بعد العراق وسوريا.. آثار ليبيا في مهب الريح
أصدر مجلس المتاحف العالمى ومنظمة اليونسكو قبل أيام قائمة بالآثار الليبية المعرضة للتهديد من قبل تنظيم داعش ومنها آثار تعود للحقبتين اليونانية والرومانية وما قبل التاريخ.
ويلاحق الخطر تماثيل ومنحوتات ضريح في قورينا، والتي كانت فى السابق مستعمرة يونانية، والمركز التجاري الذي يعود إلى الحقبة الرومانية في صبراتة والمنطقة الصحراوية التي تعج باللوحات الحجرية أو المنحوتات التي تعود إلى 12 ألف سنة.
ولم تعد مخاوف تكرار سيناريو آثار العراق وسوريا بعيدة عن ليبيا، خاصة مع توتر الصراع، وزيادة تهريب وبيع الآثار بشكل غير شرعي.
وكان مجلس المتاحف العالمي تعقب عمليات سرقة ونهب وتدمير لعدد من المساجد الصوفية حول طرابلس، وأضرحة وتماثيل وأعمال أثرية تعود إلى العصور الوسطى، لكنها لم تسجل أي أعمال تخريبية واسعة هدفها “مسح آثار الماضي والتاريخ”. وطالب المجلس الشرطة الدولية “الإنتربول” والجمارك ببذل مزيد من الجهود لمنع البيع والمتاجرة في الآثار الليبية المسروقة.
نقطة التقاء الحضارات
ليبيا التي تعاني من الاضطرابات السياسية اليوم، هي البلاد المترامية الأطراف والمتنوعة في جغرافيتها ومناخها وموقعها الاستراتيجي الذي جعلها نقطة التقاء عدة حضارات من العالم القديم، إضافة لتأثرها بالعديد من الثقافات.
وتمتلك ليبيا مخزوناً وتراثاً هائلاً وفريداً من الآثار التي خلفتها تلك الحضارات والثقافات التي تعاقبت عليها منذ ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا إلا أن هذا التراث الحضاري المميز مهدد وبشدة في ظل الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها ليبيا بعد 2011.
مدن التاريخ
توجد في ليبيا مدن أثرية كاملة وخاصة من فترات الحضارتين الإغريقية والرومانية من قبيل قورينا “شحات”، سوسة “أبولونيا”، توكرة، لبتوس ماغنا “لبدة الكبرى”، صبراتة وطلميثة. كذلك مواقع من الحضارتين في عدة مناطق في ليبيا من قبيل برنيق ويسبريدس في بنغازي. كذلك هناك مواقع خاصة بالحضارة الجرمانتية في جنوب غرب البلاد مثل مدينة جرمة الأثرية اضافة لعدة لفترات مختلفة بينها العربية والإسلامية في مواقع في طرابلس، اجدابيا، درنة، الخمس، طبرق، زويلة، وأيضاً مواقع من الحضارة الليبية “الأمازيغية” خاصة في مناطق جبل نفوسة أو الجبل الغربي.
كوارث مسجلة
وليبيا في عهد نظام الحكم السابق لم تكن تهتم كثيراً بالتراث الثقافي الأثري في البلاد، بمعنى أن المواطنين الليبيين لم يشعروا بمدى أهمية الإرث الحضاري التاريخي الذي يمتلكونه.
أولى وأكبر الكوارث المسجلة التي تعرضت لها الآثار الليبية بعد الثورة في مايو 2011 هي جريمة سرقة وديعة عُرفت اعلاميا باسم “كنز بنغازي” كانت قد وضعتها مصلحة الآثار الليبية في بنغازي بخزانة إحدى المصارف الحكومية وهو المصرف التجاري الوطني في شارع عمر المختار حيث تعرض المصرف إلى عملية سرقة مُحكمة في الوقت الذي كانت فيه البلاد في خضم أزمة سياسة خطيرة.
هذا الكنز احتوى على قرابة الستة آلاف قطعة من رؤوس تماثيل وقطع نقدية من معادن مختلفة وحلى ومجوهرات وقطع مختلفة الأشكال والأنواع والأحجام.
وتعاني المدن والمباني التاريخية من إهمال شديد وعدم اهتمام بصيانتها بشكل دوري أو محاسبة من يقومون بتحويرها أثناء الصيانة أو تغيير معالمها أو حتى هدمها. من الأمثلة على ذلك مبانٍ ومعالم مثل: مبنى البلدية في بنغازي، متصرفية أجدابيا، كاتدرائية بنغازي، قشلة البركة “متحف البركة في بنغازي”.
وتعرضت ليبيا لهدم مبانٍ تاريخية تعد معالم أثرية مهمة، منها هدم فندق برنيتشي قصر الجزيرة في بنغازي والذي أُنشئ في 1933 في خضم فترة الحرب التي شهدتها ليبيا بعد ثورة 17 فبراير بحجة إعادة البناء والذي أثار سخطاً واسعاً في المدينة.
كذلك تعرضت بقايا كنيسة أثرية من العهد البيزنطي في مستوطنة وادي عين خارقة قرب البيضاء لتدمير وجرف تام في فبراير 2011 من قبل أشخاص بغرض الاستيلاء على الأرض المقامة عليها.
ويوجد في مدينة قورينا “شحات” معبد الإله زيوس “رب الأرباب” في المثيولوجيا الإغريقية، والذي يعتبر أكبر معبد إغريقي بعد الباريثنون في أثينا، كذلك تعتبر مدينة كـ”لبتوس ماغنا” أو “لبدة الكبرى” أكبر مدينة رومانية كاملة لاتزال موجودة حتى يومنا بعد مدينة روما.