودها، وبعضها منظمات انبثقت من القاعدة، منها جند الله وجيش الحق، وتستهدفان الأمن الإيراني.
ومن جانبه، يرى الصحفي محمد الصراف أن إيران استهدفت نظيم جيش العدل، وصرحت بأنها وجهت الضربات إلى تنظيم إرهابي إيراني داخل الأراضي الباكستانية في سابقة لم تحدث من قبل.
وأوضح الصراف، في حديثه عبر شاشة الغد، أن جيش العدل الذي استهدفته طهران كان قد نفذ عملية اغتيال عقيد بالقوات المسلحة الإيرانية، وتبنت هذه الجماعة الهجوم.
وقال إن الجماعة كان لها مقرات داخل إيران، وعقب تنفيذ حكم الإعدام على زعيمها عبد الملك ريجي، انسحبت الجماعة إلى داخل الأراضي الباكستانية.
رد فعل باكستاني
تقول الباحثة السياسية لبنى فرح، إن ما فعلته باكستان كان بمنزلة رد فعل على الهجوم الإيراني الذي أسفر عن مقتل باكستانيين، مرجحة أن تتوتر الأجواء بين الجانبين بدرجة أكبر.
وأشارت فرح، في مداخلتها عبر شاشة الغد من إسلام آباد، إلى أن من بين الوقائع التي تزيد حالة التوتر أن إسلام آباد اكتشفت وجود جواسيس مؤخرًا كانوا من أصل هندي، حصلوا على تأشيرات مزورة من إيران وتسللوا إلى باكستان، وألقي القبض على هذه العناصر.
وأشارت إلى أن التوتر الحدودي ستكون آثاره بالغة السوء، وقد يؤدي إلى انقطاع العلاقات خلال السنوات المقبلة.
وكان الجيش الباكستاني قد أعلن، اليوم الخميس، أن قواته توخت كامل الحذر والحيطة وقت تنفيذ ضرباتها لتجنب وقوع أضرار جانبية وحث على «الحوار والتعاون» مع إيران لحل المشكلات بين «البلدين الشقيقين».
